أحمد بودستور- الوطن الكويتية-
قال الشاعر سامر العامري : فلا تعجل على أحد بظلم ... فإن الظلم مرتعه وخيم
المثل الانكليزي يقول (حمصة في حرية خير من وليمة في عبودية) والمفكر المصري مصطفى المنفلوطي له عبارة تقول (الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس) ولكن هناك من يضيق ذرعا بهذه الحرية التي تكشف مواطن الخلل وتسلط الضوء على ما يجري في الخفاء من عبث وتعدٍ صارخ على المال العام وتطالب بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وأن لا أحد فوق القانون .
لاشك أن هناك قوى وأقطاب سياسية تريد أن تحتكر القرار والثروة وتوزع الكيكة على المقربين والموالين والمتنفذين ولذلك هي تحارب كل صوت حر يعبر عن رأي الأغلبية ويكون ضمير الشعب والمدافع عن مكتسباته ومطالبه المشروعة .
إن جريدة الوطن دفعت ثمن مواقفها الجريئة والصلبة التي تتحدى السلطة فهي سلكت طريق المعارضة لسياسة الحكومة في تكميم الأفواه ومصادرة الحريات والاستبداد في قمع الأصوات الحرة وقد نذكر على سبيل المثال جريدة عالم اليوم التي تم إغلاقها أيضا بطريقة تعسفية من خلال إلغاء جنسية مالك الجريدة أحمد الجبر وبالتالي إلغاء الترخيص للجريدة وكذلك إغلاق قناة اليوم الفضائية ولأن هذا الإجراء مر مرور الكرام بدون موقف ومعارضة تذكر من أعضاء مجلس الأمة جاء الدور على جريدة الوطن التي أيضا تم إغلاقها بطريقة مهينة لاتليق بمكانة جريدة الوطن وسمعتها.
إن الكويت كانت تعتبر من أولى في العالم العربي في حرية التعبير والصحافة الحرة وأيضا كانت تتميز بأنها خالية من أي سجين رأي فقد كان سقف عال من حرية التعبير وكانت الحكومة يتسع صدرها للنقد والآراء الحرة التي تهدف إلى الإصلاح والنقد البناء وليس الإساءة والتجريح .
لاشك أن إغلاق جريدة الوطن بتاريخ 19 يناير 2015 وبعدها أيضا تم إغلاق قناة الوطن الفضائية وهذا الإجراء التعسفي وإن استند إلى أحكام قضائية فقد كان سبب الإغلاق لا علاقة له بالمعارضة السياسية ولكن كان يستند إلى سبب تجاري له علاقة بديون والتزامات مادية ومايؤكد ذلك أنه تم إغلاق جريدة الوطن بكتاب وقرار من وزير التجارة والصناعة د. عبدالمحسن المدعج وكان بالإمكان حل هذا الخلاف وديا ولكن إغلاق الوطن كان بناء على صراع بين أقطاب سياسية.
لا نذيع سرا إذا قلنا أن الإعلام الكويتي قد فقد بريقه ومكانته التي كان يشار لها بالبنان فقد تحولت المؤسسات الإعلامية إلى إدارات في وزارة الإعلام خاصة بعد تطبيق قانون الإعلام الالكتروني سيء الذكر الذي صوت عليه أعضاء مجلس الأمة واليوم هم يتباكون على بعض النواب وأيضا شباب الحراك المغرر بهم الذين يقبعون في السجن تنفيذا لأحكام قضائية ولو كان هناك قانون يمنع سجن صاحب الرأي ويكتفي فقط بالغرامة المالية لما وصلت الأمور إلى دخول السجن.
بعد إغلاق الوطن تقدم ستة نواب أتذكر منهم النائب السابق جمال العمر وكذلك النائب صالح عاشور وقد وصل العدد إلى ستة والمطلوب هو عشرة نواب ولكن العدد لم يكتمل فقد كانت المؤسسة التشريعية التي ينبغي أن تدافع عن الحريات مجرد ورقة في جيب الحكومة وإدارة تابعة لها، ولهذا فإننا نقول اليوم لمن يعتصمون في ساحة الإرادة ويطالبون بالإفراج عن محكومي مجلس الأمة المثل القائل(على نفسها جنت براقش).
لاشك أن هناك فراغا كبيرا تركته جريدة الوطن الغراء بعد إغلاقها وغيابها فهي قد كانت شمسا للحرية والكلمة الصادقة وصوتا حرا لكل مواطن ومقيم وهي لم تكن فقط رائدة في الكويت بل كانت الأولى انتشارا في العالم العربي وبغياب جريدة الوطن خسرت الكويت كدولة سمعتها الإعلامية بعد أن كانت في مقدمة الدول العربية ولهذا نأمل أن يصحوا أعضاء مجلس الأمة من سباتهم ويصوتوا على تعديل قانون الإعلام الإلكتروني إن لم يكن إلغاؤه ومنع سجن صاحب الرأي بعد أن تحولت الكويت إلى دولة يضيق سجنها بالمغردين وأصحاب الرأي من الصحفيين والإعلاميين وهو وضع يعد وصمة عار على جبين الحكومة .