الجزيرة السعودية-
أكد عدد من العلماء والقضاة والدّعاة والأكاديميّين الشرعيّين أنّ الشريعة الإسلامية بعدلها وكمال أحكامها تحرّم قتل الأنفس المعصومة من المستأمنين، وتحريم الغدر بهم. وجاءت النصوص المتتابعة في ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية.
وحرصت الشريعة على اجتماع كلمة الأمة، ونبذ أسباب الفرقة، وما يؤول إليه اختلال الأمن، ونشوء النزاعات، واستباحة بيضة المسلمين، وإزهاق الأنفس، وإضاعة الحقوق وتعريض مصالح الوطن لأعظم الأخطار.
وقالوا في أحاديث لهم عقب تنفيذ حكم الله في 47 إرهابياً ممّن استباحوا الدماء المعصومة، وانتهكوا الحرمات المعلومة من الدّين بالضرورة، لهو قصاص عادل أوجبه الله حفظاً للنفس والعرض، وحماية لأمن المسلمين، وإن إقامة الحدود فيها حياة واستتباب للمجرمين وعظة للمخرّبين، وردع لكلّ من تسوّل له نفسه أن يفسد في الأرض أو يغدر بالآمنين تحريضاً أو تنفيذاً، وأن تطبيق الأحكام الشرعية رحمةً للعباد وحفظاً لأمنهم واستقرارهم، وتطهيراً للمجتمع من الإرهابيين الذين قاموا بسفك الدماء وترويع الآمنين.
فكر الخوارج
بدايةً، ينبّه معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي عضو هيئة كبار العلماء الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أنّ من أعظم نعم الله أن قامت بلادنا على كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، مطبقة للشريعة الإسلامية في جميع تنظيماتها، وذلك منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومروراً بأنجاله الملوك البررة - رحمهم الله جميعاً - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - الذي أكمل مسيرة والده وإخوته في اتباع المنهج الرباني الذي خلص إلى تطبيق الأحكام الشرعية بحق 47 من الفئة الضالة ممن عاثوا في الأرض فساد، وإن بيان وزارة الداخلية الذي صدر اليوم بخصوص تنفيذ الأحكام الشرعية بحق هذه الفئة الضالة ينم عن رؤية شرعية واضحة قائمة على كتاب الله وسنة نبيه في مواجهة من يتحدى المنهج الشرعي القويم معتنقًا المنهج التكفيري الذي روّج له الخوارج بهدف ترويع الآمنين وقتل الأبرياء، وينطبق عليهم قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وأوضح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن النصوص الشرعية واضحة في حق من يحاول التأثير على التفاف الأمة حول ولي الأمر وتحذر من ذلك، كما قال النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -: (فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ)، مشيراً إلى أن الأحكام التي صدرت تمت وفق الشريعة الإسلامية، وأن أبناء الوطن يعتزون بالقيادة الحكيمة لبلادنا والجهات التنفيذية التي طبقت أمر الله بحق من أراد بالبلاد شرًا، ومبينًا أن المسلمين في العالم عبروا عن اعتزازاهم ببيان وزارة الداخلية الذي صدر بحق الإرهابيين بوصفه حكمًا شرعيًا يحمي الإسلام والمسلمين من هؤلاء المجرمين الذين حاولوا تشويه سمعة المملكة الحاضنة للقبلتين ومهد الرسالة النبوية.
وقال معالي د. عبدالله التركي أن المسلمين في العالم الذين ترتبط بهم رابطة العالم الإسلامي، يدركون أن هذه الفئة الضالة ماهي إلا ثلّة قليلة لا تمثل أبناء المملكة المخلصين لدينهم ثم مليكهم ووطنهم، ويحظون بمكانة كبيرة في قلوب جميع المسلمين في العالم، مشدداً على ضرورة تحصين الشباب والفتيات من فكر الخوارج الذي يروج له المجرمون بأساليب متنوعة ويحاولون زعزعة أمن الأوطان الإسلامية وتشتيت أفكار شعوبها، حيث إن الإرهاب والغلو والتطرف والفتن من الأهداف التي يريد الخوارج تحقيقها في الأراضي الإسلامية عامة، وفي المملكة مهبط الوحي خاصة، مع أهمية تعزيز السمع والطاعة لولاة الأمر، وأن يحافظ المسلمين على نعم الله علينا ومنها الأمن والاستقرار، ومواجهة أي فكر ضال يحاول النيل من الشريعة الإسلامية، والاجتماع على الكلمة ضد من يحاول الإساءة للإسلام والمسلمين.
