يوسف حمود - الخليج أونلاين-
تتسارع الخُطا يوماً بعد آخر لتنظيم أعمال المساجد في السعودية، ضمن رؤية أعدتها حكومة المملكة، فيما تقول إنه يأتي في سياق إبعاد المساجد عن الاستغلال الديني والشخصي، والحفاظ على دورها الإسلامي.
وتحتضن السعودية أكثر من 98 ألف مسجد وفق أرقام نشرتها صحيفة "عكاظ" السعودية عام 2021، وتقع جميعها تحت إدارة حكومية عملت مؤخراً على ضبط طريقة إدارة المساجد.
وكان أبرز ما قامت به تحديد ضوابط جديدة، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يكون للمساجد خلاله دور كبير مع ازدياد عدد روادها، ومسارعة كثيرين لتقديم التبرعات المادية والمالية؛ وهو ما دفع بالمسؤولين السعوديين إلى اتخاذ قرارات تحد مما كان يحدث سابقاً في مساجد المملكة.
قرارات جديدة
قبل أقل من شهر على قدوم رمضان 2023، أعلنت السعودية السماح بإقامة موائد الإفطار بالمساجد، فيما منعت التصوير وبث الصلوات خلال الشهر الذي يحل بعد أقل من 3 أسابيع.
وفي بيان صادر عن وزارة الشؤون الإسلامية نشرته بحسابها الموثق على "تويتر"، أصدر الوزير عبد اللطيف آل الشيخ تعميماً بشأن استقبال رمضان يتضمن 10 ضوابط، منها "عدم تغيّب الأئمة والمؤذنين إلا للضرورة القصوى"، و"الالتزام بمواعيد الأذان حسب تقويم البلاد"، و"مراعاة أحوال الناس في صلاة التراويح (..) وعدم الإطالة في دعائها".
كما تشمل: "الانتهاء من صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان قبل أذان الفجر بمدة كافية بما لا يشق على المصلين"، إضافة إلى "عدم استخدام كاميرات في المساجد لتصوير الإمام والمصلّين أثناء أداء الصلوات، وعدم نقل الصلوات أو بثها في الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها"، و"مسؤولية الإمام عن الإذن للمعتكفين ومعرفة بياناتهم".
ونصت على "عدم جمع التبرعات المالية لمشاريع تفطير الصائمين وغيرها، وأن يكون إفطار الصائمين إن وُجد، في الأماكن المهيأة لذلك في ساحات المسجد وتحت مسؤولية الإمام والمؤذن".
خطوات سابقة
لم يكن الإعلان الجديد هو الأول في تاريخ المملكة، فقد سبقه آخر في مايو 2021، حين وجهت الوزارة منسوبي المساجد بقصر استعمال مكبرات الصوت الخارجية على رفع الأذان والإقامة فقط.
ونص القرار على ألا يتجاوز مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة ثلاث درجات بجهاز مكبر الصوت، واتخاذ الإجراء النظامي بحق من يخالف ذلك عملاً بالقاعدة الفقهية.
خطوات أخرى اتخذت خلال العام الجاري، ففي يناير الماضي، دشن وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد نظام إدارة شؤون المساجد.
ويمكّن هذا النظام وكالة الوزارة لشؤون المساجد من بناء قاعدة بيانات متكاملة لإدارة المساجد بالمملكة إلكترونياً، وزيادة عدد الخدمات الخاصة بنظامها وشؤونها.
وسيسهم النظام في حصر المواقع الجغرافية للمساجد من خلال تقنيات الخرائط الرقمية، وإتاحة التكامل وتبادل المعلومات مع الجهات الحكومية الأخرى، وحصر صكوك المساجد ومرافقها والأراضي التابعة لها، وإعداد الإحصائيات اللازمة وإدارة التعديات بأنواعها، والمساهمة في خفض تكاليف إدارة المساجد، وتأسيس قاعدة بيانات لجميع المساجد.
كما ينص على "حصر الكوادر البشرية لكل مسجد، وتقليل تكاليف تنوع الأنظمة ورفع مستوى الدقة لميزانية وظائف الأئمة والمؤذنين والربط مع النفاذ الوطني لرفع دقة البيانات وتمكين منسوبي المساجد من خدمات الموارد البشرية الإلكترونية المقدمة في أنظمة الوزارة".
عقوبات مشددة
لم يتوقف الأمر عند القرارات التي اتخذت فقط، بل بدأت السلطات السعودية بإجراءات تفتيشية ورقابية على المساجد، حيث وجهت اتهامات لبعض الأئمة والمؤذنين باستغلال مرافق مساجد، وتأجيرها بمبالغ وصلت إلى نصف مليون ريال، أي ما يعادل أكثر من 133 ألف دولار أمريكي.
وتحدث تقرير لقناة "الإخبارية" الرسمية أواخر يناير الماضي، عن تعدي أكاديمي، يعمل بإحدى الجامعات السعودية، يحاضر طلابه في الصباح، ويؤم المصلين بعد العصر، على مرافق جامعٍ شمالي مدينة جدة.
وفي يناير أيضاً، كشف موقع "سبق" المحلي أن وزارة الشؤون الإسلامية قد رصدت تعديات على مرافق المساجد بفضل جولات رقابية مفاجئة، تقوم بها الفرق الميدانية.
وأوضح أن الفرق تمكنت من رصد "عدد من الاختلاسات المالية"، تمثلت في استغلال عدادات الكهرباء والمياه، عبر تأجير مرافق المساجد لسكن عزاب وعوائل، وبناء عشوائي على شكل غرف وشقق سكنية ومحال تجارية بعقود غير نظامية، واستغلال مواردها المالية لجهات غير رسمية.
كما رصدت وجود عدد من الشقق والغرف السكنية، منها 10 شقق في فناء مسجد، وتسع غرف في قبو أحد الجوامع، مؤجرة بالكامل منذ سنوات طويلة.
وكشفت الجولات الميدانية عن تعديات على المساجد بمبالغ تجاوزت ثلاثة ملايين ريال (نحو 800 ألف دولار).