دعوة » مواقف

الفتنة أشد من القتل !

في 2016/01/12

زهير ماجد- الوطن العمانية-

مثير للعجب الإكثار من ترداد جملة ” الفتنة أشد من القتل ” ومع ذلك يعمل على إثارة الفتنة بشتى الوسائل. مجرد الحديث ضد المذهبية والطائفية بحد ذاته إثارة لها .. الكلام الذي يخرج من التصريحات يجب الانتباه إلى وقعه على الجمهور، وخصوصا في أوقات محددة، كتلك التي نمر بها اليوم.
إذا سلمنا جدلا بتعبير بعض المسؤولين العرب ضد الطائفية، فلماذا بالمقابل يتم تشجيع محطات فضائية لاشغل لها سوى بث التفرقة والفتن.. تلك المحطات التي تعمل على مدار الساعة في قتل الهمة لدى الأمة عبر زرع الفتن في روحها، وتعمل أيضا على تفكيك عرى الوحدة الإسلامية، كما تجييش المسلمين من باب إثارة غرائزهم، وليس عقولهم.
عالمنا العربي والإسلامي أمام تحديات خطيرة، أقلها مصيره الذي أصبح على المحك. الذين يديرون الفتن يعرفون كم هي الكلمة مؤثرة في الحالة التي أصابت الأمة الإسلامية .. نوع الجمل التي تلقى في الخطابات، أو تلك التي يتم التحاور بها، إنما صنعت خصيصا لتشكل سلسلة واحدة من الضغوط على الجسم الإسلامي كي يتفجر .. فليس أحلى عند الصهاينة والأميركي وحتى الأوروبي من دخول المنطقة في صراعات المذاهب التي من المؤكد أنها حرب الحروب القذرة والأكثر دموية ولن يفلت منها مجتمع ولا قطر بعينه.
لا أستطيع سماع ” النباح ” اليومي الذي يمارسه بعض من يلبسون لباس رجال الدين والدين منهم براء في تلك المحطات، يعملون على صب الزيت فوق النار، يقيمون الحد ويصنعون معارك .. يتصورون الفتنة قد وقعت فيتأهبون لها كلاما يروي غليلهم المصاب بهذا الهوس.
من أعاد رسم هذا الواقع الكارثي إنما هو عربي ينطق بمن صنعوه واودعوه ذلك المكان لكي يلعب الدور المطلوب منه. منذ سنتين وأكثر قرأت أن المخابرات العالمية قامت بتخريج أربعة آلاف رجل دين حسب الفهم الأميركي لتخريب الإسلام. لاشك أن عدد” الخريجين” على ازدياد، وهؤلاء سيكون لهم صولات وجولات في مواقع متعددة وخصوصا في الإعلام .. المطلوب هو تقاذف الهجمات بين أهل الإعلام وكل له جمله الأقوى ضد الآخر.
لا احد يلتزم بمفهوم أن الفتنة أشد من القتل .. بل ان الفتنة المطلوبة في عرف هؤلاء أن تظل تردد العبارات القاتلة والمفسدة للود بين المسلمين كي تظل حال الأمة على تأهبها للصراع فيما بينها. كثير من المتابعين لهذا الواقع المرضي يحذرون منه، لكن البعض يرى فيه الأمر الذي لابد منه، بل يشعرون بالغبطة لما وصلت إليه حال الأمة الإسلامية من تدهور خطير.
الذين يلعبون بهذه النار الموقدة، ينسون مجتمعاتهم أيضا والقابلة للتفجر إذا ماسرت في الجسم الإسلامي تلك الفتن المرسومة. كل العالم الإسلامي في حال من الوحدة، مما يعني أنه مركب تقريبا من طوائف ومذاهب لديها القابلية للتفسخ أيضا. فليس هنالك مجتمع بعينه يمكنه الصمود أمام هكذا توجه مليء بالنعرات المذهبية والطائفية التي تقول للعالم الإسلامي سلام الله عليك أن هو نفذ مشيئة العابثين به.
سيظل عالمنا صامدا بوجه المحاولات التي تشحن الواقع وتزيد من فرص تلوثه .. حتى الآن لم يكتب النجاح لها، والأمنيات الواعدة بأنها تظل على هذا المنوال أمينة على وحدتها الإسلامية وعالمها الواحد الذي يعيش أزمانه بكل حرص وأمانة.