مصلحة الناس
ونفي معالي الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء أن المراد من إقامة الحدود الانتقام، بل على كل من له أدنى صلة بهذه الأعمال بدءًا من رجال الحسبة، إلى القاضي الذي يحكم، إلى الإمام الذي ينفذ أن يستحضر أن هذه الأمور إنما شرعت لمصلحة الناس؛ وليس المراد منها التّشفّي منهم، والانتقام منهم، وهذه من رحمة الله لعباده، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107) سورة الأنبياء.. مع وجود هذه الحدود مع وجود القتل مع وجود الرّجم مع وجود القطع مع وجود الجلد رحمةً للعالمين، فلو لم تشرع هذه الحدود كيف يكون حال الناس؟ لا يستقر لهم أمر، ولا تستقر حياتهم، ولا يأمن الإنسان على دينه ولا على نفسه ولا على عرضه ولا على ولده ولا على ماله؛ ولذلك شرعت هذه الحدود حمايةً للضروريات الخمس التي اتفقت عليها الشرائع.
استقلالية القضاء
ويؤكّد فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض على استقلالية القضاء السعودي، وشفافية سير المحاكمات، ودراسة القضايا عبر عدة مراحل وعدد من القضاة، حيث أن محاكمات الـ 47 إرهابياً محاكمات عادلة، وأن القضاء السعودي لا يعرف الإملاءات، وقضاؤنا قضاء مستقل منذ أن أعلن الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - تحكيم الشريعة، وكذلك جاء من بعده الملوك، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وقد جاء النص صريحاً في نظام الحكم، وجاء في أول مادة من نظام المرافعات ومن نظام الإجراءات الجزائية أن المحاكم تحكم بما يعرض عليها وفق الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة.
وقال الحميد: أنا أتحدث ولا أجامل، من خلال خبرة طويلة وبإنصاف، إننا نحن القضاة في المملكة العربية السعودية لا يملى علينا شيء، بل ما يعرض علينا من قضايا سواء في الحق العام أو الحق الخاص نحن ننظر باستقلالية، وننظر إلى ما يوجد من أدلة تدين المتهم في قليل أو في كثير، حتى ولو كان جزاءً بسيطاً، وحتى لو كان كبيراً في الحكم بالدماء سواءً كان ذلك قصاصاً أو حكماً تعزيرياً، يرى القضاة الذين عرضت عليهم هذه القضية أن هذا المتهم يستحق القتل تعزيراً؛ لما فيه من مصالح للعباد والبلاد، خاصة فيما يتعلق بالجرائم الكبيرة، مبيّناً خطوات المحاكمة حيث يسبق القضاء، الضبط الجنائي، ويتم التحقيق ويعطى المتهم الفرصة للدفاع عن نفسه، وقد نصّ على ذلك في نظام الإجراءات الجزائية ثم إذا عرض على القضاء فإنه في بداية الأمر إذا كان المدعي العام يطالب بالقتل سواء كان حرابة أو تعزيراً فإن المتهم أمام القاضي يعطى الفرصة كاملة، بل نص في نظام الإجراءات الجزائية على أنه يحق له أن يستعين بمحامٍ ليدافع عن نفسه، فإذا سمعت الدعوى والإجابة واطلع القضاة على الأدلة التي تدين المدعى عليه فإنها تعرض عليه فقرة فقرة، لكي يجيب عنها، وذلك دون أي إملاءات، ويعطى الفرصة لكي يدافع عن نفسه، وإذا استكملت الإجراءات قام القضاة بدراسة القضية دراسة متأنية يقارنون ما دفع بِه المدعى عليه وبين الأدلة، فإذا انتهى القضاة بإدانة المدعى عليه بما نُسب إليه من جريمة فإنه يحكم عليه بما يجب أن يحكم به، بعد ذلك تُرفع لدائرة الاستئناف وهي مكونة من خمسة قضاة يدرسون ما توصل إليه القضاة في المحكمة الابتدائية، ثم بعد دراسة ذلك من محكمة الاستئناف، إذا كان فيه ملاحظات تعاد إلى القضاة، ثم إذا استقر الحكم مما يبرئ الذمة؛ لأن كل قاضٍ نظر هذه القضية يجعل الله نصب عينه، لا يماري في ذلك أحداً، ثم ترفع إلى المحكمة العليا، وهي أيضاً دائرة مكونة من خمسة قضاة يدرسون ذلك.
