مجلة "ناشينال إنترست" الأمريكية- ترجمة منال حميد -
أكدت مجلة "ناشينال إنترست" الأمريكية أن السلطات السعودية تعمل على تصدير أيديولوجية إسلامية متطرفة ومتشددة، من خلال اعتمادها على إعادة نشر وترويج كتب محمد بن عبد الوهاب، الداعية الإسلامي المعروف في شبه الجزيرة العربية.
وقالت المجلة في مقال للباحث بالدراسات الإسلامية خوسيه فيسينتي، بعددها الصادر اليوم الثلاثاء: إن "مكافحة الإرهاب والتطرف كانت من أبرز وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، والسعودية تعمل الآن على تبني وجهة نظر إسلامية متشددة ومنغلقة"، ولكنه (ترامب) لم يفِ بهذا الوعد، ولم يعاقب المملكة على هذه السياسة والأفكار.
وأضاف فيسينتي: "السعودية التي قامت على أكتاف دعوة محمد بن عبد الوهاب وتحالفه القديم مع آل سعود، تعتنق مذهباً متطرفاً في تعاطيه مع الأحكام الإسلامية والذي يرفض المدارس الفكرية الأخرى في الإسلام، وتسعى من خلال المال إلى نشر هذا المذهب في العالم".
وتابع بقوله: "كنت أعتقد أن عدم فوز المرشحة هيلاري كلينتون بالرئاسة وفوز ترامب سيجعلان الولايات المتحدة أكثر استقلالية وحصانة من الضغوط الخارجية في إملاء سياسة الشرق الأوسط".
وبيَّن أن اعتقاده لم يكن في محله، بعد اعتماد ترامب على السعودية لتحقيق الأمن الإقليمي بالشرق الأوسط وعدم رغبته في اتخاذ أي إجراءات ضدها عقب قتل الصحفي جمال خاشقجي بوحشية في قنصلية المملكة بإسطنبول.
ورأى الباحث في الدراسات الإسلامية أن موقف ترامب من السعودية يتناقض مع واحد من أهم وعود حملته الانتخابية، والتي كانت قاسية ضد ما سماه "الإرهاب الإسلامي المتطرف"، ولكنه ركز وعوده على إيران من خلال اتهامها برعاية الإرهاب.
وأشار إلى أن السعودية لا تختلف عن إيران التي تدعم مليشيات شيعية مثل حزب الله اللبناني، إذ تغذي الأفكار السلفية لجماعات سُنية متشددة.
وكشف أن السعودية تموّل مدارس في جميع أنحاء العالم، بهدف محاربة أي خطاب إسلامي معتدل يمكن أن يسحب البساط من تحت أقدامها باعتبارها قائدةً في العالم الإسلامي.
واستطرد بالقول: "معركة السعودية لم تكن ضد الشيعة وحسب، وإنما أيضاً ضد السُّنة وأي نسخة فكرية سُنية معتدلة يمكن أن تزاحم الرياض".
ولفت إلى أن السعودية حاولت من خلال أموال النفط تصدير أيديولوجية إسلامية منغلقة تعود لأفكار ابن تيمية، الذي كان شيخاً للإسلام إبان احتلال المغول لبغداد سنة 656 هجرية، وبحكم أنه كان يعيش في مجتمع تعرض للتدمير والخراب، فإن كثيراً من فتاواه بُنيت على قاعدة أن الجميع يحارب الإسلام وأن الإسلام مستهدَف.
السعودية، كما يرى الباحث، قوة توسعية تهدف إلى مواجهة أي تأثير، سواء أكان غريباً أم أصيلاً، بأيديولوجيتها الخاصة.
وذكر أن السعودية تحتكر نظام التعليم الديني في باكستان، القوة النووية الإسلامية الوحيدة بالعالم، منذ ثمانينيات القرن الماضي، من خلال تمويل المدارس الدينية ومساجدها.
وفي إندونيسيا، تسببت مساجدُ موَّلتها السعودية في عديد من المشاكل الطائفية التي لم تكن معروفة من قبلُ في البلاد، حيث أشارت تقارير إخبارية إلى أن دعاة في المساجد طالبوا بقتل الشيعة في إندونيسيا، لأنهم "على ضلال"، وفق الباحث.
وأوضح أن السعودية تهدف إلى أن تكون قادرة على السيطرة على ملايين الأشخاص، وجعل تلك الدول تابعة لقيادتها، ومنع أي تأثير عليها حتى من قِبل حلفاء السعودية كالولايات المتحدة.
المشكلة لا تتوقف عند العالم الإسلامي، بحسب الباحث، وإنما السعودية سعت وتسعى إلى التوسع في الغرب من خلال تمويل المساجد والدعاة، ففي عام 2017، وجد تقرير لوزارة الداخلية البريطانية أن السعودية كانت أكبر مصدر للتطرف في المملكة المتحدة.
وفي أعقاب التقرير، قال السير ويليام باتي، السفير السابق للمملكة المتحدة لدى السعودية، إنه بينما كانوا يمولون المساجد، فإنهم لم يكونون يدركون عواقب أيديولوجيتهم.
هذا الدفاع غير المسوغ، بحسب الباحث، مثير للدهشة وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة، فحتى الإمام السابق للحرم المكي، الشيخ عادل الكلباني، قال إن "داعش" نتاج مباشر للفكر السلفي.
ورأى الباحث المتخصص بالدراسات الإسلامية، أنه لا توجد وسيلة لمحاربة التطرف دون مواجهة دور السعودية في ذلك، "وعلى ترامب مواجهة السعودية، خاصة بعد قتلها خاشقجي، لذا كان عليه العمل على إقالة ولي العهد محمد بن سلمان، وإلغاء صفقات الأسلحة، ومحاسبة المتورطين بسبب تصرفاتهم العدائية في نشر أيديولوجية العنف".
كان يُفترض بترامب، يقول الباحث، أن يخبر السعوديين بأن قضية خاشقجي هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وأنهم بحاجة إلى الإصلاح أو مواجهة العزلة، تماماً كما تم التصرف مع إيران.