الوطن- مسجد من المساجد تحت منبره دولاب فيه مصاحف، ويقوم الخطيب على المنبر، هل يصح هذا الوضع؟
هل هذه المصاحف يكون عليها الخطيب؟ أو هي نازلة بحيث يوجد فراغ ؟ فإن لم يكن فراغ بحيث تكون متواصلة هذه المصاحف إلى أعلى بحيث يكون الخطيب يقف عليها فذلك غير جائز، لأن حرمة المصاحف حرمة عظيمة إذ القرآن هو كلام الله، ويجب على الإنسان أن يرعى حق هذا الكلام العظيم الذي جاء من رب العالمين سبحانه وتعالى.
وأما إن كان هنالك فراغ فمثل ذلك كمثل من يصلي فوق غرفة وتحتها حجرة فيها مصاحف أيضا فلا يمنع ذلك مع وجود الفراغ ، ولكن مع ذلك إن وجد لهذه المصاحف مكان آخر توضع فإنه يجب أن يراعى ذلك حرصاً على تنزيه كتاب الله تبارك وتعالى وتقديساً لكلام الله عز وجل.
إذا مرت عليه سجدة في المصحف فأين يضع المصحف ، هل يضعه على الأرض على الرغم من أنها طاهرة؟
المصحف يجب أن يصان ، ونحن من وجدنا من علمائنا من يقول بأن الكتاب الذي فيه آيات من كتاب الله ، وفيه أسماء لله تبارك وتعالى ، وفيه علم نافع من حرمته أن لا يترك على الأرض ، بل يوضع على مكان مرتفع ، وهذا من تقدير العلم ، ومن تعظيم أسماء الله تعالى وآياته ، فكيف بكلام الله تبارك وتعالى ، كيف بكتاب الله المنزل الذي هو كلامه يضعه الإنسان على الأرض حيثما يضع قدمه ، لا ينبغي أن يصدر ذلك ممن يعظم حرمات الله ويجلها بل عليه أن ينظر له مكاناً رفيعاً يضعه عليه ، فإن لم يجد فليجعله تحت إبطه وليسجد ثم بعد ذلك ليمسكه بيديه ، والله تعالى أعلم.
هل يجوز حرق القرآن المبعثر على الأرض على شكل أوراق ، وإذا لم يجز فما هي أفضل طريقة للتخلص من أوراق المصحف المبعثرة إذا لم يستطع صاحبها الاحتفاظ وخشي عليها من الضياع ، وما عقاب من قام بحرق القرآن الكريم؟
حقيقة الأمر القرآن الكريم لا ريب أن له حرمات ولذلك اختار كثير من العلماء أن يكون التخلص من التبعية أو من المسئولية عن المحافظة على القرآن الكريم عندما تتعذر هذه المحافظة قالوا بأنه ينبغي أن تكون إما بإلقاء هذه الأوراق المبعثرة المقطعة في آبار مهجورة بعد وضعها في أكياس لأجل صونها، وإما أن تدفن على أسس مساجد أي أسس أماكن معظمة مقدسة، وإما أن تلقى في البحر ، وإما أن تدفن في أماكن بعيدة في الصحاري بحيث تكون بعيدة عن وضع الأقدام ، ولكن إن تعذر ذلك كله فلا مانع من الإحراق.
وقد وقع الإحراق في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، وإن كان من الناس من أنكر ذلك ، وقع ذلك في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان عندما أراد أن يتخلص من المصاحف التي أراد أن لا تتشعب القراءات بها ، وأن يجتمع الناس على مصحف واحد حتى لا يقول بعض الناس قراءتي خير من قراءتك ، تخلص من هذه المصاحف بإحراقها وأيده في ذلك الكثير، ولا نرى حرجاً في الأخذ بذلك مع الضرورة.
ما يوجد الآن في المكاتب من آلات تمزيق وتقطيع الأوراق هل يغني ذلك عن الحرق والدفن؟
مهما قطعت هذه الأوراق ما دامت هي أوراق مصاحف تبقى لها حرماتها ، لا يكفي أن تقطّع وترمى في الأماكن التي يمكن أن تدوسها فيها الأقدام وأن تنتهك فيها حرماتها ، وإنما عندما تُقطّع إن رأوا أن يلقوها في آبار مهجورة فذلك خير أو يدفنوها تحت أسس مساجد مثلاً أو نحو هذا.
هل يمكن أن نضع المصحف كزينة داخل البيت مع العلم أنه يوجد مصحف أو مصاحف أخرى نتلو منها آيات الله، وهل لا بد علينا أن نقرأ من هذه المصاحف أم نكتفي بالمصحف الذي نقرأ منه دائماً؟
الكتاب هو زينة عندما يُعمل به . الكتاب العزيز ليس زينة تترك على الرفوف ، وإنما الكتاب العزيز هو زينة الحياة عندما يطبق ويعمل به ويحكّم في كل دقيقة وجليلة ويهتدى بهداه وتزين الألسنة بذكره وتعمر القلوب بهداه ، عندئذ يكون زينة في هذه الحياة وجمالاً ، لأنه هو كلام الله تبارك وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، أُنزل ليكون هدى ، هدى للمتقين ، هدى للمحسنين ، هدى للمؤمنين ، فالقرآن الكريم لا ينبغي أن يكون مجرد حاجة تزين بها البيوت كما أفهم من هذا السؤال ، هذا مما يحط من قدر القرآن، والله تبارك وتعالى يصف القرآن الكريم بقوله:(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الاسراء ـ 9) ، ويقول سبحان:(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الاسراء ـ 82) ، ويقول:(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر ـ 21) فمن كانت عنده مصاحف كثيرة ينبغي له أن يؤثر بهذه المصاحف من لا يوجد عنده مصحف من الناس . وكم من الناس محتاجين إلى مصاحف.
ونحن نعرف في أصقاع الأرض في بلاد الإسلام الكثير من الناس يفتقرون إلى المصحف ، بل ربما عند طائفة من المسلمين عندما يجدون المصحف يعتبرون أنفسهم وجدوا كنزاً ثميناً يحرصون عليه . فأين هذا الإنسان الذي عنده فضلة في المصاحف بحيث لا يحتاج إلى أن يقرأ منها أين هو من إعطاء هذه المصاحف لمستحقيها لمن يقرؤها ويعمر البيوت بتلاوتها ويعمر القلوب بذكر ما فيها !هذا مما يعود خيره على الجميع ، وبهذا تزدان حياته لأنه عمل عملاً صالحاً يزيّن حياته ويتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى ويكون له ذخراً في المعاد.