وكشف رئيس محكمة الاستئناف أنّ المملكة العربية السعودية وهي قد نفذت حكم الله في من ارتكب جرائم كبيرة، هي لا تتشوق إلى أن تصل إلى هذه الدرجة من الأحكام، لكن عندما يكون الصالح العام وأمن البلاد والعباد مرتبطاً بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله، فإنها لا تأخذها في الله لومة لائم مهما اعترض المعترضون وتشدق المتشدقون، هذه الضمانات العدلية موجودة، ليس لدينا خذوه فغلوه، بل هناك محاكمات عادلة أتيح لكل متهم أن يدافع عن نفسه بشفافية عالية، وكذلك استعانوا بمحامين أتيحت لهم الفرصة بأن يطلعوا على المعاملة ورقة ورقة، مشيراً إلى أنّ أمن البلاد وحمايته، وحماية الأنفس هي من المسائل الكبرى التي جاءت في الشريعة ونحن لا يمكن أن نحيد عنها، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، وقال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء.
الضروريات الخمس
ويبيّن فضيلة الشيخ عبدالله بن أحمد القرني رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الباحة أن تنفيذ الحكم الشرعي في 47 ضالاً من المنتمين للفئة الضالة سيكون رادعاً للمجرمين، ويحقّق استتباب الأمن في الأرض والحياة والرعاية لمصالح العباد والبلاد، كما قال الله تعالى في محكم التنزيل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة، مبيناً أن الحياة جعلها الله في معنى الآية عامة وشاملة لجميع مناحي الحياة ولا نهاية لها، ولقد سرنا وأسعدنا وأثلج صدورنا، خبر تنفيذ أحكام شرع الله تعالى بالقصاص والحرابة في المنتمين للفئة الضالة، الذين لطخوا أيديهم بالدماء البريئة ظلما ًوعدوناً وتمردوا على البلاد والعباد وشقوا عصا الطاعة وخرجوا على جماعة المسلمين وعلى إمامهم وأظهروا في الأرض الفساد وانتهجوا فكرالخوارج وكفروا المسلمين ليستحلوا بذلك دمائهم وأموالهم بغير حق وغرروا بصغار السن واتخذوهم وسائل لتحقيق تخريباتهم وإفسادهم واعتدائهم حتى على المساجد والمصلين وهم فيها ركعاً سجدا لله رب العالمين.
وبيّن القرني أن هذه الفئة لم يشكروا نعمة الله ولم يشاركوا في بناء وحدة بلادهم واجتماع كلمة أهلها على إمامهم لما فيه من الطاعة لله ولرسوله والمصالح العظيمة والمحافظة على نعمة الأمن فيها، وأنهم ظلوا السبيل ودمّروا المصالح وفجروا المساجد وقتلوا المصلين فيها وقتلوا رجال أمن بلادهم؛ وأعلنوا الحرب على البلاد والعباد وخرجوا على الطاعة وألبوا المفسدين أمثالهم على القتل والتخريب، فكان جزائهم ومن تسولوا له نفسه العبث أمثالهم تنفيذ أحكام شرع الله فيهم وهذا هو جزائهم، وأن حِكم تنفيذ أحكام الله في المجرمين لا تنتهي، فشرع الله عز وجل هو القصاص والقتل تعزيراً لمن يهدد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الحنيفة بالمحافظة عليها ومنها النفس المعصومة التي حرم الله الاعتداء عليها بأي نوع من الاعتداء إلا بالحق، قال - جل وعلا -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، مفيداً أن الآيات والأحاديث في تحريم القتل والتحذير منه كثيرة جداً، كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذرنا ممن يقتحم علينا وحدتنا ويريد أن يشق عصى الجماعة ففي حديث عرفجة - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من أتاكم، وأمركم جميع، على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه).
وأشار رئيس محكمة الاستئناف بالباحة إلى أن الله تعالى بين عظيم جرم من يقتل نفساً بغير حق أو فساد في الأرض وأنه كأنما أرتكب جريمة قتل الناس أجمعين، ثم بين الله تعالى بعد ذلك حكمة عز وجل فيمن يفعل ذلك بقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} (33) سورة المائدة، مؤكداً أن هذه البلاد - حرسها الله - قامت على شريعة الإسلام وتطبيق أحكامه وفق كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وسأل فضيلته الله - عز وجل - أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها، ودحر البغاة والمفسدين عنها، وأن يوفق ولاة أمرها إلى كل خير وأن يعز بهم الإسلام والمسلمين ويحمي بهم أمن واستقرار بلادنا، وتنفيذ أحكام الله في كل من تسول له نفسه العبث والاعتداء على الأرواح والممتلكات بغير حق أو التخريب أو انتهاج الأفكار الضالة التي تجر على الأمة الويلات.
