صالح الشيحي- الوطن السعودية-
انفصال المؤثرين وأصحاب المنابر والشخصيات العامة عن الواقع، مشكلة كبيرة، يدفع ثمنها كثير من شرائح المجتمع المغلوبة على أمرها..
وليت المنفصل يبقى صامتا.. أو على الأقل يبتعد عن الخوض في أمور الناس العامة.. مشكلتنا -قبل أن تكون مشكلته- تدور حينما يعرض عقله أمام الناس، فيكون أقصى ما يصل إليه هو أذيتهم وزيادة آلامهم. الذي يثير الشفقة على هؤلاء المنفصلين أنهم يرون أنفسهم على صواب.. لذلك هم لا يجدون بأسا من الحديث ورفع الصوت ومواجهة الكاميرا.. سواء أكانت كاميرا تلفزيونية أم كاميرا جوال! ولأنهم لا يشعرون بحجم الهوة بينهم وبين الناس من حولهم، فلا تستغرب إن وجدتهم يطالبون بنشر حديثهم!
لن أتحدث عن التاجر الأرستقراطي الذي قضت عليه كلمته، فأردته صريعا تحت سهام المجتمع!
سأتحدث عن شيخ لديه علم شرعي لا بأس به، حسبما يظهر لي، ويمتلك من شكل وهيئة العلماء الشيء الكثير..
خرج هذا الشيخ -سامحه الله- قبل فترة في أحد التلفزيونات رافضا عمل المرأة، مطالبا بإبقائها في منزل زوجها.. هذا من حقه.. أعني "رأيه وهو حر فيه".. هناك آراء أغرب من هذا الرأي؛ إيمانا منا بأن من حق الإنسان أن يقول رأيه طالما لا يتعارض مع الثوابت، ومن حقنا الاستماع، ومن حقنا عكس ذلك!
المأزق الكبير الذي أسقط الشيخ نفسه وسطه حينما طالب الزوج بمنح زوجته 400 ريال قائلا: "ماذا تستفيد المرأة إذا دخل عليها ألف ريال في الشهر أو ألفان أو ثلاثة"! "المرأة وش تستفيد من المال".. هكذا يقول الشيخ الجليل!
أنا لا أظن -أنا أعتقد يقينا وجزما- أن هذا الشيخ لا يعرف شيئا يذكر عن الحياة اليوم، أو عما يدور حوله في المجتمع! يغيب عن فضيلة الشيخ أن 400 ريال بالكاد تغطي ثمن زجاجة عطر، بل لا تسدد فاتورة جوال، ولا تبلغ قيمة فستان!
فضيلة الشيخ يعيش عزلة شبه تامة عما يدور حوله.. ولو تنازل قليلا وسأل إحدى قريباته عن حاجات المرأة الأساسية لاكتشف أنها تتجاوز الألفي ريال شهريا.. وبالكاد تغطيها..!
ليت فضيلة الشيخ يسكت.. اسكت بالله عليك.. اسكت.. واترك الناس تغالب همومها ومعاناتها.. فلا رصيف لديك؛ كي يطالبوا بهدمه..