تواصل » صحف ومجلات

علاقة الإعلام بالسلطة السياسية في الخليج تهدد مستقبله

في 2016/03/26

هدى التوابتي- شؤون خليجية -

يرتبط الإعلام العربي والخليجي بشكل خاص بشكل كبير بالسلطات الحاكمة، حيث لا يستطيع الإعلام التقليدي في الخليج النطق بما لا توافق عليه السلطات، كما ينتعش جزء كبير منه بدعم تلك السلطات على اختلاف توجهاتها، وسياساتها، ويتجاهل الكثير من القضايا السياسية المهمة، التي تثير انتباه الجمهور على حساب قضايا أخرى، بل تسعى وسائل الإعلام للفت انتباه القراء والمتابعين لها نتيجة للضغوط الحكومية.

وأشار باحثون إلى أن تلك العلاقة انعكست بالسلب على الإعلام الخليجي، بشكل خاص في ظل ارتفاع توجه الجمهور الخليجي نحو الإعلام الجديد، فأفقدت الكثير منه مصداقيته، وثقة الجماهير فيه، وهو الناتج عن زيادة تبعية وسائل الإعلام للسلطات الحاكمة، بالإضافة لدورها في تراجع الإعلام التقليدي في منافسته مع الإعلام الجديد.

الخليج والإعلام.. قمع وتوجيه

تشير القوانين في دول الخليج، والتي تتم الإضافة إليها كل يوم، واستحداث الجديد فيها إلى سيطرة التوجيه، والقمع على أي وسيلة للإعلام تتحدث عن الشأن الخليجي.

ويعد قانون الإعلام الإلكتروني في الكويت، والذي تم تكراره نهاية 2015، من أبرز القوانين التي وصفت بأنها قوانين بوليسية، ويعد أبرز عيوبه وفقًا لمراقبين، أنه يتيح للسلطات رفض إصدار أي وسيلة إعلامية دون أسباب واضحة.

ووصف الحقوقي الكويتي محمد الحميدي القانون في تصريح له، بأنه "ﻻ يتفق مع القانون الدولي والدستور الكويتي، وهو يحاسب ويدخل في النوايا، وبه ثغرات كثيرة قانونية". مضيفًا أنه " تم سلق وكروتة بنود هذا القانون لأنه يخلط بين قضايا السب والقذف وقضايا الرأي".

فيما وصف الإعلامي السعودي عبد العزيز الدخيل الإعلام السعودي بقوله: "لو جاز لي أن أصف الصحف السعودية، لقلت إنها مؤسسات حكومية مسموح لها بالتجارة الإعلانية لتمويل نفقاتها الجارية والرأسمالية، إلى جانب الإعانة الحكومية".

وأضاف أن "كل مؤسسة صحفية سعودية يقف على بابها حاجب يسمى رئيس التحرير، يحجب ما يرى أنه غير ملائم للنشر، ويسمح بالباقي، معياره في ذلك وأدوات قياسه للممنوع والمسموح هو ما يتلقاه من تعليمات مباشرة من الوزير، الذي يرأس الوزارة، التي يرتبط بها إعلامياً كل الصحف المحلية، وهي وزارة الثقافة والإعلام، وتدخل على الخط أحياناً وزارة الداخلية".

فيما وصف الائتلاف العالمي للحريات والحقوق حالة الإعلام بالإمارات، بأنها تسير بطريق مرسوم مسبق من قبل السلطات، بما لا يعطي أي حرية للصحفيين، ويعطي الحرية الكاملة للسلطات الأمنية لقمع حرية التعبير والسيطرة عليها.

وعرض تقرير الائتلاف عددًا من التشريعات التي تم اعتمادها، والتي تعد من أبرز ملامح محاولات سيطرة السلطة على الرأي والإعلام، وتوجيهه لرؤيتها فحسب، وأبرزها قوانين تمنح السلطات صلاحية متابعة أي شخص يشكك في النظام السياسي للبلاد، من خلال الشبكات الاجتماعية، وقد صدر قانون لتجريم ذلك في عام 2006، وتم تعديله في عام 2012، بهدف تغليظ العقوبات الواردة في القانون على ما تعتبره السلطة الجرائم الإلكترونية.