الأمن والاستقرار
ويوضّح الدكتور عبدالله بن عبيد النفيعي أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف أننا كمواطنين قد تلقّينا خبر تنفيذ الحدود في حق الإرهابيين بكل ارتياح وكتلقي أي خبر ينفذ في أي مجرم ومفسد؛ لأن فيه مصلحة ورحمة للعباد والبلاد، ودرء لمفاسد وأضرار كبيرة، وهذا التنفيذ تم وفق شريعتنا الغراء التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وأينما تكون المصلحة فثم شرع الله.
كما أن البيان الصادر من وزارة الداخلية كان واضحاً وصريحاً وبين الأفعال المنسوبة لهؤلاء المجرمين وما اقترفوه من فساد في الأرض وتدمير، وقتل، وسفك للدماء المعصومة، وزعزعة للأمن، وإحداث الفوضى، وتفجير، وترويع الآمنيين، وغيرها، ولقد خضع هؤلاء المفسدين لمحاكمة عادلة، في محكمة متخصصة وتم الترافع بشكل علني، وأعطوا كافة الضمانات العدلية من توكيل محامين للدفاع، والاعتراض على الأحكام الصادرة وإعطاءهم الفرصة الكاملة للمدافعة. كما مر هذا الحكم بدرجات التقاضي المختلفة من محاكم ابتدائية، واستئناف، ومحكمة عليا، ونظر من قضاة متعددين كغيرها من الجرائم الموجبة للقتل أو القطع، أو الرجم.
ويضيف قائلاً: القضاة لا سلطان عليهم إلا سلطان الشرع، فلقد استندوا في تسبيبهم لهذه الأحكام لكتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهما الحاكمان لجميع الأنظمة في هذه البلاد حيث جاء في م7 من النظام الأساسي للحكم ما نصه: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة «.
وإن تنفيذ الحكم في حق هؤلاء سيزيد من الأمن والاستقرار الذي ينعم به المواطنون، وفيه حياة للمجتمع بأكمله من خلال الردع والزجر لكل من تسول له نفسه الأقدام على مثل هذه الأفعال، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة.
وأكّد الدكتور النفيعي أن الإسلام بريء من هؤلاء ومن أعمالهم وتصرفاتهم، و تعليماته تحث على التعاون والتسامح ونبذ الفرقة والاختلاف وتحريم الاعتداء على الآمنين من مسلمين ومستأمنين، وأننا سوف نجد من بعض الحاقدين أو من بعض القنوات المغرضة الدفاع عن هؤلاء تحت زعم حقوق الإنسان، فأي حقوق لمن قتل وسفك الدماء، ودمر الممتلكات وأيتم الأطفال واستباح المحرمات وصنع المتفجرات، وارتكب أشنع الجرائم ضد الإنسانية جمعاء فإذا دوفع عن هؤلاء باسم حقوق الإنسان فمن يدافع عن المجتمع الذي سفك دمه وتقطعت أشلاءه ودمرت ممتلكاته وزعزع أمنه واستقراره.
فرحة الجميع
ويشير الشيخ عمر بن عبدالله السعدون، كاتب العدل والباحث الشرعي إلى أنّ المسلمين قد فرحوا وسرّوا بالبيان الحازم الحاسم ليضع حداً لهذه القضية التي أرقت المجتمع وأزعجته بل وانتهكت مقدساته من دماء معصومة ومساجد مقدسة وتسعى للإخلال بأمننا وتماسكنا ووحدتنا فقد ابتدأ البيان بعد البسملة بذكر الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على حرمة هذا الجرم المرتكب من هؤلاء الإرهابيين، وكان البيان موضوعياً ركز على الأفعال والأعمال المرتكبة من هؤلاء المجرمين الذين غرر فيهم الشيطان وأعوانه كما قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُون اللَّهَ وَرَسُولَهٌ وَيَسْعَوْن فِي الأَرْضِ فَسَادًاً أَنْ يُقتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفوْا مِن الأَرْضِ ذلِكَ لهُمْ خَزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ}، وقال - جل وعلا - في تعظيم حرمة الدماء: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًاً بِغيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَّنمَا قتَلَ النَّاسَ جَميِعًاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَّنمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًاً} قال تعالى: {وَمَن يَقتُل مُؤمِنًاً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَاِلداً فِيَها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}؛ قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم في صحيحه: « من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه «، وقوله عليه الصلاة والسلام: « إنه ستكون هنَات وهنَات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسيف كائناً من كان « إن هذا التأصيل الشرعي لهذا البيان المبارك الذي انبثق من الأحكام القضائية الموقرة حيث مرت بمراحل التقاضي الثلاث المنصوص عليها في النظام ونظرت من ما يقارب ثلاثة عشر قاضيا ثم تم المصادقة عليها من ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين للأذن بتنفيذها، عن كل هذه الضمانات التي كفلتها الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في بلادنا - حرسها الله - لعدم ظلم المتهم، وبالذات ما يخص إتلاف النفس بالقتل يجعل الجميع ينظر لهذا القضاء الشامخ في بلادنا حرسها بكل فخر وتقدير وآمان بحيث عدم الحيف لسبب غير موضوعي بسبب اختلاف المذهب أو الطائفة بل العبرة بالوقائع والأحداث الموضوعية المتلقة بذات الجريمة.
