إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين-
في مشهد إقليمي ودولي ملتهب تتزايد فيه مسببات التطرف، تدرس دول مجلس التعاون الخليجي إنشاء مرصد لمكافحة التطرف، وحملات الكراهية ضد المسلمين.
المقترح قدمه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، خلال الاجتماع العاشر لوزراء الأوقاف الخليجيين، في سياق المسعى الخليجية الدؤوبة من أجل مكافحة التطرف، واستغلال هذه الآفة للإساءة للإسلام، والتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا التي باتت تشكل هاجساً كبيراً للمسلمين في كل مكان.
مرصد علمي
البديوي قال في كلمة ألقاها خلال اجتماع وزراء الأوقاف، الأحد 6 أكتوبر في الدوحة، إنه من المهم التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا التي انتشرت في العالم بسبب بعض الجهات المعادية للدين الإسلامي الحنيف.
كما شدد على ضرورة إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف من خلال لجنة تضم الوزراء المسؤولين عن الشؤون الإسلامية والأوقاف بمجلس التعاون، في حين تشير المعلومات إلى أنه تم تكليف إحدى الدول لتجهيز تصور وتوصيات حول هذا المشروع.
ولفت إلى أن هذا المقترح "هام ومطلوب، وسيعمل على إبراز الصورة الحقيقية للإسلام ومواجهة حملات الكراهية التي يتعرض لها المسلمين في كل مكان".
ولدى مجلس التعاون الخليجي رصيد في مكافحة التطرف والإرهاب، وسبق أن أقرت دول مجلس التعاون الخليجي، في العام 2002، الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب، كما أصدرت في العام ذاته "إعلان مسقط بشأن مكافحة الإرهاب"، وغيرها من الإجراءات والخطوات الجماعية والذاتية لمكافحة التطرف والإرهاب.
وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية العماني محمد بن سعيد المعمري في هذا الصدد: إن من مسؤولية الحكومات "حماية المجتمعات من الأفكار والأيديولوجيات الضارة التي تشوه حقيقة هذا الدين، الذي يجمع النفوس على الخير والسلام".
جهود خليجية
وخلال السنوات القليلة الماضية، كثفت دول الخليج من جهودها لتعزيز جبهة التصدي للتطرف، واستضافت العديد من المبادرات والفعاليات، أبرزها استضافة مكة المكرمة للمؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي، في أغسطس الماضي، بهدف تعزيز الوسطية والاعتدال.
المؤتمر حينها أكد أهمية مكافحة خطابات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، كما خرج بعدد من التوصيات، أبرزها الدعوة إلى منهج الوسطية والاعتدال، وتصحيح فهم الخطاب الديني، ومحاربة الغلو والتطرف.
كما استضافت العديد من دول الخليج مؤتمرات لمكافحة التطرف والخطاب المعادي للمسلمين، وكانت السعودية في صدارة تلك الدول من خلال استضافة العديد من المؤتمرات، فضلاً عن إطلاق المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال"، في مايو 2017، خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض.
مركز "اعتدال"
ويمكن القول إن مركز "اعتدال" لمكافحة الفكر المتطرف هو أهم مبادرة خليجية في هذا السياق، وخلال السنوات الـ8 الماضية، حق المركز نجاحات كبيرة في التصدي لظاهرة التطرف.
ومنذ تأسيسه سخّر المركز التكنولوجيا لمكافحة الفكر المتطرف، ونجح بشكل كبير في التصدي لهذه الظاهرة في مواقع التواصل ووسائل الإعلام عموماً، كما طور برمجيات مبتكرة وعالمية لرصد وتحليل وتصنيف أي محتوى متطرف، وبدرجة غير مسبوقة من الدقة.
فعلى سبيل المثال نجح المركز، بالتنسيق مع منصة "تليغرام"، في إزالة أكثر من 129 مليون محتوى متطرف، وإغلاق أكثر من 14 ألف قناة على المنصة، خلال الفترة من فبراير 2022، وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024.
خطوة ضرورية
وبالنظر إلى المصالح الخليجية الواسعة، والرغبة المتنامية لدى الحكومات الخليجية في تطوير علاقاتها بالعالم، وتحول منطقة الخليج إلى منطقة جذب عالمية للاستثمارات والسياسات والفعاليات، كان لا بد من مواجهة خطاب التطرف، والتصدي لكل خطاب يثير الكراهية.
ومن وجهة نظر الباحث عبد العزيز العنجري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات، فإن إنشاء المرصد في هذه المرحلة الحساسة يمثل خطوة ضرورية، نظراً للتحديات التي تواجهها المجتمعات الإسلامية، موضحاً في تصريح لـ"الخليج أونلاين":
المرصد ضرورة في ظل تزايد ظاهرة التطرف من جهة، وتصاعد موجات الإسلاموفوبيا من جهة أخرى.
هذه المبادرة تعكس الوعي بأهمية وجود أداة علمية تقدم بيانات وأبحاثاً موضوعية، تسهم في تعزيز الجهود المبذولة لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام كدين تسامح واعتدال.
الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، أضاف بُعداً ديناميكياً لعمل المجلس، يحفز على التغيير الإيجابي ويعزز من قدرة المجلس على التصدي للتحديات الحالية.
دور المرصد العلمي الخليجي لمكافحة التطرف سيكون حيوياً في توجيه الخطاب الإسلامي والدفاع عن قيمه عبر وسائل علمية تؤثر في الساحة الدولية.
سيساهم المرصد في مواجهة حملات التشويه التي تستهدف الإسلام والمسلمين من خلال تزويد الحكومات والمؤسسات الإعلامية والدينية بالمعلومات اللازمة، مما يعزز قدرتها على التصدي لحملات الكراهية والتطرف.
"في مركزنا "ريكونسنس للبحوث والدراسات"، نؤمن -بناءً على ما طُرح في حلقاتنا النقاشية السابقة- بأن إصلاح المجتمعات الإسلامية وتعزيز الحوار الداخلي هما الأساس لمواجهة هذه التحديات.
المشاركون في ندوة المركز حول الإسلاموفوبيا أكدوا أنه "لا يمكن مواجهة تلك الظواهر دون تفعيل أدوات الحوار والتواصل الحضاري، والاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية والدبلوماسية بشكل مدروس لفرض احترام المقدسات الإسلامية عالمياً".