رأت صحف غربية بارزة ان اقتراع الكونغرس لصالح تخطي الفيتو الرئاسي وتبني مشروع قانون مقاضاة السعودية يأتي في سياق تحولات كبيرة تشهدها علاقات الرياض مع دول الغرب، وأشارت هذه الصحف الى ان هذه التحولات تعود بشكل اساس الى الدور السعودي بنشر التطرف والحرب على اليمن التي ادت الى توسيع موطئ قدم الجماعات الارهابية بهذا البلد.كما نقلت هذه الصحف عن اعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الاميركي بان المال السعودي والوهابي يساهم بشكل مباشر في تجنيد الارهابيين.
صحيفة "Financial Times" بدورها نشرت تقريراً اعتبر ان موافقة الكونغرس على قانون مقاضاة السعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من ايلول تأتي في سياق تحولات كبيرة تشهدها علاقات الرياض مع الغرب بسبب ما يقال عن دور السعودية بنشر التطرف الديني وممارساتها في اليمن.
ولفت التقرير ايضاً الى ان مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين اقترعا لصالح تخطي الفيتو الرئاسي رغم مساعي اللحظة الاخيرة من قبل الادارة الاميركية والسفارة السعودية في واشنطن.
كما قال التقرير ان السعوديين يضطرون الى التكيف مع مزاج انتقادي اكثر علنية في الكثير من العواصم الغربية. ونقل عن عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي "Chris Murphy" (وهو من ابرز اعضاء الكونغرس المنتقدين للسعودية) قوله: "اننا توسلنا لهم (للسعوديين) للقيام بعمل افضل فيما يخص الاهداف التي يضربونها في اليمن، لقد اخبرناهم عن الاهداف التي يجب ان لا تضرب لكنهم لم يصغوا". مشددًا “Murphy” على ضرورة توجيه رسائل الى السعوديين بان "الدعم الاميركي لهم مشروط".
وتابع التقرير بان المحللين الاميركيين يقولون ان "تصعيد التطرف التكفيري في اليمن الذي جاء نتيجة الحرب السعودية هناك قد عزز المواقف المعادية للسعودية في اميركا". ونقل عن الباحث في مركز "ويلسون"، "Andrew Bowen" بان بعض اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي يبحثون عن سبل لربط بعض الممارسات السعودية في اليمن باحداث الحادي عشر من ايلول، وذلك من اجل ايجاد خطاب اشمل يشدد على ضرورة التدقيق بما تفعله السعودية.
كما اكد التقرير على ان تخطي الفيتو الرئاسي يعد مؤشرًا واضحًا على تغير المناخ السياسي امام السعوديين. كما ونقل عن السيناتور “Murphy” بان الاموال "السعودية والوهابية" تساهم بشكل مباشر في تجنيد الارهابيين.كذلك نقل عنه بان اميركا غضت الطرف وسمحت للسعوديين بخلق نموذج من "الاسلام" اسس للجماعات "التي تحاربها اميركا اليوم" (مثل داعش وغيره)، على حد قوله.
ونبه التقرير الى ان تخطي الفيتو الرئاسي يتزامن مع تزايد المخاوف حيال عدد القتلى في الحرب على اليمن. واضاف ان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة سيناقش هذا الاسبوع مشروع قرار تقدمت به هولندا يطالب بارسال هيئة رصد محايدة الى اليمن من اجل جمع الادلة عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان هناك.
كذلك نقل التقرير عن مدير تحرير وكالة انباء "Yemen Post"، "حكيم المسماري" بان المرحلة الحالية تشهد اعلى وتيرة في المجازر السعودية ضد المدنيين اليمنيين. ونبه ايضاً الى ان بريطانيا تدعم مشروع القرار الهولندي المطالب بارسال هيئة رصد مستقلة الى اليمن من اجل التحقيق بالانتهاكات التي ترتكب في هذا البلد.
وقد كتبت صحيفة "واشنطن بوست" نشرت تقريراً جاء فيه أن اقتراع الكونغرس لصالح تخطي الفيتو الرئاسي بمشروع قانون مقاضاة السعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من ايلول يعد نكسة حادة للسعودية.
وقال التقرير ان "الاقتراع بغالبية ساحقة لصالح تخطي الفيتو الرئاسي – 97 صوتًا مقابل صوت واحد في مجلس الشيوخ و348 صوتًا مقابل 77 صوتًا في مجلس النواب - يعكس مدى تراجع نفوذ السعودية في واشنطن"، وأضاف التقرير ان هذا التطور يأتي قبل قرابة شهر فقط من الانتخابات الاميركية (انتخابات رئاسية وفي الكونغرس)، ولذا فإن هناك استحالة بمعارضة مشروع القانون المطروح الذي تسعى وراءه عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من ايلول منذ فترة طويلة.
كذلك اشار التقرير الى ان مساعي الحكومة السعودية وبعض حلفائها، مثل شركات اميركية كبرى كشركتي "General Electric" و "Dow Chemical" فشلت في تعطيل تبني مشروع القانون. ولفت التقرير الى ان تلك الخطوة هي من آخر المؤشرات التي تدل على تراجع النفوذ السعودي بالكونغرس، فقد اقترع مجلس الشيوخ الاميركي الاسبوع الفائت على مشروع قرار ينص على تقليص مبيعات السلاح الى السعودية على خلفية استهدافها المدنيين في اليمن بغالبية 71 صوتًا مقابل 27، وقد رأى نائب مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في واشنطن "John Sifton" ان هذا الاقتراع تعبير عن مدى القلق حيال الممارسات السعودية في اليمن وفي الداخل ايضاً، حيث تفرض القيود على النساء والمنشقين السياسيين. ورأى "Sifton" ان المواقف في أميركا حيال السعودية بدأت تتغير.
كما ونقل التقرير عن الاستاذ الجامعي "Gregory Gause"، الذي يعد من ابرز الباحثين الاميركيين المختصين بالملف السعودي، ان انعدام الثقة عند الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس ادى الى تعقيد العلاقات الاميركية السعودية، حيث قال ان "العلاقات الاميركية السعودية لا تحظى بالكثير من التأييد عند اي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في هذه الفترة"، مضيفاً ان الاميركيين "قلقون من دعم السعوديين للفكر الوهابي".
شخصيات من تيار المحافظين الجدد يروجون للطائفية في العراق
وفي سياق آخر، كتب الدبلوماسي الاميركي السابق زلماي خليل زاد مقالة نشرها موقع "National Interest" أشار فيها الى ان الحكومة العراقية وبالتنسيق مع قوات البشمرغا التركية ودعم الولايات المتحدة ستبدأ عمليات تحرير الموصل من داعش هذا الاسبوع. وزعم الكاتب الذي يعد من اهم شخصيات تيار المحافظين الجدد ان اي انتصار على داعش في الموصل قد يكون نكسة استراتيجية في حال عدم الاستعداد بالشكل المناسب لفترة ما بعد تحرير الموصل.
واضاف الكاتب ان حملة تطهير موصل من داعش قد تشعل عدة حروب اخرى (غير الحرب على داعش) ما قد يتسبب بدمار اكبر للمدينة، مدَّعيًا ان عملية طرد داعش من الموصل قد تصعد التوتر الطائفي وتعطي فرصة لعودة داعش وحلفائها.
وتحدث الكاتب عن دور الحشد الشعبي في تحرير الموصل، زاعماً أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعلن في البداية أنهم لن يلعبوا أي دور في تحريرها، مضيفًا أنه تراجع عن تعهده، وان ذلك يعود الى ضغوط من قبل الاحزاب العراقية المتحالفة مع ايران، بحسب زعمه، مشيرًا إلى أن احداث الموصل تشكل اهمية لايران من حيث رغبة طهران بهزيمة داعش.
كما وتحدث الكاتب عن أهمية منطقة تل اعفر الواقعة غرب الموصل، اذ ان هذه المنطقة واضافة الى كونها موطنًا للشيعة التركمان، فانها ايضاً تعطي لايران قاعدة أمامية عند نقطة التقاطع بين العراق وسوريا والمناطق التركية الكردية، وعليه قال ان السيطرة على تل اعفر ستسمح لايران بتعزيز دعمها للرئيس السوري بشار الاسد.
وكشف الكاتب انه سمع من قادة كل من السعودية وكيان الاحتلال الاسرائيلي وتركيا (خلال زيارة قام بها مؤخراً الى الدول الثلاث المذكورة) "مخاوفهم من ان ايران ستستغل احتلال الموصل من قبل عناصر مؤيدة لها، بغية التأسيس لانشاء ممر بري الى سوريا يمكن ان تستفيد ايران منه لضرب حلفاء اميركا"، على حدِّ تعبيره.
هذا وتطرق الكاتب الى الدور التركي، مشيرًا أن "لدى تركيا مصلحة بالدفاع عن السنة التركمان وضمان عدم اقصاء حلفائها من السنة العرب بلعب دور سياسي بالموصل بعد طرد داعش".كما قال ان انقرة متخوفة من وجود عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب بجبل سينجار الواقع بين الموصل والحدود السورية.
ولفت الكاتب الى ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد تحدث علناً عن استعداده لدعم دخول قوات "سنية عربية" من اجل حماية السنة التركمان، مضيفاً أن تركيا أنشأت قاعدة عسكرية بمنطقة بعشيقة شمال العراق غم معارضة بغداد، وان القوات التركية تقوم بتدريب عناصر ما يسمى "الحشد الوطني" في هذا المركز.
الكاتب تابع بان دعوة العبادي خلال كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة لمغادرة القوات التركية الاراضي العراقي تنذر بمشاكل مستقبلية في حال عدم التوصل الى اتفاق حول الدور التركي.
الكاتب قال ان عدم حل هذه المشاكل المزعومة التي تحدث عنها مسألة تثير القلق، وشدد على ضرورة معالجة هذه القضايا من اجل تجنب تفاقم مشكلة الارهاب والتطرف في العراق. مشيرًا إلى أن الفكرة التي يحبذها كثير من القادة "السنة العرب" هي تحويل نينوى الى منطقة فدرالية.
وفي الختام قال الكاتب أن نجاح العملية العسكرية في الموصل قد يشكل إنجازاً مهماً في عملية المصالحة، لكنه أضاف ان ذلك يتطلب الالتفاتة الى فترة ما بعد داعش. وزعم ان عدم معالجة المشاكل المزعومة التي ذكرها قد يشكل بداية مرحلة جديدة مما اسماه "الحرب الاهلية في العراق".
متابعات-