تواصل » صحف ومجلات

العلماء: الإسلام يرفض إعلام الفتن والتفرقة والإثارة

في 2017/02/03

أعرب علماء دين وخبراء إعلام عن رفضهم القاطع للخطاب الإعلامي الذي يتجه إلى إثارة الفتن، والبعد عن الموضوعية، مؤكدين أن الإسلام وضع عدة حدود وضوابط لحرية الكلمة، حتى لا تتحول تلك الحرية إلى معول هدم للمجتمع المسلم، وأول هذه الضوابط وأهمها مراعاة مصلحة المجتمع والأمة.

وأكد العلماء أن الإسلام دين الحرية المسؤولة التي تحقق الخير والفائدة للصالح العام والخاص، واحترم الكلمة ومنحها حق الانتشار، لكنه أراد لها أن تكون منضبطة وملتزمة‏.

الواقعية والموضوعية

أوضح الدكتور عبدالحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن من أهم ما يجب أن يتحلى به الخطاب الإعلامي في المرحلة الراهنة الواقعية والموضوعية، وهذا يعني أن تكون الرسالة الإعلامية مرتبطة بالواقع، ومسلطة للضوء عليه، وعلى مشكلاته، بحيث تخلو من المبالغات والإثارة التي يعمل البعض على إحداثها أملاً في تحقيق أكبر قدر من المشاهدة، وهذا كله يتأتى على حساب الضمير المهني، وعلى حساب الرسالة الإعلامية، فضلاً عن المواطن، وما يترسخ لديه من مفاهيم مغلوطة.

وشدد على ضرورة التحقق من صدق الخبر، وذلك لأن الكلمة التي تلقى على مسامع الناس، إن لم تكن ذات مضمون حقيقي، وقصد بها الإثارة، فقد تحدث شرراً لا يعلم مداه إلا الله عز وجل، وذلك بسبب خبر كاذب قد يهدم بيوتاً، أو يقيم حروباً ومعارك دامية، وذلك بسبب إعلامي متسرع، لم يتثبت مما يقول أو ينقل، وهذه صفة ذم القرآن أصحابها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 06».

أمانة الكلمة

وقال الدكتور منصور «الكلمة التي يتفوه بها الإنسان، هي من نعمة البيان التي أنعم الله بها على عباده حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، «سورة الرحمن: الآيات: 1 - 4»، ولأهمية الكلمة وخطورتها ضرب الله بها المثل في القرآن الكريم، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)، «سورة إبراهيم: الآيات 24 - 26»، ومن الأهمية بمكان، التحلي بأمانة الكلمة».

وأضاف «لا يجوز ولا يليق أن ينشر إعلامي خبراً غير موثوق به، من شأنه أن يمس شرف بعض الناس وعرضهم، لمجرد أنه سمع كلاماً لم يستوثق منه، ومن المهم أيضاً عدم إشاعة الأخبار الكاذبة، التي تثير البلبلة في صفوف المجتمع، فهذا لا يتفق وتعاليم الإسلام السمح، فقد ورد في الحديث عن رسول الله أنه قال: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»، وسئل النبي عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: «الفم والفرج»، وقد سأل معاذ بن جبل النبي عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده عن النار، فأخبره النبي، فأخذ بلسان نفسه ثم قال «كف عليك هذا»، فقال «وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟» فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم- أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟»، وقال «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم»».

مصلحة الأمة

وأكد الدكتور محمود يوسف، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الإسلام وضع عدة حدود وضوابط لحرية الإعلام أو حرية التعبير أو حرية الكلمة، حتى لا تتحول تلك الحرية إلى معول هدم للمجتمع المسلم، وأول هذه الضوابط مراعاة مصلحة المجتمع والأمة، حيث ينبغي أن تراعي الكلمة الإعلامية مصلحة المجتمع، وأن تلتزم الحرية الفردية بعدم إضرار الآخرين، وأن تضع مصلحة المجتمع في الاعتبار، ويتضح هذا المعنى في حديث رسول الله: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار لبعضهم أعلاها ولبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن يأخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميع».

وقال: «ومن ضوابط حرية الإعلام أيضاً مراعاة حرمة الحياة الخاصة للأفراد، وحق الخصوصية يعني أن يعيش الإنسان حياته بغير تطفل أو تتبع من أحد، طالما أن حياته ليس فيها ما يهدد الصالح العام، وليس من حق وسائل الإعلام أن تكشف جوانب مخبوءة من حياة أي إنسان بغير استئذان، وقد نهى الإسلام عن اقتحام حرمة الحياة الخاصة قال تعالى: (... وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا...)، «سورة الحجرات: الآية 12»، وفي الحديث النبوي ما يؤكد أن تتبع حياة الناس الخاصة يعد مفسدة للأمة: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم»، فلا يجوز أن تنال من سمعة الأفراد والجماعات أو تسخر منهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ)، «سورة الحجرات: الآية 11»، وقد ورد في تفسير هذه الآية أن المجتمع الفاضل الذي يقيمه الإسلام لكل فرد فيه كرامته التي لا تمس وهي من كرامة المجموع».

وكالات-