واشنطن بوست-
هبطت صحيفة غامضة على أكشاك الجرائد في وول مارت ومحلات السوبر ماركت الريفية الشهر الماضي، تمتلئ بـ 97 صفحة من الأخبار والمقالات المكيفة لتحتفي بالسعودية، التي كان أميرها الطموح سيصل قريبا إلى الولايات المتحدة بعد حملة قوية من العلاقات العامة لتحويل صورة بلاده في واشنطن.
ومع انتشار الأسئلة حول أصول المجلة، قال السعوديون إنهم يشعرون بالارتباك الشديد مثلهم مثل أي شخص آخر، معلنين على تويتر: «إذا عرفتم، فنحن نحب أن نعرف».
لكن الملفات التي حصلت عليها وكالة «أسوشيتد برس» تشير إلى أن نسخة رقمية من المجلة، أنتجتها شركة أميريكان ميديا إنكوربوريشن، تمت مشاركتها بهدوء مع المسؤولين في السفارة السعودية في واشنطن قبل 3 أسابيع من نشرها.
ويضيف الكشف تطورا غامضا آخر لقصة ذلك الاحتفاء التي يقدمه كل من الرئيس «دونالد ترامب» و«ديفيد بيكر»، ناشر «الصحيفة الغامضة» الذي يدعمه للمملكة وقادتها.
ولقد تداخلت عوالم «ترامب» والسعوديين من قبل، وفي كثير من الأحيان بطرق مذهلة. ومدحت إدارة «ترامب» السعوديين بقوة، وقالت إنها وجدت في المملكة شريكا راغبا في مجموعة من القضايا، بما في ذلك إيران ومكافحة الإرهاب وسلام الشرق الأوسط، وفي العائلة المالكة على وجه الخصوص. وقد اتهم النقاد النشرة الرئيسية لمؤسسة «أميركان ميديا»، وهي «ذا ناشيونال إنكوايرر»، بالعمل كحارس لأسرار «ترامب».
وتنفي «أميركان ميديا» أنها شاركت نسخة مسبقة من مجلة «المملكة الحديثة» مع السعوديين أو تشاورها معها بشأن المشروع، وتصر على أن السعوديين لم يدفعوا للشركة لإنتاج المجلة. لكن شخصا على دراية بالموقف قال إنها تواصلت مع المسؤولين السعوديين في الولايات المتحدة قبل النشر لطلب المساعدة في المحتوى. ولم يستجب السعوديون أبدا، بحسب ما قال ذلك الشخص، الذي لم يكن مخولا بالتعليق علنا، وطلب عدم ذكر اسمه.
مخالفة للقانون
ودفعت الظروف غير المعتادة والغموض المستمر حول أصول المجلة الخبراء القانونيين إلى الإشارة إلى مخالفة محتملة لقانون الضغط الفيدرالي، فإذا كان السعوديون أو أي حكومة أجنبية أخرى قد قاموا بتوجيه أو دفع أي شركة لإنتاج مثل هذه المجلة، فستكون هذه الشركة مطلوب منها التسجيل لدى الحكومة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
لكن لا يوجد دليل على حدوث مثل هذا الأمر في هذه الحالة.
فلماذا تعمد «أمريكان ميديا»، المعروفة بنشرها قصصا رنانة عن الجنس والفضائح، إلى إنفاق الأموال في طبع 200 ألف نسخة من المجلة مع صورة لامعة لولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» على الغلاف؟
ولا يعد اسم ولي العهد مألوفا في الولايات المتحدة، وخاصة في ولايات مثل نبراسكا حيث ظهرت المجلة. وبسعر 13.99 دولار أمريكي للنسخة، وبدون إعلانات، يبدو من المستبعد أن يكون المنشور جالبا للربح.
وقد حظي الأمير محمد بالإشادة في الغرب لمحاولة تحديث المملكة العربية السعودية وتحسين بعض حقوق المرأة، إلا أن المجلة تتجاهل أي انتقاد للقضايا الأساسية مثل تكتيكاته الصارمة والنظام السياسي السعودي التقييدي وتدخل البلاد الدموي في اليمن والتكتيكات المتشددة تجاه لبنان.
وقال «سعود قبلي»، مدير الاتصالات بالسفارة السعودية، إن السفارة ليس لها دور في إنتاج المجلة.
وأضاف: «لا نواجه مشكلة مع المجلة، لكننا لا نعتقد أنها فعالة».
وتبين البيانات الوصفية المضمنة التي حصلت عليها «أسوشيتد برس» أنها قد تم إنتاجها من قبل «أميركان ميديا» في 19 فبراير/شباط، ومشاركتها مع مسؤولي السفارة السعودية. وبدأت بعد ذلك في الانتشار على المستوى الداخلي بين المسؤولين السعوديين، بما في ذلك المكتب العسكري للسفارة، وفقا لأفراد مطلعين على الوضع.
وبعد شهر، في 19 مارس/آذار، وصل «بن سلمان» إلى الولايات المتحدة، حيث كانت المجلة بمثابة سجادة حمراء مكتوبة.
هناك الكثير من التفسيرات التي قد تصلح كإجابات للمجلة الغامضة. ففي الوقت الذي بدأت فيه المملكة العربية السعودية بالانفتاح على وسائل الترفيه الغربية، سعت وسائل الإعلام الأمريكية إلى توسيع إمبراطوريتها الإعلامية إلى المملكة. وفي غضون ذلك، في الصيف الماضي، سافر رجل أعمال أمريكي ورجل أعمال فرنسي إلى الرياض، بعد تناول عشاء في البيت الأبيض مع ترامب، ليدفعوا المستثمرين السعوديين لمساعدة «أمريكان ميديا» في الاستحواذ على مجلة التايمز.
وقد نفت المجموعة تقديم مثل هذا الطلب.
ولدى «ترامب» والمقربون منه سوابق شهيرة لمثل هذه الممارسات، حيث سعت شركة عائلة «كوشنر»، صهر الرئيس، إلى الحصول على أموال من مستثمر سعودي لشراء حصة شريكها في ناطحة سحاب في مانهاتن كانت تخسر المال لأعوام.