أحمد شوقي- راصد الخليج-
لا شك وان الاعلام الخليجي يشترك مع الاعلام العربي - الا ما ندر – في خطيئة التعتيم والتوجيه الفج وعدم السماح بوصول الاراء المختلفة، وهو ما يترتب عليه افتقاد الموضوعية والمصداقية، وبحث الشعوب عن منافذ اعلامية اخرى لتحري الحقائق، وقد تكون المنافذ الاخرى هي ايضا موجهة او تخلط السم بالعسل، وليست كلها شريفة وموضوعية, وهو ما يوقع المواطن الخليجي والعربي فريسة بين سندان هذا ومطرقة ذاك.
الا ان التعتيم او ديكتاتورية الرأي قد تتضاءل خطورتها اذا ما قورنت بممارسات اخرى اقل ما يقال عنها انها (غير مسؤولة) ولا نريد القطع بانها (مشبوهة)، مثل التحريض على الاشقاء او الامعان في تبرير العدوان وتسويغ الاخطاء السياسية القاتلة.
وهنا يمكننا القاء الضوء على نموذج حديث لم يتم بثه من سموم لا نعرف مدى استيعاب مطلقيها وناشريها لخطورتها من عدمه.
بعد الهجوم اليمني بطائرات مسيرة على معملين لشركة ارامكو السعودية في عملية نوعية جديدة للجيش اليمني، صدر كثير من التحليلات لهذا الهجوم النوعي ومدى تطوره مع اجتهادات عسكرية لتفسير كيفية مرور الطائرات المسيرة لهذه المسافات ومن اين اتت بالمساعدات اللوجستية، وغيرها مما احاط بالعملية.
الا انه خرج علينا محلل سعودي، وهو الكاتب والمحلل السياسي السعودي، شاهر النهاري، بتحليل فريد، حيث استبعد أن تكون جماعة "أنصار الله" هي من نفذت الهجوم على معملين لشركة "آرامكو" شرق السعودية.
وذكر النهاري، في تصريحات لراديو "سبوتنيك"، أنه "من غير المعقول أن تقطع هذه الطائرات مسافة حوالي 1300 كيلومترا دون أن تتعرض لها القوات السعودية، وعليه فإن هذه الطائرات أتت من نقطة قريبة ولعلها العراق".وفي الوقت نفسه، ذكر المحلل السياسي السعودي أن إيران تقف خلف هذا الهجوم.
وهنا وقفة لازمة، فلو كان هذا الكاتب مجرد كاتب هاو او مواطن عادي يقول رايا في تغريدة او على صفحته في مواقع التواصل، لكنا اكتفينا بالادانة لهكذا اراء غير مسؤولة يمكن بانتشارها ان تسبب مشكلات بين الدول والشعوب وتتسبب في ضرر للعلاقات.
ولكن ولأن الكاتب هو من الكتاب المشهورين وله باب ثابت في موقع العربية، وهو طبيب بمستشفيات عسكرية سعودية، وترأس وفودا سعودية في عدة مؤتمرات، فهنا يتخطى هذا الرأي مجال انه رأي شخصي، لمجال انه رأي مقروء وربما مسموع وله جماهيرية، كما انه يحسب بشكل كبير انه رأي يعكس وجهة نظر رسمية!
نعم هو يتحدث باسمه،, ولكن وضعه ووضع المنبر الذي يكتب فيه، يقول ان هذا الرأي له تداعيات خطيرة، فهو اتهام لدولة شقيقة مثل العراق وهو اصطفاف مع الصهاينة في عدوانهم على العراق وقصف مخازن اسلحة جيشها، ناهيك عن انه اتهام مرسل للعراق وايران لا يحمل رصانة وادلة تليق بكاتب يحمل هذه المقومات السابق ذكرها.
هل يراد للخليج ان تقع في مشكلة جديدة مع العراق، وهل يراد للوضع العربي فتح جبهة داخلية جديدة للصراع تضاف الى جبهة الازمة الخليجية بين السعودية والامارات من جهة وقطر من جهة اخرى، لتدخل العراق ايضا طرفا، ناهيك عن التوترات بين السعودية والامارات؟
هل تستمر الحرب الظالمة على اليمن في احداث الخسائر واستنزاف الامن القومي الخليجي والعربي اكثر من ذلك، وبدلا من الاعتراف بالخطأ وايقاف هذه المهزلة، فان الحرب، وما يحيط بها من هكذا ممارسات اعلامية، تستمر لتفقد الخليج يوما بعد يوم قسما من علاقاتها مع الاشقاء والجوار، ناهيك عن خسائرها الحربية والاقتصادية؟!
ان كان الاعلام الخليجي عاجزا عن النصح والارشاد والدعوة لايقاف الاخطاء بحكم سيطرة الانظمة عليه، فعلى الاقل، من الواجب عليه الالتزام بالمسؤولية ووزن الكلمات والاتهامات المرسلة والتحلي بروح الوعي والفهم بدلا من الاصطفاف مع الصهاينة مصادفة او عمدا!