أمجد المنيف- الرياض السعودية-
كمبدأ، لا يمكن الحديث من منطلق سني أو شيعي، وهو مرفوض تماما، فالجميع سواء تحت مظلة الوطن، التي تكفل تساوي الحقوق، وحتى الواجبات، ولا يمكن المزايدة على الوطنية، أو تجريد الآخرين منها، ولا أحد يملك الحق في ذلك، كائنا من كان، وهو ما يجب أن يكون واضحا للجميع.
لكن.. أكتب اليوم، وأعرف أنني أسير في منطقة ألغام، لأن متخصصي تفسير النوايا يعشقون مثل هذه الكتابات، ليوظفوها كما يريدون، ولكن التردد لم يكن يوما مفيدا، بشكل عام، ولم يشبهني أبدا، بشكل خاص، ولا أعرف له طريقا.. أرسل حروفي هذه ولي مجموعة من الصديقات والأصدقاء الشيعة، الذين يعرفون تماما ما أعنيه، وأتمنى أن أكون دقيقا في مخاطبة من لا يعرفني من مثقفي الشيعة.
ليس سرا ما تمر به المنطقة من منعطفات سياسية، وتحديدا لدينا، وخاصة مع الأزمة الإيرانية، التي تحاول حكومتها مرارا تحويل القضية إلى صبغة مذهبية، ويعملون بكل ما بوسعهم لتقديم مشروعهم على أنه لحماية الشيعة، لذلك يراهنون على العزف على مشاعر شيعة الداخل، ونراهن معا على الوطن أكثر، وبثقة أكبر، ولكن النوايا وحدها لا تكفي، ولا يمكن التصدي بلا خطوات حقيقية وواضحة، وهذه بعض الأمور:
أولا: ينتظر - وهو واجب وطني - من قادة الرأي الشيعة أن تكون لهم أدوار في مخاطبة الخارج، ولا شك لدينا في الداخل، ولكن ليعرف من يقرأ المشهد خارجيا، حتى من غير إيران، أن مزاعمهم كاذبة، وأن تكون هناك رسالة شبه جمعية، تفند بعض الآراء التي تزايد على الوطن، وتزعم بوجود اضطهاد، أو رغبة بالانقسام، وتوضيح أن مثل هذه النقاط هي جزء من رؤية إستراتيجية خارجية، روج لها خونة وإرهابيون.
ثانيا: ككاتب، قبل أي شيء، أعرف أنه لا يجب محاسبة الأشخاص إلا على ما يقولون أو يفعلون، ولا يمكن أن تكون على الصمت، ولكن هذا المبدأ في الأوضاع الطبيعية، ولا يفترض أن يكون في الأوقات العصيبة، أو في المنعطفات الوطنية، التي تستوجب وقفة من الجميع، وخاصة أن هناك مريدين لعدد من المثقفين، والرأي يعني لهم الكثير، والصمت يضعهم في منطقة ضبابية، تسمح للمزايدين والمستغلين بتوظيف هذا لمشروعاتهم.
ثالثا: هناك فرصة كبيرة، عبر منصات الشبكات الاجتماعية، للتفاعل بشكل أكبر، وتوضيح الرؤى بشكل سريع وتفاعلي، وعدم الاكتفاء بالمقالات والآراء الدورية.. كما أنه من غير المعقول، أن يكون هناك كتاب رأي يناقشون معظم القضايا الوطنية، وحتى العادية منها، ويغيبون عن قضية كبيرة بحجم المقاطعة الرسمية مع إيران، وهذا ليس تحليلا للمنطلقات، ولكن استفهامات وطنية من المهم أن تقال بوضوح، لأن القضايا الوطنية لا تناقش بالخفاء أبدا.
أخيرا.. كلنا معا لبناء الوطن، وحمايته، ولكن الأحاديث المثالية - وحدها - لا تعمل، ما لم تكن هناك خطوات حقيقية، ولمن لم يتضح له سبب مخاطبتي لمثقفي الشيعة، دون مثقفي السنة، فالأمر – وإن كنت أعتقد بوضوحه - هو لأن الرد من قبلهم أكثر وجعاً، حتى يقطعوا دابر كل الألسنة التي تحاول الحديث عنهم.. وفي الوقت نفسه، المطلوب من مثقفي السنة أكبر وأكثر! والسلام