وشدد التقرير على أن هذه القوانين فتحت الطريق لكثير من القيود، بهدف تكميم الأفواه والسكوت على ممارسات السلطة السياسية القمعية، كونها احتوت على بنود ومجالات يفتح تفسيرها أبواب المحاكمات الجائرة على أساس اتهامات غامضة.

وأشار تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي الأمريكية، إلى حالة وسائل الإعلام في الخليج، مشيرة لفرض دول الخليج رقابة على الصحف الصادرة بداخلها، وتحظر تداول المطبوعات الخارجية، إذا ما تناولت موضوعًا ذا حساسية في البلد المعني، بالإضافة لدورية حجب دول الخليج للمواقع المعارضة لها.

ويشير التقارير إلى أن مستويات حريات الصحافة والتعبير عن الرأي في الخليج تختلف من دولة لأخرى، حيث هناك مساحات للحرية أكبر في بعضها، مشيرة إلى أن اليمن والكويت في مقدمة القائمة، بينما تأتي السعودية وعمان في أسفل القائمة.

علاقة الإعلام بالسلطة السياسية.. والمنافسة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد

يشير الباحث أحمد قران الزهراني، إلى أن العلاقة بين السلطات والإعلام من أبرز مهددات الإعلام التقليدي في وجه المنافسة مع الإعلام الجديد، لافتًا إلى أن السلطات هي التي أوجدت وسائل الإعلام في بدايتها، لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولتنفيذ مصالحها الأخرى لكسب الرأي العام، والدفاع عن توجهاتها السياسة والاستراتيجية عند ظهور النظم السياسية.

وأضاف في ورقته البحثية بعنوان "السلطة السياسية والإعلام في الوطن العربي"، والتي تعد أطروحة للدكتور، "أنه رغم الشد والجذب بين السلطتين في البداية، إلا أن السلطة السياسية استخدمت الصحافة كأداة رئيسية في ترويج مشاريعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والوصول إلى الجمهور، كما تعاملت الصحافة مع النظم السياسية على أنها مصدر مهم للحصول على الأخبار السياسية والاقتصادية، التي تتبناها الحكومات، سعياً إلى كسب ثقة القارئ، وبالتالي سرعة الانتشار وقوة التأثير في المجتمع".

ويرى الزهراني أنه "في ظل التحول والانفتاح، ووسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي والتفاعلي، فإن وسائل الإعلام التقليدية تتعرض لضغوط كبيرة في المحافظة على مكانتها وتأثيرها في الجمهور".

وأضاف موضحًا أنه "على الرغم من محاولة وسائل الإعلام التقليدية مجاراة الإعلام الجديد، إلا أن الأنظمة والقوانين وتبعية وسائل الإعلام التقليدية للأنظمة الحكومية، أو خضوعها لـ(رأس المال والمعلنين)، يجعلها تقوم بدور أقل مما تقوم به وسائل الإعلام الحديثة".

ويشير الباحث إلى أن أهم القضايا التي تتحفظ وسائل الإعلام التقليدية والخاضعة للدولة، خاصة في القضايا السياسية عن مشاركتها مع الجمهور، لأن المتحكم في تلك القضايا هو الدولة، بل وتسعى إلى تركيز انتباه الجمهور نحو الاهتمام بموضوعات وأحداث وقضايا معيّنة، حسب توجه حكومي، مضيفًا أن ذلك يعني وفي ظل المنافسة الكبيرة من الوسائل الجديدة، تعرض الإعلام التقليدي لضغوط كبيرة للمحافظة على مكانتها وعدم فقدها للجمهور.