متابعات-
أكد زعماء كل من ماليزيا وتركيا وقطر وإيران، في الجلسة الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية، صباح الخميس، ضرورة إيجاد الحلول العملية للمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي، رافضين الاستسلام للتحديات والعقبات التي تواجه الأمة.
في بداية الجلسة، أكد رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" أن القمة، التي تستضيفها بلاده تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، لا تهدف إلى مناقشة الأديان، وإنما كل تركيزها هو مناقشة أوضاع المسلمين في العالم، وإيجاد حلول عملية ومقبولة لمشكلات العالم الإسلامي والمنطقة.
وأكد أن القمة لا تستهدف إقصاء أي طرف أو ممارسة التمييز ضد أحد، موضحا أنه لم يكن ممكنا جمع كافة الدول الإسلامية على طاولتها.
وقال: "نحن نعتمد على من يبعدوننا عن طريقنا، لقد وصلنا إلى عدم احترام العالم، لم نعد نماذج للحضارة البشرية، منذ زمن طويل أصبح مُسيطرا علينا من قِبل القوى الغربية، يجب الآن أن نحرر أنفسنا".
وأضاف: "لم نقم بما يجب علينا فعله كدول مستقلة، نحن نبكي على غياب الحضارة الإسلامية، ندعو الله أن يساعدنا، لكن يجب أن نعلم أن عون الله لن يأتي إن لم نقم بما علينا فعله".
"مهاتير" حذر، أيضا، من أن بقاء الأوضاع الراهنة على حالها يعني أن معاناتنا ستستمر، والإسلام العظيم سيتم الاستهزاء به بشكل أكبر، ومزيد من المسلمين سيتم طردهم من بلادهم.
وقال: "هذه الحالة الراهنة لم تكن بالماضي، كان المسلمون يُعاملون باحترام؛ لذلك علينا أن نبحث عن أسباب السقوط، التي أدت بنا إلى هذا الحال".
وتطرق رئيس الوزراء الماليزي، كذلك، إلى تحديات كبيرة تواجه العالم الإسلامي، مثل ضعف الثقافة الإسلامية، وعدم معرفة شباب المسلمين بهويتهم؛ وهو ما يؤدي إلى فرض هيمنة الغرب علينا.
أما الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" فتعجب من الحالة السيئة التي تعيشها الدول الإسلامية من فقر وحروب وضعف، رغم كل الطاقات الهائلة التي تتمتع بها البلدان الإسلامية.
وقال: "هذا الأمر يدفعنا للبحث عن أسباب المشاكل التي تواجه المسلمين في العالم".
كما أكد "أردوغان" أن القمة ستناقش مواضيع الأمن والاستقرار والتجارة والدفاع، مشيرا إلى أنه يجب البحث عن سبل التعاون في هذه المجالات بين الدول الإسلامية.
وشدد الرئيس التركي على أن الدول الإسلامية ليست ضعيفة من ناحية القدرات، ولا يوجد فرق كبير بينها وبين الدول المنافسة، خاصة أنها تمتلك نصف الثروة النفطية في العالم، مرجعا الضعف الذي تعاني منه الأمة إلى أنه يكمن في عدم تنفيذ قراراتها.
وقال: "سبب كل ذلك هو التهرب من المسؤوليات، نتمنى أن تكون القمة فاتحة خير علينا جميعا".
وشدد على أنه "لا يمكن أن ترك مصير العالم الإسلامي، الذي يبلغ تعداده سكانه 1.7 مليار نسمة، لمزاج 5 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن"، مردفا: "نحن بحاجة إلى نظام عالمي جديد، وسنبحث ذلك في قمتنا".
من جانبه، شدد أمير قطر "تميم بن حمد" على أن قمة ماليزيا ستبحث في كيفية استقرار الدول الإسلامية؛ لأن الاستقرار من أهم شروط التنمية، ويتطلب علاقات متوازنة بين الدول تقوم على المصالح المشتركة.
وأكد أن هذه القمة لن تكون مجرد مناظرة بين الزعماء، بل تهدف إلى إيجاد حلول لمشاكل العالم الإسلامي.
وخاطب أمير قطر العالم الإسلامي، قائلا: "اللجوء لتفسير فشلنا بأنه مؤامرة لن يعود بالنفع علينا، في بعض الأحيان يوجد مؤامرات حقيقية، لكن لا يجب استخدامها لتبرير أخطائنا؛ فهذا يُعتبر عجزا سياسيا وكسلا فكريا".
وأكد الأمير أنه "لا تناقض بين الثقافة الإسلامية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، وأن الدين الإسلامي ليس دين ديكتاتورية".
وأضاف "تميم" أن العالم يشهد حاليا ازدواجية معايير حتى في التعامل مع حقوق الإنسان؛ "لدرجة جعلت البعض يتخذ مجرمي الحرب حلفاء".
كما شدد على أنه "لا يمكن الحفاظ على السيادة الوطنية في ظل التخلف والتبعية الاقتصادية، يجب على الدول الإسلامية تحقيق التمكن الذي يعتبر ركنا من أركان السيادة والتنمية الوطنية".
أما الرئيس الإيراني "حسن روحاني" فحذر من أن ضعف الثقافة الإسلامية، وغياب الشباب عن ثقافتهم وهويتهم، هو ما تسبب بالمشاكل الكبيرة التي تواجه العالم الإسلامي.
وأضاف "روحاني": "هذا الأمر أدى بالنهاية إلى فرض هيمنة الغرب علينا".
وتطرق إلى مبدأ العقوبات الاقتصادية التي تفرضها قوى كبرى على حكومات ودول إسلامية، قائلا إنها "باتت أدوات رئيسية لدول تنتهج سياسة التنمر من تلك الدول".
واعتبر الرئيس الإيراني أن الحرب في سوريا واليمن، وما وصفها بـ"الفوضى" في العراق ولبنان وأفغانستان، هي "نتاج التطرف والتدخل الخارجي".
وطالب بتكامل اقتصادي بين الدول الإسلامية، معتبرا أن هذا بات ضرورة ملحة.
وفي وقت سابق، الأربعاء، وصل كل من "أردوغان" و "روحاني" و"تميم" ووفود رفيعة من باكستان وإندونيسيا للمشاركة في القمة، بعد اعتذار رئيس الوزراء الباكستاني والرئيس الإندونيسي عن عدم الحضور.
والثلاثاء، قال "مهاتير" إنه أجرى اتصالا مرئيا بالعاهل السعودي، الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، قائلا إن الأخير "لديه رأي مختلف عنا، وهو أنه سيكون من الأفضل إذا تمت مناقشة مثل هذه الأمور في اجتماع كامل لمنظمة التعاون الإسلامي".
وحسب وكالة الأنباء الماليزية الرسمية (بيرناما)، جاءت فكرة عقد القمة الإسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة" بنيويورك، أثناء لقاء "مهاتير" مع "أردوغان" ورئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان".
وتأتي قمة كوالالمبور بعد مؤتمر نوفمبر/تشرين الثاني 2014، الذي شارك فيه عدد كبير من المفكرين والعلماء من العالم الإسلامي، ووضعوا أفكارا وحلولا للمشاكل التي تواجه المسلمين، ولهذا تأتي مشاركة القادة هذه المرة للاتفاق على آلية لتنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.