دعوة » مواقف

الضوابط الشرعية في بلدي جدة

في 2016/01/27

نبيلة حسني محجوب- المدينة السعودية-

عبارة « الضوابط الشرعية « أصبحت سلاحاً يستخدم دفاعاً عن المسؤولين الذين عليهم تنفيذ القرارات الخاصة بتمكين المرأة، لكنهم غير مؤمنين بجدوى تمكينها ووجودها كشريك أساسي في التنمية، فيصدرون تعليماتهم بهذه العبارة « حسب الضوابط الشرعية» . وهذه العبارة فضفاضة يُفصِّلها بعض المسؤولين المناهضين لمشاركة المرأة على مقاس وعيه وقناعته وموقفه من المرأة، أي أنها سلاح يُوجَّه ضد فعالية المرأة وحركتها وأدائها فينحرها من الوريد للوريد، كما يحدث الآن في بلدي جدة، ومنذ اجتماعه الأول، وتعطيل اجتماعه الثاني، كل هذا اللغط والتعطيل من أجل مكان عضوتي المجلس البلدي بجدة د/ لمى السليمان، ورشا حفظي، المنتخبتين عن دائرتين كبيرتين وحيويتين، الدائرة الثامنة، والثانية.

أهمية مشاركة المرأة، مشاركة كاملة، دون إعاقات بيروقراطية، ودون ضجيج، وافتعال أزمات كما حدث في بلدي جدة، وفي كل مكان تكون المرأة فيه شريكاً متساوياً، فيشعر البعض بأنه معاق ومحاصر، لأنه يتبنى فكراً مناهضاً للمرأة فيفتعل أزمة، ويصدر عبارة الضوابط الشرعية التي غلفها رئيس بلدي جدة، بـ « النظام « أعاد وزاد وكرر « حسب النظام « و» تنفيذ النظام « في لقائه مع إحدى الفضائيات، بعد الجدل الذي حصل خلال عقد الاجتماع الأول في جدة، ولم يستطع أن يقدم مبرراً منطقياً لما حدث، لأن لمى ورشا مع حفظ الألقاب كانتا ملتزمتين بالضوابط الشرعية دون أن يوجههما مسؤول أو يلزمهما قرار أو نظام، لأنهما تدركان مسؤوليتهما، وتقدران حجم الأمانة التي على عاتقهما بإصرار واقتدار، لكن الإصرار على إقصاء المرأة وتهميش دورها وعدم تمكينها من القيام بدورها هو المسيطر على عقلية البعض للأسف.

إحرام المرأة في أهم الشعائر الدينية؛ الحج والعمرة، كشف وجهها وكفيها، وتأديتها كافة الشعائر خلال الحج والعمرة في نفس المكان الذي يكتظ بالرجال والنساء، لم يأمر الله سبحانه وتعالى بكعبة للنساء وأخرى للرجال، المرأة في الطواف، والسعي، ورمي الجمرات، تشارك الرجل، بينما تمنع من الجلوس على طاولة اجتماع بصفتها عضوة منتخبة لها نفس حقوق زميلها الرجل.

كم آلمتني صورة عضوتي بلدي جدة وهما تجلسان خارج دائرة الاجتماع الأول، وكأنهما منبوذتان أو متطفلتان أو أنهما لا تملكان الصفة التي يمتلكها الأعضاء الثمانية المتحلِّقون حول الطاولة وكأن المكان ملكٌ خاص لهم، وعلى العضوتين البحث عن مكان خلف حاجز يضعف مشاركتهما ويهمش حضورهما ليتسيد الرجل المشهد، وتفشل مشاركة المرأة في المجلس البلدي، لكن لدي ثقة في صلابة وقدرة لمى ورشا في التغلب على هذه العقليات التي يفزعها حضور المرأة، ليس لحرص على النظام كما ردد رئيس المجلس بل أزمة الوعي بمفهوم « الضوابط الشرعية « التي أصبحت تُزيٍل كل ورقة تخص مشاركة المرأة.

المرأة تستقبل في مجلس أمير المنطقة صاحب السموالملكي الأمير خالد الفيصل، ومجلس محافظ جدة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد، كما رأيت رشا حفظي تقف بجوار الأمير وفي صور أخرى تجلس ضمن أعضاء الوفد دون حواجز، إذن كيف رضيتم بحضورها بينكم لماذا لم تعترضوا في مجلس الأميرين، ولماذا كان الصمت محلقاً على رؤوسكم كالطير؟

لماذا تجلسون معها هنا وترفضون الجلوس معها على طاولة الاجتماعات، وهي هنا ذاتها هناك؟ من قال إن الفاصل الزجاجي أو الخشبي يمثل الضوابط الشرعية؟ المرأة السعودية أكثر حرصاً على الضوابط الشرعية، وأكثر التزاماً بها لأنها تحترم ذاتها وتحترم بيئتها وتحترم من وثق بها وفتح لها الباب واستقبلها، وقبل كل ذلك تخاف ربها، ولا تحتاج لمن يوجهها أين تجلس ويضع لها ضوابط تعيقها وتحدُّ من عطائها وفاعليتها.