نشر الإعلام القطري امس الثلاثاء حقائق تدين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وفضح في الوقت نفسه حقائق تكره الدوحة انتشارها، في الوقت الذي انكشف فيه بالدليل القاطع زيف كذبة القرصنة المزعومة.
ويأتي ذلك فيما ساد الارتباك العديد من وسائل الإعلام القطرية الرسمية، وذلك بعد نجاح الإعلام الخليجي في كشف المستور بمهنية عالية، خاصة أن ذريعة القرصنة لم تنطلي على العارفين ببواطن الأمور.
وأبرزت صحيفة الراية القطرية بشكل واضح لا يقبل الجدل الحقائق التي حاولت الآلة الإعلامية القطرية إنكارها، عندما وضعت عنوانا بالخط العريض على صفحتها الأولى، بصيغة التساؤل، وهو “هل إقامة علاقات وتبادل التهاني مع دولة جارة بها مكانتها بالمنطقة جريمة”، فضلا عن تأكيد الصحيفة نفسها على أن قطر لن تغير ثوابتها على اعتبار أن إيران قوة لا يستهان بها.
وبعد مرور قرابة الأسبوع على عملية القرصنة المزعومة لموقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، لم يصدر حتى الآن أي معلومات رسمية تؤكد وقوع هذه الحادثة، وسط مجموعة من الأدلة تستبعد هذه النظرية.
وكانت وسائل الإعلام القطرية أعلنت في الأربعاء الماضي 24 مايو، أن الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الرسمية تم اختراقه “من قبل جهة غير معروفة” وأنّ المخترقين نشروا عليه تصريحاً “مغلوطاً” نسبوه إلى أمير البلاد تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، عرفت باسم “تصريحات تميم”، ثم زعمت قناة “الجزيرة” القطرية أن حساب الوكالة على تويتر أيضاً تعرض للقرصنة.
وجاء ضمن أبرز الشبهات التي تدور حول تلفيق قصة القرصنة، قيام إدارة وكالة الأنباء بإيقاف الموقع الإلكتروني تماماً عن العمل حتى هذا اليوم، ليبقى الدليل الوحيد حول الواقعة مخفياً في صفحة النبأ الذي أزيل تماماً وتم مسحه.
ولعل من الأدلة التي تشير إلى عدم وجود عملية قرصنة، هو بث القناة الرسمية القطرية جزءاً من كلام أمير قطر في إحدى النشرات الإخبارية، قبل ساعات من إعلان القرصنة المزعوم، ونشرت منصات التواصل الاجتماعي التابعة للوكالة الرسمية القطرية، من بينها فيس بوك وتويتر وإنستغرام وغوغل بلس، “تصريحات تميم” كما هي.
وهنا لا يمكن إلا التساؤل حول اختراق حسابات التواصل الإجتماعي، إذ أنه إذا ما تم التسليم جدلاً بأن حساب إنستغرام وتويتر يمكن اختراقهما كونهما يعودان لمستخدم واحد، إلا أن صفحة الوكالة على فيس بوك تعود إلى حساب آخر، من الصعب معرفة مصدره، من يدير الصفحة ويتحكم بمحتواها، وهذا من دون الرجوع إلى درجة الأمن التي يحظى بها حساب محرك البحث “غوغل” والذي من الصعب جداً اختراق العناوين البريدية الخاصة به والتي يمكن عبرها اختراق صفحات “غوغل بلس”، فهل من المعقول أن المخترق، استطاع الولوج لكل الحسابات والمواقع دفعة واحدة؟
والمستغرب أيضاً مع هذا “القرصان الشبح”، أن يكون قد بذل جهداً مزدوجاً لدى اختراق الموقع، مع نشره ليس فقط الخبر بكامل تفاصيله باللغة العربية، لا بل ترجمته بشكل متقن إلى اللغة الإنكليزية، كما نُشر الخبران في الأقسام الصحيحة المخصصة لهذا النوع من الأخبار المتعلقة بأمير الدولة، بالإضافة إلى استخدام كلمات المفتاح مثل “قطر” و”سمو الأمير” و”نشاطات عامة”.
واعتادت أغلب عمليات القرصنة التي تحدث حول العالم، أن يظهر فيها علامة ما أو إشارة تدل إلى صاحب هذا الاختراق، أو إلى جهة تتبنى العملية، وأقل الإيمان ربما توجيه رسالة ما لمتابعي الموقع، ولكن مع الاختراق المزعوم، لم يحدث هذا الأمر.
فعلى سبيل المثال، تعرضت العديد من مواقع رسمية عديدة لعمليات قرصنة، من بينها مواقع لوزارات ووكالات أنباء في العالم العربي، نذكر منها موقعي “الوكالة الوطنية للإعلام” اللبنانية، وموقع وكالة الأنباء الجزائرية.
وكان موقع وكالة الأنباء القطرية تعرض سابقاً لعمليات قرصنة، إلا أن الأدلة كانت واضحة تماماً، كما حصل مع نهاية العام 2016، عندما نشر أحد القراصنة صورة للأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني مع زوجته الأمير موزة وابنه، الحاكم الحالي تميم بن حمد آل ثاني، وعليها رسالة مكتوبة.
ويعمد عدد من أصحاب الهجمات الإلكترونية والمقرصنين إلى التباهي بما استطاعوا فعله على عدد من المنتديات الإلكترونية، ومن بين أشهرها، موقع “زون- أتش”، الذي يُعتبر اليوم أكبر أرشيف لعلميات اقتحام صفحات الإنترنت حول العالم. ومن خلال البحث في أرشيفه الواسع على كلمة قطر باللغة الإنكليزية، يتبين خلو الجدول من أي ذكر لموقع وكالة الأنباء القطرية، وسط غياب كامل مع مرور قرابة الأسبوع على العملية، من أي تبنٍ رسمي لعملية القرصنة.
الشرق السعودية-