فهيد العديم- مكة نيوز السعودية-
وأجزم أن مصطلح «هوشة» هو الأنسب لكثير من حواراتنا، وأظن الكثير من القراء يستمتع -مثلي- بمشاهدة «الهوشات» خاصة بعد أن افتقدنا متعة كوننا جزءاً منها منذ مغادرة آخر اختبار في المرحلة الثانوية، وفي الأسبوع الماضي كانت «الهوشات» حافلة، ففي الوقت الذي كنا نشاهد فيه «الديربي» بين قينان والنجيمي -مع حفظ الألقاب للجميع- على الهواء (والهوى) مباشرة – بصحبة الأنيق الفطن علي العلياني، كانت هناك بنفس الوقت هوشة «كلاسيكو» لا تقل إثارة وثورة بين حمزة المزيني ومحمد العبداللطيف، وأقول «هوشات» وليس حواراً، لأن الحوار لا يتسبب بإصابات، فيما هوشات النخبة يكون أول المتضررين منها هو «محور الحديث»، ففي كلا اللقاءين كان «محور النقاش» يتلقى ركلة قاتلة في الدقيقة الأولى، ويتم تجاوزه وهو مضرجاً بدمائه (أعجبتني مضرجاً!)، فقينان والنجيمي كان المحور – المُفترض- هو (تيار السرورية)، وقد كان رهاني كرهان النجيمي بأن قينان لن يستطيع أن يقول كل ما يعرف، لكنه فعلها وقال!، ولهذا لجأ النجيمي (بخبراته الخطابية الشفوية) إلى طريقة (الحوار الصعب) أي تجاوز الفكرة سريعاً، واستدعاء مهارة حُسن التخلص، ثم محاولة جر المحاور للمنطقة التي يرى أنه الأقوى فيها، فمحمد سرور زين العابدين الذي تعاقدت معه المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود حيث عمل في الأحساء والقصيم ودرس في المعهد العلمي ببريدة، هو مجرد (معلم رياضيات) بالنسبة للنجيمي، رغم أنه قرأ (كل) مؤلفاته، وأُعجب بأحدها (الذي لم يكن بالتأكيد يتكلم عن الرياضيات)، هنا كمشاهد انتهى الحوار بالنسبة لي، لكنني أكملت المشاهدة بسبب حضور وكاريزما العلياني الذي كان في تلك الليلة في أبهى صوره.
في «هوشة الكلاسيكو» بين المزيني والعبداللطيف (في تويتر) كان أيضاً «المحور هو الضحية»، فالمزيني انتقد وجود أخطاء نحوية في مقال للعبد اللطيف، وبدلاً من أن يدافع العبداللطيف أو يعتذر لجأ لطريقة (جر الآخر للنقطة التي يريد)، فالمحور / السؤال هل في المقال أخطاء نحوية أم لا؟ لكن الجواب أتى: (أنت تعرجت كتاب مليء (هكذا) بالأخطاء المفاهيمية وأنت لا تعرف في الموضوع إلا ظاهره فقط ولم نشهر بك..)، وهذه الطريقة (طريقة الهروب للأمام )، تحتاج ذكاء لكنها لا تحتاج لشجاعة، فكما أن الشجاعة أحياناً أن تُقدم، فإنها أحياناً كثيرة أن تقف، والقارئ أو المتلقي بشكل عام لم تعد عنده الرغبة ليذهب بعيداً (لمكان آخر) كي يعرف النتيجة، فحتى الخبر والمعلومة الآن تأتي للمتلقي حتى دون أن يبحث عنها، وأنا كقارئ ومحب ومتابع لكل هؤلاء الذين ذكرتهم أطمح وأطمع أن يُضيفوا لي شيئاً عند متابعتهم، ولو -على الأقل- شتيمة تكون بأسلوب بلاغي مدهش!