قينان الغامدي- الوطن السعودية-
ما هي الجريمة الأخلاقية التي ارتكبها الأستاذ الأديب أحمد الهلالي المسؤول الإداري في نادي الطائف الأدبي الأسبوع الماضي، حتى يطارده أعضاء الهيئة في الشارع أمام النادي، وعلى مرأى من الجميع؟ ولماذا هرب الهلالي؟
سأجيب عن هروب الهلالي، أمَّا سبب المطاردة فيجب أن تجيب عنه الهيئة.
الهلالي هرب، لأنه قال لعضوي الهيئة: لا يجوز لكم اقتحام النادي بهذه الصورة وكأن داخله "ملهى ليلي"، فغضبا، وخشي أن ينقضا عليه، فيضربانه أو يقبضا عليه، وتلفق له تهمة غير التي يعرفها ورآها الحضور بأنفسهم، فهرب، وانطلقا خلفه، حتى يئسا من اللحاق به!
حسناً.. ما الحكاية؟ الحكاية باختصار أن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "لا تعترف بكثير من الأنظمة، وليس لها عمل محدد يعرفه الناس، ولذلك فمعظم أعضائها بسطوة وادعاء "حماية الفضيلة" يجترحون لأنفسهم عملاً، فيحملون "مصباح علاء الدين!" في أيديهم وعقولهم بحثاً عن "منكر" لينكروا عليه، فإن وجدوا استجابة وخنوعا، وإلاَّ حولوه إلى قضية، واتهام وإلى المحاكم.
الآن نرى ونحضر، مناسبات وحفلات كثيرة يشرفها ويرعاها قائدنا ومليكنا، أو ينوب عنه أحد أمراء المناطق أو الوزراء، وفي كل المناطق، ويحضرها الرجال والنساء معاً، وغالباً في قاعة واحدة يجلس الرجال في جهة والنساء في جهة أخرى، ورأينا وشاهدنا نساء كثيرات رائدات ومتفوقات يصعدن إلى منصة الحفلات لإلقاء كلماتهن أو للتكريم، وعضوات مجلس الشورى يجلسن مع الأعضاء في قاعة واحدة ويشاركن في النقاش والتصويت، ولم نسمع أو نر أي مشكلة أو اعتراض في هذا الأمر مطلقاً، فالكل يعرف –ولله الحمد– الآداب والأخلاق والقيم والأنظمة، ويلتزم بها، ويطبقها، والجميع يعرف في دول المسلمين كلها، وفي مذاهبهم، أن المحرم هو "الخلوة" وأن "الاختلاط" ليس محرَّماً مطلقاً، ومع هذا فمن أجل "باب الذرائع الواسع!"، ولكي "تؤمن الفتنة المتخيلة!" فإن جهات كثيرة تضع قاعة للرجال وأخرى للنساء، وتربط بينهم صوتياً، أو تكتفي بقاعة واحدة مفصولة بين الجنسين بحاجز، يعني في كل الحالات لا تجلس امرأة بجوار رجل.
إذًا؛ ما هذا "السعار" الذي يصيب الهيئة حين يتعلق الأمر، بقطاعات الثقافة والفنون، وهي قطاعات "منضبطة" بكل الأنظمة الموضوعة، ولا تقيم نشاطاً إلا ولديها كل الموافقات النظامية حتى من الهيئة نفسها، مع أنني لا أرى مبرراً واحداً لاستئذانها مطلقاً، ولكن لكي تطمئن الهيئة على "الفضيلة" التي تدعي حمايتها، يجري استئذانها.
فما الذي يحدث؟ ومن يخول للهيئة اقتحام أي منشأة بالقوة وتفتيشها؟ وكيف يحدث ويتكرر هذا، ولا رادع لها؟
لقد قلت وأكرر، إن الهيئة لا يوجد لها –فعلاً– لا عمل، ولا حاجة لوجودها أصلاً، وإن أفعال كثير من أعضائها مع الناس تسيء إلى شعيرة "الأمر بالمعروف" نفسها، وإلى سمعة الدولة، وإن كل أجهزة الدولة عندنا "تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر" بمعناه الصحيح، وإن التدخل في خصوصيات الناس، والاعتداء على حرياتهم المباحة، محرم شرعاً وقانوناً وعقلاً، وأنظمة وطننا تتطور وتتكامل لتحقيق ما يتطلع إليه الناس من حفظ حقوقهم وحرياتهم، وطمأنينتهم، فما سبب هذه الخروقات "الشنيعة"، التي ترتكب باسم الدين نفسه في بلد "إسلامية" كلها مسلمون قيادة وحكومة ومواطنين، وما هذا التصرف "النشاز" الذي يمارسه جهاز من أجهزة الدولة.
ومع الأسف وكل ما حدث شيء من هذه التصرفات غير المقبولة لا عقلاً ولا شرعاً ولا نظاماً، نجد العذر الجاهز بأنها "تصرفات فردية" لا تمثل الجهاز، فمن الذي يمثل أي جهاز إن لم يكن أفراده؟
الخلاصة أنني تأملت منذ زمن في كل الأحداث والجرائم التي تباشرها "الهيئة"، ولم أجد فيها أي عمل لا توجد جهة حكومية أخرى قائمة ومسؤولة عنه، باستثناء "التجسس، واستنبات المنكر من العدم، والاقتحام دون استئذان" فهذا خاص بها، فإن كان هذا عملاً مشروعاً، فإنني أستغفر الله العظيم.