تواصل » صحف ومجلات

الإعلام الاقتصادي السعودي

في 2016/04/16

د. عبد الله بن ربيعان- الحياة السعودية-

أقامت الجمعية السعودية للإعلام والاتصال هذا الأسبوع منتداها السابع الذي افتتحه أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبدالعزيز في مقر جامعة الملك سعود، وكان عنوانه: «الإعلام والاقتصاد... تكامل الأدوار لخدمة التنمية».

المنتدى عُرضت فيه بحوث وأوراق عمل كثيرة من السعودية ومصر والمغرب والجزائر وغيرها من البلدان العربية، وكان هناك اتفاق ضمني - بحسب متابعتي - على ضعف أداء وسائل الإعلام العربية التي تغطي وتتخصص في الشأن الاقتصادي بأنواعها كافة، المقروءة والمسموعة والمشاهدة.

وعلى رغم الشكوى من ضعف الإعلام الاقتصادي إلا إنه كانت هناك مداخلات وتعليقات تؤكد أن الإعلام بشكل عام، ومن ضمنه الاقتصادي، لن يتطور ما لم ينظر إليه متخذ القرار والمسؤول والوزير باعتباره شريكاً فاعلاً، إذ كانت شكوى الإعلاميين من عدم تعاون المسؤولين مع الإعلام وعدم الاستجابة لمطالبهم وإعطائهم المعلومة التي يريدون أو التعليق على الحدث الذي يخص وزاراتهم وجهاتهم.

عموماً، الإعلام الاقتصادي يكتسب أهميته من خلال مهمات عدة، أبرزها:

- تغطية الحدث الاقتصادي، وتوسيع دائرة المعرفة حوله.

- توفير المعلومة للمختصين والعامة عن الأوضاع الاقتصادية محلياً وعالمياً.

- التعريف بفرض الاستثمار والمتاجرة في الاقتصاد.

- تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية وتحفيز الإعلان.

- تقويم الأخطاء والمشكلات الاقتصادية وطرح الحلول لها.

- ضمان الحقوق الاقتصادية للمواطنين في مقابل قصور وأخطاء أجهزة الحكومة أو في مقابل شركات القطاع الخاص.

في السعودية، وهي أكبر اقتصاد عربي لا يوجد للأسف إعلام اقتصادي متخصص في اللغة الإنكليزية التي هي لغة «البزنس»، وعلى رغم كثرة الوفود الأجنبية الزائرة وكثرة لقاءات العمل في الرياض إلا أنه لا توجد أية صحيفة متخصصة بالاقتصاد والمال موجهة إلى مخاطبة هذه الوفود، والأمر ذاته ينطبق على الإعلام المرئي والمسموع، فلا قناة اقتصادية ولا إذاعة ناطقة بلغة «البزنس» في الرياض.

كما أن الصحيفتين العامتين الصادرتين بالإنكليزية في المملكة ضعيفتا المحتوى اقتصادياً، وضعيفتا التوزيع في تجمعات البزنس والغرف التجارية وردهات الفنادق.

وتتمثل أبرز المشكلات التي يواجهها الإعلام الاقتصادي السعودي حالياً في:

- غياب المتخصصين في الاقتصاد والدراسات المالية عن العمل في وسائل الإعلام الاقتصادية، أو في أقسام الاقتصاد داخل وسائل الإعلام الوطنية بشكل عام.

- ضعف الثقافة الاقتصادية لدى العاملين في وسائل الإعلام الاقتصادي، وضعف الحافز عندهم لتطوير أنفسهم.

- قلة أو انعدام فرص التدريب للصحافيين العاملين في وسائل الإعلام الاقتصادية.

- تحوّل عدد من البارزين في الإعلام الاقتصادي إلى المكاتب وترك العمل الميداني، وهجر بعضهم المهنة كلياً لأعمال أخرى بسبب ضعف الحوافز.

- هجرة عدد من البارزين من الإعلاميين الاقتصاديين للإعلام الغربي أو السعودي المهاجر.

- عدم اهتمام المسؤولين في وسائل الإعلام بالإعلام الاقتصادي، والنظر إليه على أنه مكان لنشر أخبار المعلنين فقط.

وبالتأكيد، لفتت طفرة الأسهم التي شهدتها سوق المال السعودية في الفترة 2002-2006 الأنظار نحو الإعلام الاقتصادي، وشهد متابعة وحراكاً كبيرين، وظهرت برامج اقتصادية حظيت بالمشاهدة والمتابعة العالية، وبرزت أسماء محللين واقتصاديين وصحافيين كثيرة، إلا أن المؤسف أن القائمين على وسائل الإعلام لم يستفيدوا من فترة الطفرة المشار إليها في تطوير إعلام اقتصادي حقيقي، إذ سرعان ما توقفت البرامج، وتوقف ركض الصحافيين والإعلاميين بمجرد انفجار فقاعة السوق، وعاد الإعلام الاقتصادي للركود والبطء من جديد.

ختاماً، هناك من يعتقد أن الإعلام التقليدي على وشك الموت، بسبب تطور وسائل الإعلام الإلكتروني وتسيّد وسائل التواصل الاجتماعي للمشهد، إلا هذا لا ينطبق على الإعلام الاقتصادي على الأقل. فالإعلام سيبقى هو الإعلام حتى مع تحوله من الشكل المطبوع إلى الإلكتروني، كما أن الإعلامي الاقتصادي بالذات لن تزيده وسائل التواصل إلا توهجاً وقيمة لما ينتج، فهو يقدم المعلومة ويعرض الرؤية، ويقرأ الأرقام ويفهم المصطلحات، ولهذا فإنه الأقل تأثراً بسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على المشهد، وسيبقى هذا النوع من الإعلام مطلوباً ومتابعاً ما بقيت سوق وبيع وشركات وأسهم ونفط وحياة.