متابعات-
منذ اللحظات الأولى لتحركات مليشيات "الكرامة" التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر نحو طرابلس، وظفت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية منصاتها بمختلف فئاتها لمساندة تلك العملية العسكرية بشكل فاضح وغير مهني، من خلال تداول أخبار غير دقيقة.
وتسابق الإعلام السعودي والإماراتي، وخاصةً القنوات الفضائية، كـ"العربية" و"سكاي نيوز"، لتقديم رواية حفتر، وبث ادعاءات بأنه بدأ بالسيطرة على طرابلس وعدة أماكن حيوية فيها، في حين كشف الميدان بشكل سريع عن التضليل الذي تمارسه تلك الوسائل.
وتعكس هذه التغطية الإعلامية المنحازة من قبل تلك القنوات لحفتر، الموقف الرسمي السعودي والإماراتي غير المعلن في دعم حفتر الذي يواجه معارضة دولية كبيرة في خطوته العسكرية الأخيرة.
العميد محمد القنيدي، آمر الاستخبارات العسكرية التابعة لقوات "البنيان المرصوص"، كان قد كشف أن الإمارات والسعودية ومصر ترعى تحركات حفتر نحو طرابلس، وهو ما أظهرته تغطية وسائلهم الإعلامية.
وقال القنيدي، في تصريح لـ"الخليج أونلاين" في (5 أبريل)، إن الدول العربية الثلاث تدعم "آمر مليشيات الكرامة (حفتر)" بهدف خلق سيسي جديد في ليبيا.
هذيان الصحف
الانحياز الإعلامي السعودي لحفتر جاء من صحفيين سعوديين بارزين تستعين بهم المملكة وأجهزتها الاستخباراتية لإيصال مواقفها السياسية بشكل غير مباشر، إذ أفردت صحيفة الشرق الأوسط مقالاً لعبد الرحمن الراشد، معنوناً: "لماذا نريد انتصار حفتر؟".
ووصف الراشد في مقاله خطوة حفتر بأنها ستنهي "الكابوس، والفوضى التي دامت ثماني سنوات، ويتمنون (الليبيين) دولة موحدة بحكومة مركزية واحدة وجيش واحد".
وزعم الراشد أن العالم يريد تحرير ليبيا، وهو ما يعد موقفاً مخالفاً وغير دقيق لتوجه القوى الدولية، التي أبدت رفضها لخطوة حفتر، ودعته للتراجع، ووقف تحركاته تجاه طرابلس، وضرورة الحل السلمي.
وادعى الكاتب السعودي أن الجيش الليبي والمجموعات الثورية التي تسانده جماعات "متطرفة"، تتبع لتنظيم القاعدة، ومدعومة من دول خارجية، دون أي دلائل.
وليس ببعيد عن صحيفة الشرق الأوسط، نشرت صحيفة "عكاظ" السعودية المقربة من الديوان الملكي، مقالاً للكاتب السعودي محمد الساعد، يدعم حفتر ويتهم الحكومة الليبية بقيادة فايز السراج المعترف بها دولياً بأنها تنتمي لجماعة "الإخوان المسلمين".
وساق الساعد في مقاله الذي عنونه: "حفتر.. يقوّض الجائزة الكبرى في ليبيا!"، اتهامات للحكومة المعترف بها دولياً، بأنها تنفذ أجندات خارجية، من خلال أجهزة استخباراتية، لصناعة نفوذ لها، وذلك من خلال تحليله دون تقديمه لقرائن لقرائه تؤكد دقة ما يقول.
وكرر الساعد في مقاله الهجومي ذكر جماعة "الإخوان المسلمين"، في محاولة منه لشيطنة الحكومة المعترف فيها دولياً، ومحاولة تحريض الليبيين عليها، من خلال قوله إنها تريد السيطرة على الحكم في البلاد.
وساق الساعد اتهامات مكررة حول ادعائه بوجود دور قطري للسيطرة على خيرات ليبيا، دون أي حديث عن دعم بلاده والإمارات المتواصل لحفتر الذي يلقى نقداً دولياً، واتهامات له بجر ليبيا إلى حرب أهلية.
وسخرت القنوات السعودية الإماراتية شاشاتها ومنصاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لدعم حفتر بشكل كبير وممنهج، من خلال استضافة شخصيات قريبة منهم، للحديث عما يدور في ليبيا.
سلسلة أكاذيب
المحامي وخبير القانون الدولي محمود رفعت أكد أن الإعلام السعودي والإماراتي يبثّ أكاذيب تدّعي تقدم مليشيات المتمرد المدعوم إماراتياً حفتر بمحاور طرابلس.
وقال رفعت، في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع "تويتر" : "تلقت مليشيا حفتر هزائم ساحقة، وتم الاستيلاء على أسلحتها، وأنا على تواصل مستمر مع قادة العمليات في ليبيا".
يحاول إعلام #السعودية و #الإمارات جاهداً تصوير المنطقة الغربية بليبيا والتي تضم #طرابلس وكبريات محافظات #ليبيا والحكومة المعترف بها دوليا أنها مليشيات تسلحها #قطر وأن #حفتر يقوم بتطهيرها.. من يغيب عقله ويقبل هكذا استحمار بعصر جوجل فهو ليس ضحية بل شريك بالجرم.. لم نعد بعصر الراديو
— Mahmoud Refaat (@DrMahmoudRefaat) April 5, 2019
وأضاف رفعت: "يحاول إعلام السعودية والإمارات جاهداً تصوير المنطقة الغربية بليبيا، التي تضم طرابلس وكبريات محافظات ليبيا والحكومة المعترف بها دولياً، أنها مليشيات تسلحها قطر، وأن حفتر يقوم بتطهيرها.. من يغيب عقله ويقبل هكذا استحمار بعصر جوجل فهو ليس ضحية بل شريك بالجرم.. لم نعد بعصر الراديو".
والخميس الماضي، أطلق حفتر عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس، وسط تحفز من حكومة الوفاق لصد أي تهديد، وإطلاق عملية "بركان الغضب"، الأحد، لوقف أي اعتداء.
ويأتي التصعيد العسكري من جانب حفتر مع تحضيرات الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للحوار في مدينة غدامس الليبية (جنوب غرب)، بين 14 و16 أبريل الجاري، ضمن خريطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط.