قينان الغامدي- الوطن السعودية-
منذ عام 2003 والمملكة تعاني الإرهاب، وبعد بضع عمليات إرهابية حدثت؛ قال الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-: الفكر لا يمكن مقاومته إلا بالفكر، فالمقاومة الأمنية وحدها لا تكفي.
وبعدها ببضع سنوات أعلن سموه في تصريحات شهيرة إلى صحيفة السياسة الكويتية (إن بلاوي المملكة مع الإرهاب كانت وما زالت بسبب الإخوان المسلمين الذين احتوتهم المملكة وحمتهم ووظفتهم فقابلوا الإحسان بالإساءة)!
وقد قلت وأوضحت وكررت -وغيري كثر- أن جماعة الإخوان لم تستطع، بل لم تجرؤ على إقامة فرع علني لها في المملكة، فلجأت إلى العمل السري، وهنا جاء محمد سرور الذي أخذ فكرة وآلية هذا التنظيم السري وألبسه فقه السلفية التقليدية، ومن هنا كرت السبحة، وقام ما سمي بالصحوة، والبقية معروفة، وأرجو أن تكون (داعش) آخر مواليد (الغفلة) التي عمت معظم بلدان الدنيا، وتفوق الأمن السعودي عالميا في محاربة كل ما أسفرت عنه حقبة تلك الغفلة من خلايا حية ونائمة، وما زال تفوقه مستمرا.
ويبقى الفكر المعشش في عقول كثير من الناس، فهذا الفكر (الداعشي) الخطير ما زال موجودا، وأحيانا أشعر أنه ينمو، بل أعتقد أنه سيظل ينمو طالما لم يجد فكرا آخر ليس لمقاومته فقط، وإنما ليحل مكانه، فمركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة وحده لا يكفي، مهما بذل من جهد، ثم إنه لمن يصلون إلى قبضة الأمن، أما القطاع الأعرض والأكبر من المتأثرين بالفكر الداعمين له -قصدا أو جهلا- فلا يجدون أي تبصرة تذكر لخطر ما يعتقدون وما يقولون وما يفعلون، ومن يتأمل في تويتر ووسائل التواصل الأخرى وفي المجالس والمساجد والمدارس (بنين وبنات) والجامعات والحياة العامة سيلحظ ذلك بوضوح صارخ.
هذا الفكر (السروري الخطر جدا) يتجلى في صور شتى، بعضها طائفي، وبعضها قبلي عنصري، وبعضها استبطان لنوايا الناس، والتجسس عليهم، واستدراجهم بالكلام أو السلوك إلى مزالق تجعل المتطرفين أصحاب سطوة ونفوذ يخيف الناس!
ويوم أمس -مثلا- وتعليقا على مقالي (للشاذلي ومن شاذله للولي الفقيه: المملكة ليست صخرة ملساء دائما)، كتب أحد هؤلاء المتطرفين الغفل أو نقل عن غيره في إحدى وسائل التواصل (الآن تكتب يا قينان عن المدافعين عن إيران؟ كم كتبنا عن إيران وعشاق إيران من بني القوم وخطر المد الشيعي وأعمال الإرهاب في العوامية وكان التيار الليبرالي من الكتبة يصفون مقالاتنا بالمتطرفة والعنصرية وتمنع مقالاتنا لهذا السبب، واليوم تحاول مع بعض الكتبة المتربلرين تصدر المشهد في وجه العدو الحقيقي والمتربصين بنا في الداخل ممن ولاؤهم لإيران وتبعيتهم للفقيه).
وهذا الأخ الغفل لا يفهم ما يقرأ، فضلا عن أن يكون لتعليقه قيمة، لكنه يعبر بصدق عما حفظه ويردده دائما، وتبعه في ذات "القروب" آخر من نفس العقلية، فكتب أو نقل عن غيره دون وعي: (أخي قينان لو صدقتم مع أنفسكم معشر المثقفين والكتاب وتركتم ما لا يعنيكم ولا يهمكم في بلاد أبوعمامة الفارسي وقلتم ما يجب قوله فيما يخص وطنكم وأدركتم ما يدور في البلد من خيانة وتكفير وولاء علني صريح واضح للولي الفقيه في قم والنجف!! ولكنكم تغافلتم وتتغافلون عنه عمدا أو سذاجة، أما جهلا فلا أعتقد فكل الدنيا تعرف من يكون ولاء وخمس واعتزاز وحب نمر النمر ومجتمعه! وكيف تركتموهم يا مثقفين ويا إعلاميين طوال السنين ثم تأتي تكلمني عن الولي في بلاد فارس).
هذا الصوت الطائفي البغيض الذي يتردد يريد مني ومن أمثالي أن نحمل كل الإخوة الشيعة (وزر وجريرة الإرهابي نمر النمر والقلة الإرهابية التي تتبعه)، بل وفي تعليقات مماثلة وكثيرة ومتكررة منهما ومن غيرهما، سواء في تويتر أو الوسائل الأخرى أو حتى على موقع الصحيفة هنا، يكيلون السباب والشتائم التي تصل إلى مستوى قلة الأدب، بمجرد أن أكتب عن مخاطر ما سمي بالصحوة، وأن أخطر ما أنتجته هو (تنظيم السرورية) المتغلغل في معظم العقول من أمثال هذين الأخوين الطائفيين مع الأسف، وهما وكثيرون أمثالهما قد لا يعون خطورة ما هم عليه من فكر متطرف، والسرورية كما أوضحت في مقال سابق هي من سلالة (تنظيم المرشد)، وهم المحضن الذي خرجت من معطفه كل خلايا الإرهاب السنية، مثلما أن فكرة (ولاية الفقيه) هي أساس وموجه تنظيمات خلايا الإرهاب من الجانب الشيعي، لكن لأن أتباع الفكر السروري هم الأكثرية وفكرها هو الأوسع انتشارا وتغلغلا، فإن فكر (السرورية) المنتشر والواضح هو أخطر ما يواجه حاضر الوطن ومستقبله، مع الأخذ في الاعتبار أن (ولاية الفقيه) لها دولة إيران وأحزاب تابعة معلنة.