دعوة » مواقف

(الحرابة).. العقوبة الرادعة للإرهاب

في 2016/01/05

الرياض السعودية-

أكد عدد من المختصين في الشريعة الإسلامية وعلم الاجتماع والجريمة أهمية تفعيل العقوبات الشرعية لمواجهة جرائم الإرهاب وجرائم ترويع الآمنين في المجتمع مؤكدين ل "الرياض" أن عقوبة تطبيق الحرابة بحق المجرمين من العقوبات التي جاءت في الشريعة الإسلامية لاستئصال الجريمة والحد منها مشيرين إلى أنّ تنفيذ مثل هذه العقوبات والإعلان عنها سيؤدي بإذن الله تعالى إلى استئصال الجريمة من جذورها وسوف تردع كل من تسول له نفسه لإرهاب المجتمع وإثارة الفوضى وترويع الآمنين في المجتمعات مشددين على أهمية تحقيق الأمن في المجتمع وأن الأمن من أهم القيم العظيمة التي لا يمكن لأي مجتمع أن يستقر بدونها.

خونة مفسدون

في البداية قال أ. د. حمزة بن سليمان الطيار -الأستاذ بالمعهد العالي للدعوة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وأمام وخطيب جامع الراجحي-: علم الجميع ما قامت به دولتنا المباركة أعزها الله ونصرها من قطفٍ لرؤوس بعض أفراد الفئة الضالة، الخارجة عن سياق الدين والوطن، وحدود الشهامة والمروءة، الذين اقترفوا جرائم منكرة، وارتكبوا موبقات قذرة، حيث لم يمنعهم من ذلك لا وازعٌ ديني، ولا رادعٌ خلقي، مؤكّداً أن القتل حرابة أقل وأخف العقوبات التي يستحقها هؤلاء ويضيف وما القتل حرابة إلا أقل وأخف العقوبات التي يستحقها هؤلاء الخونة المفسدون، الذين ارتدوا معطف الدين تلبيساً وتمويهاً؛ لتحقيق مآرب إجرامية بيتوها ظلماً وعدواناً، ليكون في قتلهم تنكيلٌ، وبلاءٌ، وإهدارٌ لآدميّة من يهدر آدميته، حين يضيّع حقوق اللّه، ويستخفّ بها، ويهدر حقوق الناس ويغتالها، ويستبيح دماءهم وأموالهم، ويتعدى على مكتسبات الوطن ومقدراته، وأمنه واستقراره.

وأضاف إنّ الله عز وجل يقول: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)، فالقتل حرابة هو العقاب الذي رصده اللّه سبحانه لتلك الجرائم المنكرة، لمن يكونون مصدر فتنة وقلق واضطراب للمجتمع الإسلامي، ولمن يفتنون الناس عن دينهم، ويؤلفون مع أعداء الخارج حلفاً لمحاربة الإسلام والوطن والكيد لهما، وحيث كان منهم هذا الغدر اللئيم الذي جمع بينهم وبين الأعداء الخارجيين، حين جاؤوا إلى بلدهم ووطنهم يريدون القضاء على رغده ورخائه، وزعزعة أمنه واستقراره، والعبث بقيمه ومبادئه، ومحاربة أولياء الأمر، وإشاعة الفوضى في المجتمع، وإيقاع الفرقة والشقاق والخلاف بين المواطنين، فكان مصيرهم القتل الذي به تحسم مادة شرهم عن المجتمع، وتكف به غائلتهم عن الوطن، وصدق الله: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

أسس قيام الدول

من جانبه علق اللواء د. سعد الشهراني -عميد القبول والتسجيل بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية- على بيان وزارة الداخلية حول تنفيذ حد الحرابة بالمتورطين في قضايا الإرهاب بقوله: تفخر المملكة العربية السعودية بأنّها تحتضن الكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وهذا تشريف وتكليف من الله سبحانه وتعالى وفي نفس الوقت هي مهبط الوحي، وتأخذ هذا التشريف والتكليف بأعلى درجات المسؤولية وهي دولة قامت على الإسلام وتطبق شرع الله ولا تأخذها في الحق ولا في ذلك لومة لائم، مبيّناً أنّ من أهم أسس قيام الدول واستقرارها تنفيذ أحكام القضاء المستندة على التشريعات الواضحة والعادلة فكيف إذا كانت هذه التشريعات والأحكام شرعية لا وضعية والدول والمجتمعات لا تستقر ولا تأمن إطلاقا مع وجود مهددات لوجودها وللمجتمع والجماعات والأفراد.

وأضاف أن الأحكام التي صدرت ونفذت في حق هؤلاء المجرمين والخارجين والمفسدين في الأرض هي أحكام حق وعدل فقد استباحوا الدماء والحرمات والذمم والأموال وافسدوا في الأرض فسادا عظيما وهذا جزاؤهم في الدنيا وسيواجهون رب الأرباب في الآخرة، مبيّناً أنّ الملاحظ أنّ جرائم هؤلاء امتدت عل مدى اكثر من عقد ونصف العقد من الزمان وهذا يدل على أن التحقيقات وتطبيق الأنظمة الجزائية والعدلية والعرض على الدرجات القضائية المختلفة أخذت الوقت الطويل من هيئات التحقيق والادعاء ومن القضاة والمحاكم حتى صدرت هذه الأحكام.