ورأى السعدون أنّ من توفيق الله لدولتنا - حرسها الله - وقضائها الشامخ هو صدور البيان على كل المجرمين الإرهابيين بغض النظر عن طائفته ومذهبه فكما أنها حكمت على منظر القاعدة السني آل شويل الزهراني فقد حكمت على نكر النمر الشيعي المذهب، والسبب هو أنهم أهل الفتنة ومحرضي للقتل وإفساد الأمن والدعوة للخروج على ولاة الأمر ونزع اليد من البيعة والطاعة وغيرها من الجرائم، فقضاءنا المسدد لا ينظر إلا للجريمة والعقوبة الرادعة بتدليل وتسبيب واضح بين بغض النظر عن انتماء المجرم، ولذلك نجد أن عدداً ممن ينتمون للقاعدة ونحوها لا يمكن إدانتهم بمجرد الانتماء مع أنه جريمة بحد ذاته، بل لابد من التأكد من الجريمة وتحقق أركانها وماذا فعل بالأدلة والبراهين، ولذلك أقول يجب أن نفخر جميعا بدولتنا وقضائنا وأجهزتنا الأمنية الباسلة التي تذود عن حمى هذا الوطن، تحت قيادة ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي انتشر حزمه ونصرته للحق في داخل البلاد وخارجها لقطع أيادي المعتدين الظالمين، وليعلم كل مواطن أنه رجل الأمن الأول وأن السند بعد الله لولاة أمره وأجهزتهم الأمنية والعسكرية فلنلتف حول قيادتنا ودولتنا وكل يقوم بواجبه فهي مسؤولية أمام الله حفظ الله بلادنا من كل مكروه ورد كيد الحاقدين في نحورهم.
إفساد في البلاد
ويقول الدكتور نايف بن عمار آل وقيان، أستاذ الفقه وأصوله المشارك في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز: إن الله - جل وعلا - شرع الحدود وسن العقوبات ردعا وزجرا لكل مخل بضرورة الدين والأنفس والعقول والأعراض والأموال، وبالتهاون بتطبيقها تحصل الفوضى وضياع الحقوق، وقد اقتضت أحكام الشريعة جعل ولاة يقومون بحراسة الدين وتطبيق شريعة رب العالمين فبهم تقام الحدود وتصان الأنفس والأموال لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
وأكّد د. آل وقيّان أنّ ما صدر من تنفيذ حكم الله في بعض أفراد الفئة الضالة يفرح كل مواطن غيور على دينه ووطنه حيث عاثوا إفسادا في البلاد فلا حرمة دم رعوها ولا طاعة لأولي الأمر امتثلوها، وأن تنفيذ حكم الله فيهم يعود على المجتمع بالأمن والإيمان وقطع الطريق على أهل الإجرام.
فشكر الله ولاة أمرنا على تطبيق شرع ربنا وحفظهم لأمننا وحراستهم لوطننا. ونحن معهم صفاً واحداً.
إقامة العدل
وحمد الشيخ سعود بن زيد المانع، رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم ومدير مكتب الدعوة والإرشاد بالدلم بمحافظة الخرج، الله الذي وفق ولاة أمرنا لإقامة العدل وحفظ الأمن والعقيدة في بلاد التوحيد، وإقامة حد الحرابة والقصاص والتعزير ممن أفسدوا وقتلوا وفجروا.
وسأل الله تعالى أن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والاستقرار وأن يوفق ولاة الأمر لكل خير وأن يعز بهم دينه ويعلي ويجمع بهم كلمته ويجمع الرعية عليهم بالحق والسمع والطاعة بالمعروف. إنه سميع قريب مجيب.