ساري محمد الزهراني- المدينة السعودية-
إنّ حدّ السّيف مرادف لحقّ الحياة، كما أنّ القصاص حقّ مرادف للحياة؛ «ولكم في القصاص حياة»؛ وعلى هذا فإنّ إقامة حدود الله الشرعيّة التي ما فتئ الخطاب القرآني يلحّ عليها أيّما إلحاح تعدّ مطلبًا إلهيًّا قبل أن تكون مطلبًا من مطالب الحياة؛ فمطلب الحياة لا ينفصل أبدًا عن الحقّ الرّباني في أجلى صورة من صور المحافظة على الكيان الإنساني وصيانته من عبث القتلة والسّفهاء ومثيري الفتنة والتّخريب والفساد والإفساد.
فإذا كان الإسلام دينًا يدعو النّاس كافّة إلى عبادة الله ربّ العالمين؛ فإنّ إقامة حدوده هو الفريضة الكبرى التي تتمثّل فيها صون الأنفس من كلّ ما قد يطالها من استباحة القتل وسفكّ الدّماء، وصونها من الإرهاب والتّرويع والعبث.
في يوم السبت 22/ 3/ 1437هـ كان السعوديون خاصّة، وبني الإنسانيّة عامّة على اختلاف مشاربهم واتّجاهاتهم مع موعد لحق العدالة بالاقتصاص ممّن استباحوا دمائهم، وروّعوهم في أنفسهم وأهليهم، ودمّروا ممتلكاتهم وسعوا إلى إثارة الفتنة والبلبلة، وتباروا على شقّ عصا الطّاعة والخروج على ولي الأمر؛ «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
سبعة وأربعون إرهابيًّا كانوا على موعدٍ مع حدّ الشّارع الحكيم، وحقّ العدل المبين تبعًا لما جنته أيديهم سواء بسواء دون تمييز لجنس أو مذهب بعد أن طالت سوءاتهم الجميع بلا استثناء: قتلًا وتدميرًا، وتنظيرًا وتكفيرًا.
سبعة وأربعون إرهابيًّا كانوا على الموعد الحقّ بعد أن استحالت قبحيّاتهم محسوسة ملموسة، وقد استطالوا بسلم الغواية، وبسطوا أذرعهم ببساط السّوء، سواء بقتل الأنفس المعصومة، أو تدمير الممتلكات العامّة، أو بإثارة الفتنة والتّحريض والدّعوة إلى الفوضى والتّباري فيها حتّى غدوا رموزًا حيّة لدعاة الهدم والتّقويض، ولسانًا حيًّا للتّخريب والإفساد في الأرض.
لقد سلبوا المجتمع حقّهم في الحياة وعمارة الأرض، وحقّهم في الأمن والاستقرار؛ فأيّ آفة بعد سلب الحياة، وأيّ جرم بعد سلب الأمن والاستقرار..!!
إنّ الدّين والوطن من أقوى الدعائم التي قام عليها بناء الإنسان، ومن تعاسة هؤلاءِ الإرهابيّين وفساد مسلكهم أنّهم أصبحوا رموزًا حيّة للقبح، ومنبتَ سوءٍ للإرهاب والإفساد، وصورة مدمّرة لدعاة الهدم والتّقويض والقتل والتّخريب، فلولا شهوة الخراب في نفوسهم الممسوخة لما استطالوا على الدّين والوطن والإنسان، ولولا محبتهم للفتنة والفوضى لما استحلّوا قتل الأنفس البريئة، واستباحوا هلاك الحرث والنّسل.
لقد حكموا على المجتمع حكم الأعداء يتعّقبونهم تعقّب أعداء ألّداء في ميادين القتال حتى أصبح تدنيس حرمات الدّين، وإثارة الفوضى والتّحريض على الفتنة، ودكّ قواعد الوطن هو الأصل وما سوى ذلك هو الاستثناء؛ «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أَعْمَى وَأَضَلّ سَبِيلًا».