لن أتناول تشريع الكونغرس الموجه ضدنا والذي تشير كل التوقعات إلى أن البيت الأبيض سوف يضع عليه فيتو الرئاسة. فهذا التشريع هو جزء من النظام العالمي المسيطر. والنظام العالمي، مهما بدا ذلك غريباً، لا يضعه العالم وإنما الدول الكبرى بعد انتصارها في الحروب الكونية التي تخوضها. وهذا رأيناه بعد الحرب العالمية الثاانية ومن ثم بعد الحرب الباردة التي تعتبر الولايات المتحدة أنها انتصرت فيها على خصمها الاتحاد السوفيتي وبالتالي من حقها وضع النظام الذي ترى أن على بقية بلدان العالم الالتزام به.
إذاً فالعالم مسير وليس مخيرا الا ضمن حدود تقع بين خطين متوازيين المسافة بينهما ضيقة. وهذا نراه في كافة المجالات سواء كان ذلك في السياسة والاقتصاد أو حتى الرياضة. واحدى أدوات تلك الهيمنة هو الإعلام الذي يكرس سيطرة المنتصر ومستعد إلى قلب الحقائق. وخير مثال هو ما تداولته الصحف في المدة الأخيرة عن مناشدة امبراطور النفط الصخري الاميركي هارولد هام للاعبي النفط الكبار في العالم للتعاون مع الولايات المتحدة والحذو حذو منتجي الغاز بخفض الانتاج. فوسائل الاعلام المسيطرة تتداول هذا الخبر وكما لو أن الاتفاق الذي تم بين المملكة وروسيا، لتنسيق سياستهما النفطية، قد جاء تحت ضغط من ذلك الامبراطور. وهذا قلب للحقائق رأسا على عقب. فخفض شركات الغاز الصخري لانتاجهم في الولايات المتحدة لم يتم أولاً بصورة طوعية وإنما نتيجة سياسة الأوبك التي أدت إلى تراجع أسعار النفط الى مستويات أجبرت معها مئات المنصات المنتجة للغاز الصخري في الولايات المتحدة على التوقف وإن بشكل مؤقت. كما أن البيانات الأخيرة تشير ثانياً إلى أن انتاج ذلك الغاز قد بدأ منذ ما يزيد على 3 شهور بالارتفاع.
أو إذا أخذنا ما ذكرته صحيفة “ديلي ميل” بخصوص اختراق الهاكر الروسي لموقع اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات والحصول على مستندات تثبت تعاطي لاعبتي التنس الأمريكيتين الشقيقتين ويليامز للمنشطات المدرجة على قائمة الأدوية المحظورة في اللجنة الدولية"وادا". فالصحافة الغربية وقبل انتظار نتائج التحقيق أو التحقق من الامر انبرت للدفاع عن ويليامز والتهجم على روسيا بحجة أنها تسعى لتشويه سمعة "قادة الرياضة العالمية". ولكم أن تتصورا كيف ستكون الأمور لو أن مصدر تلك المعلومات كانت أمريكا وإن المتهمين من بلدان غير صديقة. أنه نظام المصالح العالمي الذي نعيشه.
وهكذا فإن مشروع القرار الذي اتخذه الكونغرس الأميركي، بمجلسيه النواب والشيوخ، والذي يسمح لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر بمقاضاة بلدنا عن الأضرار التي لحقت بهم يندرج ضمن حقائق النظام العالمي الذي وصفه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، منتصف الأسبوع الماضي، بأنه ليس نظاما عالميا وإنما نظام أمريكي.
وأنا أكتب هذا حتى لا يطلب منا أحد المستحيل. فنحن لا نستطيع أن نواجه النظام العالمي. فمعاداة نظام تخضع له دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان هو سباحة عكس التيار مضاره أكثر من منافعه. فبلدنا الواثق من نفسه يمكن أن يدافع عن حقه من خلال ما يتيحه له القانون الدولي وذلك على الرغم من ضيق مساحة هذا القانون للاخرين.
عبدالله عبدالمحسن الفرج- الرياض السعودية-