الخليج أونلاين-
منذ اليوم الأول لإعلان الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي تطبيع العلاقات بينهما بشكل رسمي وعلني، في منتصف سبتمبر الماضي، شهد الطرفان توقيع العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية، والرياضية، والثقافية، والإعلامية.
وبرز مع اتفاق التطبيع بين الإمارات و"إسرائيل" اهتمام دولة الاحتلال بعقد اتفاقيات تتعلق بالإعلام لكونه المنصة الأهم لإيصال رسائلها إلى الجمهور، فكان آخرها مذكرة التفاهم التي وقعتها شركة "أبوظبي للإعلام" وقناة "i24news" الإسرائيلية.
وتقوم المذكرة على رسم أطر التعاون الثنائي بين الجانبين، في مجال الأخبار والقضايا الراهنة والتقارير وإنتاج المحتوى، وتغطية إخبارية متبادلة عبر المراسلين في "إسرائيل" والإمارات، مع التركيز على التعاون في التقارير الإخبارية باللغة العربية والمقابلات والتصريحات.
اهتمام سياسي
وسبق تلك الاتفاقية اهتمام أعلى الهرم السياسي الإسرائيلي في الظهور عبر إعلام الإمارات، حيث خرج رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عبر قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، في (أغسطس الماضي)، وقابله خروج وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في مقابلة مصورة مع الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد لموقع "إكسيوس".
كذلك، حرص الإسرائيليون على استضافة شخصيات إماراتية، فخرج نائب رئيس شرطة دبي سابقاً، ضاحي خلفان، على القناة الـ"12" الإسرائيلية.
وبعد أقل من شهر على إعلان الإمارات التطبيع الكامل مع الكيان الإسرائيلي، وقبيل إجراء مراسم توقيع الاتفاق (15 سبتمبر)، كشفت وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، نورة الكعبي، عن تدشين تعاون ثقافي بين الجانبين.
الكعبي قالت في تصريح لصحيفة "عكاظ" السعودية، في 13 سبتمبر، إن الثقافة تمهد الأرضية "أمام تفاهمات وشراكات نوعية في مجالات لم يتم تناولها مسبقاً، وتعمل على تجسير الثقة والقابلية المتبادلة بين الدول والمجتمعات".
ويعد التعاون الثقافي بين الإمارات و"إسرائيل"، وفق الكعبي، أحد المجالات الرئيسة التي سيتم تدشينها خلال الفترة المقبلة مع تل أبيب.
وإلى جانب تلك الاتفاقية وقَّعت لجنة أبوظبي للأفلام وصندوق الأفلام الإسرائيلي ومدرسة "سام شبيغل" للسينما والتلفزيون الإسرائيلية، اتفاقية تعاون للتدريب والإنتاج، تتضمن خططاً لمهرجان سينمائي إقليمي سنوي بالتناوب بين أبوظبي و"إسرائيل".
واتفق الطرفان على جدول أعمال يتألف من أربع مبادرات رئيسة، تضم إقامة ورش عمل مشتركة، والتدريب والتعلم والاستفادة من مختبر الأفلام الدولي، إضافة إلى إقامة مهرجان سينمائي إقليمي، وإقامة برامج تدريبية متقدمة مخصصة لصناع الأفلام بين الطرفين، للمشاركة في ورش عمل مكثفة لتطوير النصوص خلال عدة أشهر، بهدف تطوير إنتاجات مشتركة بين أبوظبي و"إسرائيل".
كما سيتم اختيار طلاب إماراتيين للدراسة في أحد المسارات التعليمية الثلاثة التي تقدمها مدرسة "سام شبيغل" للإنتاج السينمائي المعترف بها عالمياً في مقرها بمدينة القدس المحتلة، على خلفية التطبيع الثقافي بينهما.
ترتيبات مسبقة
أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الفلسطينية بالضفة الغربية، الدكتور فريد أبو ظهير، يصف الاتفاقيات الإعلامية بين الإمارات ودولة الاحتلال بـ"التسونامي"؛ بسبب الاندفاع إلى توقيع أكثر من اتفاقية في هذا المجال بوقت قياسي.
وتعود سرعة توقيع اتفاقيات الإعلام بين الإمارات و"إسرائيل"، كما يؤكد أبو ظهير في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى وجود ترتيبات مسبقة وجاهزة قبل الإعلان الرسمي عن توقيع اتفاقية التطبيع بين الطرفين.
وتستغل الإمارات و"إسرائيل"، حسب أبو ظهير، وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، لذا تعمل بشكل يومي على الإعلان عن توقيع اتفاقيات سواء سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية.
وتهدف الاتفاقيات الإعلامية، وفق أبو ظهير، إلى تمرير التطبيع الإسرائيلي لدى شعوب الإمارات بشكل خاص، خاصة أنهم بعيدون جغرافياً عن "إسرائيل"، وخطوط المواجهة، على خلاف شعوب مصر والأردن.
ولن تتوقف المسألة بين الإمارات و"إسرائيل"، كما يرى أستاذ الإعلام في جامعة النجاح، على الاتفاقيات الإعلامية، بل سيكون هناك نوع من الأعمال الإعلامية المشتركة بين الطرفين.
ويوصي أبو ظهير وسائل الإعلام العربية المختلفة بضرورة العمل على مواجهة المحاولات الإعلامية بين الإمارات ودولة الاحتلال لتمرير رسائلهم والوصول إلى الشعوب.
استنكار فلسطيني
حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين اعتبرت أن مذكرة التفاهم الإعلامي بين "أبوظبي للإعلام" وإعلام الاحتلال تساوق مع التهويد وترويج للرواية الصهيونية.
وفي بيان للحركة الفلسطينية، (الثلاثاء 8 ديسمبر)، قالت: إن "هذه المذكرة الإعلامية تعني تقديم خدمة كبيرة للاحتلال من خلال فتح المجال له للسيطرة على جزء كبير من وسائل الإعلام العربية واحتلالها احتلالاً ناعماً".
وستعمل الاتفاقية، وفق بيان الجهاد الإسلامي، على "تصدير الإمارات لروايات الاحتلال المكذوبة في تزوير التاريخ والجغرافيا، والإمعان في التنكر لأصحاب الحقوق، وليقف المطبعون شهود زور وعرّابين لجرائم الاحتلال".
وتعد الاتفاقية، وفق البيان، "تسليم الإمارات وسائل الإعلام العربية إلى يد العدو الصهيوني، ليعيث الاحتلال فساداً عبر نشر أخباره خلال القنوات العربية بما يخدم السعي الصهيوني للسيطرة على الوطن العربي وممارسة نهجه في التضليل وتزييف الحقائق، وتحقيق جزء مهم من حلم إقامة ما يسمى إسرائيل الكبرى".
وتخدم الاتفاقية، وفق البيان، "التهويد والاستيطان والتطرف اليهودي من خلال دعم منتجات المستوطنات وإقامة مشاريع استثمارية داخل المستوطنات الصهيونية المقامة على الأرض الفلسطينية المغتصبة داخل القدس والضفة الغربية".