وأشار إلى أنّ من فضل الله ومنه أن الدولة والمجتمع والأجهزة الأمنية والعدلية اقتصت من هؤلاء العابثين بالأمن الذين شوهوا الإسلام واختطفوه وألبوا علينا أعداء الإسلام وسفهاء العالم، ولا يعنينا ما تقوله حكومة الملالي الطائفية في إيران وابواقها المأجورة المسعورة في المنطقة، ولا ما تقوله المنظمات الغربية وغير الغربية المخترقة والموظفة من القوى الدولية، لافتاً إلى أنّ المملكة العربية السعودية ستبقى دولة عزيزة ومنيعة ومستعصية بإذن الله على جميع أعدائها، ما أقامت العدل والمساواة وما دمنا على الإسلام الوسطي المعتدل، وما دمنا متكاتفين متعاونين على الحق مؤمنين بأن لهذا البيت ربا يحميه بقدرته وعزته أولاً ثم بالإرادة السياسية والاجتماعية وبتضحية أبنائه.

حق المقتول

كما أكّد اللواء م. د. إبراهيم العتيبي أنّ شرع الله سبحانه وتعالى هو المقدم على كل شئ، مضيفاً شرعنا هو شرع الإسلام والقناعة بأن ما نفذ بهؤلاء المجرمين هو نتيجة أن العدالة القضائية بعد ما مرت بين سلسلة من الإجراءات ما بين تحقيق، وتحقيق ادانة ومحامين ودفاع ومحاكم ثم المحاكم الأولى ثم محكمة التمييز والمحكمة العليا ثم موافقة ولي الأمر، فالقناعة متوفرة بأن العدالة مطبقة 100%، والقناعة التي يطالب فيها الغرب بما يسمى حقوق الإنسان، وهي حقيقة حقوق سياسية وليست حقوقا حقيقية، وهي أنّ هنا العدالة حيث إن المجرم أو القاتل يلقى العقاب بأن السلطة تأخذ حق المقتول أو المغدور به.

وأشار إلى أنّ كان واجباً أن تنفذ الأحكام بكل حزم بعدما تتوفر القناعة في ارتكاب الجرم وتتوفر أركان الجريمة على كل من يمس الدين، ويمس الوطن وأمنه، ومن يتأثر عقله وتفكيره بعناصر أجنبية، وقد يكون مغدوراً وقد يكون مغروراً، وقد يكون حاقداً، وكل الأفعال تؤدي إلى جريمة ما لها إلاّ العقاب الذي يردع المجرمين، مضيفاً نحن في بلد الإسلام ودولة الإسلام وبلد أمن ومجتمع متكاتف والعدالة موجودة فلا عذر لهؤلاء الذين يؤجرون عقولهم ويبيعون دينهم وأجسامهم وعقولهم ومجتمعهم، وينكرون الجميل والعدالة يجب أن تأخذ مجراها، وأنا هنا أطالب أن يستمر تنفيذ الأحكام بجدية وبسرعة وبدون مجاملة وبدون هوادة لكل من يمس ثوابت الدين أو ثوابت المجتمع أو يعمل لعناصر خارجية.

