حسين الراوي- الراي الكويتية-
الدعوة إلى الله تعالى هي أشرف عمل يمكن للمرء أن يتصدّر له، كيف لا؟ والدعوة إلى الله هي مهمة ورسالة الأنبياء والرُسل والصالحين من بعدهم، والدعوة إلى الله بابها ليس مفتوحاً على مصراعيه لكل من هب ودب، بل يشترط في الداعية إلى الله أن يكون أولاً ذا عِلم بالدين وليس جاهلاً به، وأن يكون الداعية عفيف اللسان، وحكيماً فطناً، وليناً في حواره مع الناس، وصبوراً على آذاهم، وأن يقدم لهم في دعوته لله ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم. قال تعالى: «قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي» سورة يوسف: [108]. وقال تعالى: «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» سورة النحل: [ 125 ].
ولقد تصدّر للأسف في هذا الوقت بعض السفهاء للدعوة، من الذين لا يدعون لله تعالى بِعِلم وبصيرة وحكمة ورصانة وحياء، حيث تلاحظ أن أهم ما يميّز ذلك الصنف الذي يُسمى ظُلماً دعاة.. الكلام غير العفيف، والتهريج القبيح، والقهقهة الدائمة العالية، وبعض الإيحاءات غير الأخلاقية، وترديد الكلمات الشوارعية. وتجد أن الفئة التي يستهدفها هذا الصنف من الدعاة هي فئة المراهقين من الشباب، حيث اعتادوا أن يحولوا محاضراتهم الفارغة إلى مسرحيات كوميدية يُمضون وقتهم فيها بالضحك السخيف والتنابز بالألقاب وذكر قصص من حكايات الشارع وعالم التفحيط وشم الباتكس والتسكع ومغامراتهم العفنة قبل أن يصبحوا (مطاوعة)!
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في شروط الداعية لله تعالى: «السُنة للداعي أن يراعي وأن يجمع بين الحكمة والعلم قال الله قال الرسول، ويعتني بالموعظة الحسنة الترغيب والترهيب، يذكر ما جاء من الوعيد في المعاصي وما جاء من الأجر العظيم والفائدة الكثيرة في الطاعات، يجازي بالتي هي أحسن لما عنده من الشبه والاشتباه يجازي بالتي هي أحسن والبيان الواضح ولا يشدد بل يرفض لأن هذا أقرب إلى القبول والتأثر، ولا بد من شرط البصيرة، شرط العلم لا بد يكون الداعي عنده بصيرة وعنده علم».
وفي نهاية المقال.. أُوصي الأخوة الكِرام في وزارتي الداخلية والأوقاف أن ينتبهوا جيداً لخطورة هذا الصنف الأجوف من الدعاة، وأن يمنعوهم من تصدّر المنابر، وأن يوقفوهم ولا يسمحوا لهم بمخاطبة الشباب عبر محاضراتهم التافهة التي تخلو من قال الله تعالى وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، حيث إن خطرهم كبير على أخلاق شبابنا المراهقين الذين يظنون أن هؤلاء خير قدوة لهم وهم بعيدون عن ذلك! وألا يتكرر دخولهم لبلادنا من أجل إلقاء محاضراتهم كما وقع ذلك في بعض المهرجانات والمواسم السابقة.