تطبيق شرع الله

وبين د. إبراهيم بن محمد الزبن -أستاذ علم الجريمة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض- أنّ الإرهاب يعد شكلا من أفعال العنف أو التهديد ويقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى زعزعة الأمن وإلقاء الرعب بين الناس بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، فهو عمل إجرامي موجه ضد الأفراد والجماعات لغرض خلق حالة من الرعب في المجتمع، والمملكة ملتزمة بمكافحة الإرهاب من خلال تدابير علاجية ووقائية للحد من الجرائم الإرهابية، ومن هذه التدابير تطبيق العقوبات الرادعة بحق الإرهابيين تطبيقاً لشرَّع الله سبحانه وتعالى ويشمل ذلك تطبيق حد الحرابة عليهم، تطهيراً للمجتمع من الجرائم التي يضطرب فيها النظام العام، وزجراً لغيرهم ممن تسول له نفسه سلوك منهجهم الضال؛ ولذا فقد شَّرع الإسلام القصاص في القتل لمكافحة جريمة القتل. وأضاف أنّ العقوبة المغلظة للإرهاب اعتمدت حسب فتوى هيئة كبار العلماء في فتوى الحرابة رقم (148) لعام 1409ه/1989م الصادرة بالطائف، والتي تشير إلى أنّ الشريعة الإسلامية ترى الإرهاب عدواناً وبغياً وفساداً في الأرض لأنه حرب ضد الله ورسوله وخلقه، استناداً إلى الآية الكريمة (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخر عذاب عظيم) (المائدة: الآية 33)، ولذا فان تنفيذ حد الحرابة في 47 من الجناة الإرهابيين يوم السبت 22/3/1437ه يعد تطبيقاً لمنهج المملكة في التصدي لجريمة الإرهاب ووسيلة فعالة في الوقاية منها تؤكد من خلالها سياستها الحازمة في التصدي لكل ما من شأنه المس بأمنها وبأمن مواطنيها وأمن المقيمين فيها. وأشار إلى أنّها تبعث من خلالها رسالة واضحة ومباشرة للتنظيمات الإجرامية داخل المملكة وخارجها بأنها لن تتوانى عن الأخذ بكافة السبل والإجراءات لمواجهة الفكر الضال من خلال وسائل متعددة بدايةً من التوعية المستمرة بالجريمة وأخطارها وبسد الأبواب والمنافذ التي تؤدي إلى اقتراف الجريمة، ثم إقامة العقوبة الشرعيَّة الرادعة، والتي كما ذكر مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، هي رحمة للعباد ومصلحة لهم، وكفاً للشر عنهم ومنع الفوضى في صفوفهم، وأن ذلك من واجب ولاة الأمر حفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن الأمة وردع الظالمين وإقامة العدل في الأرض، وأن على المواطنين مسؤولية اجتماعية تقتضي التعاون مع ولاة الأمر وشد أزرهم وإعانتهم على تنفيذ أحكام الله، وهنا لا بد من التأكيد على تنمية الوعي والحس الأمني لدى مختلف أفراد المجتمع مواطنين ومقيمين والذي يفرضه الحفاظ على المصالح الخاصة والعامة، وضرورة الوعي بمشكلة الإرهاب وخطورتها على الأرواح والأموال والحريات والمصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأهمية دعم وتعزيز التعاون مع أجهزة الدولة بمكافحة الإرهاب والوقاية من أسبابه ودوافعه.

إنجاز عدلي

فيما رأى اللواء مهندس ناصر العتيبي -عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات- أنّ تنفيذ حكم القصاص في (47) من الزمرة الباغية الذين عثوا في الأرض فساداً وروعوا الآمنين وقتلوا الأطفال والنساء وأزهقوا الأرواح البريئة، كان من اكبر إنجازات الأمور العدلية التي تستند على الكتاب والسنة وهو أمر يتفق مع قول الله سبحانه وتعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم)، مضيفاً اننا نحمد الله على قوة الإسلام وتطبيق شرعه، وأننا كلما زاد تمسكنا بالكتاب والسنة زادت قوتنا وإرادتنا، وقد قامت هذه الدولة بإنشاء محاكم شرعية خاصة لهذه الفئة الإرهابية لتحكيم العدالة وإعطائهم حق المرافعة والمدافعة وتطبيق نظام اللوائح الجزائية، وعندما تكتمل عناصر الجرم فإن العدالة هي سيدة الموقف وتطبيق الشرع مكتسب لكفالة الحقوق وتوخي العدالة. وأشار إلى أنّ ما تشهده هذه البلاد من أمن وأمان هو نتائج تحكيم الشرع الصحيح، وأن حد الحرابة في هؤلاء مكتمل الجوانب من قيامهم بعمل إرهابي وإحداث الفوضى وقتل الأنفس البريئة واستباحة الحرمات وتنفيذ مخططات أعداء الأمة ضد دينهم ووطنهم وجنسهم، وأن تنفيذ القصاص هو الحكم العادل، علماً أنّ هناك المزيد من الصلب والتعزير، موضحاً أنّ هذه البلاد تسير على المنهج الصحيح، وتزداد قوة ولن تراعي أحدا في تحكيم شرع الله، وقائد هذه المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو من حزم الأمر منذ توليه مقاليد الحكم، منفذاً ومنجزاً بخطوات مدروسة ومنهج إسلامي صحيح.

دحر المفسدين

وشدد د. عبدالهادي بن محمد الشهري - مساعد مدير إدارة المؤتمرات بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية - أنّ تنفيذ حكم الحرابة في الإرهابيين جاء لمصلحة العباد والبلاد ولضمان الأمن والأمان ودحر المفسدين والذين قد ينتقل شرهم لدول أخرى، وتفويت الفرصة على من تسول له نفسه بالعبث بأرواح الناس وممتلكاتهم، مضيفاً ان هذه البلاد المباركة تطبق الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، ودستورنا هو القران الكريم والسنة النبوية، حيث يحظى المتهم بكامل حقوقه عند محاكمته ضمن إجراءات قانونية عادلة، وعندما نتناول بيان وزارة الداخلية حول قضية القصاص من (47) إرهابيا افسدوا في الأرض وحرضوا وقتلوا الأبرياء واستباحوا الدماء وتم إيقافهم ومحاكمتهم في المحاكم السعودية، نظراً للأعمال الإجرامية التي ارتكبت من قبلهم فقد قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائده ٣٣"، مشيراً إلى أنّ علماء المسلمين قد اتفقوا أنّ الذي يقتل ويرهب عامة الناس عن سابق أصرار وترصد وتعمد يقام عليه حد الحرابة، وهذا ما تم مع الإرهابيين.