الوسط- قال الشيخ محمد صنقور،: «إن العنفَ يُولِّدُ المزيدَ من العنف ثمَّ لا يُساهمُ إلا في تفاقمِ الأزمةِ وتعسُّرِ الوصولِ إلى حلحلتِها». و قال صنقور: «إنَّ هذا الشعبَ الكريم له مطالبُ هي في جوهرِها حقوقٌ مشروعة، يُقِرُّه عليها الدينُ الحنيفُ بل ويدعوه للعملِ على تحصيلِها، كما يُقِرُّه عليها كلُّ عقلاءِ العالم بمختلفِ توجُّهاتِهم ومشاربِهم، فهي مطالبُ مشروعةٌ وعادلة لا يُحدِّثُ الشعبُ نفسَه بالتراجعِ عن شيءٍ منها؛ نظراً لكونِها مطالبَ ملحَّة، لكنَّه لنْ يَتوسَّلَ في مقامِ السعيِ لتحصيلِها بغيرِ الوسائلِ السلميَّة».
ونبه إلى أن «اعتمادُ العنفِ بمختلفِ صورِه وبمختلفِ مراتبِه منافٍ لدينِ هذا الشعب وقيمِه وهو لن يتخلَّى عن قيمِه التي يُؤمنُ بها وإنْ قستِ الظروف، وهاهم العلماءُ جميعاً دون استثناء وفي طليعتِهم الشيخ عيسى أحمد قاسم والسيدعبدُالله الغُريفي والشيخِ علي سلمان دأبَوا على التأكيدِ صادقينَ بضرورةِ اعتمادِ الوسائل السلميَّة في مقام السعي لتحصيل المطالب الشعبية، وأفادوا بأنَّ الإيصاءَ المؤكَّدَ والدائمَ باعتماد السلميةِ ينبُعُ مِن وحي الأخلاقِ والقيمِ التي نشأ هذا الشعبُ على تمثُّلِها والتقيُّدِ بها».
وذكر صنقور أن «العنفَ يُولِّدُ المزيدَ من العنف ثمَّ لا يُساهمُ إلا في تفاقمِ الأزمةِ وتعسُّرِ الوصولِ إلى حلحلتِها، فحذارِ من الانزلاقِ في هذا المطبِّ الخطيرِ والمفضي إلى عواقبَ وخيمةٍ تضرُّ بمصلحةِ الوطن وأهلِه، وتحولُ دون القدرةِ على التنبؤِ بما تَؤولُ إليه الأمور، والعاقلُ لا يخطو إلا في حدودِ ما يُبصرُه».
وأضاف «لكم فيما وقعَ في عددٍ من الدولِ عِظة وعِبرة، فهم حين اعتمدتْ أطرافُه المتباينةُ العنفَ وسيلةً لمعالجة قضاياهم لم يَحصدوا سوى المزيدِ من التعقيدِ لأزماتِهم، وباتَ من العسيرِ عليهم بعد الاحترابِ والاقتتالِ أنْ يجدوا لأزَماتِهم مخرجاً يُعيدُ إلى أوطانِهمُ الأمنَ والاستقرار».
وشدد صنقور على أنَّ «العنفَ المتبادَلَ هو الخلاَّق للمناخِ الحاضنِ للطائفية، وبه وعليه يتغذَّى هواتُها والمحرِّضونَ عليها، والعنفُ هو الورقةُ الرابحةُ التي تمنحُ المتربِّصين فرصةَ الابتزاز، والعنفُ هو الذريعةُ التي يتذرَّعُ بها مَن لا يزالُ يُروِّجُ لدعوى انَّ هذا الشعب ينطوي على أجنداتٍ مشبوهة، وهو الذريعةُ الجاهزةُ للقبضةِ الأمنيةِ الخانقةِ والجاثمةِ ثقيلةً على الصدور».
وأشار إلى أن «العنفُ من أيٍّ صدرَ مضافاً إلى منافاته لقيمِ الدينِ والإنسانِ فإنَّه سلوكٌ غيرُ محمودِ العواقِبِ، ومجازِفٌ بمصلحتِه وبوطنِه كلُّ من اتَّخذَ العنفَ وسيلةً لتحصيلِ غاياتِه، فهو لن يصلَ إلى غاياتِه وقد خسَرَ انسانيتَه».
وقال صنقور: «أما التفجيرُ الذي وقعَ في جزيرةِ سترة بحسبِ ما ورد في الأخبار فهو مُدانٌ دونَ ريب إلا أنَّ إدانتَه لا تُبرِّرُ الانتهاكاتِ والتضييق، كما انَّ إدانةَ هذا العملِ المُدانِ لا يُبرِّرُ الازدراءَ بمجمل الطائفةِ في البلد والذي نشطت له الكثيرُ من الأصواتِ والأقلامِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعي وغيرِها، فقد طفحتْ هذه المواقعُ في أعقابِ هذا الحدثِ المُدان بمختلفِ ألوان السُبابِ وعبائرِ التخوين والازدراءِ بمجمل الطائفة، وهذا لا يسوغُ ولا يصحُّ بمنطقِ الدين والعقل، فالسبابُ والتعميمُ والقاءُ التُهمِ جُزافاً دون تثبُّتٍ ولا يقينٍ يسلمُ المعتذرُ به عند الله تعالى كلُّ ذلك لا يسوغُ بمقتضى قيمِ الدينِ ومنطقِ العقل. وإنَّ الإنصافَ والخشيةَ من الله تعالى يقتضيانِ إدانةَ هذا العملِ الشائنِ من أيٍّ صدر بعيداً عن لغةِ التحريضِ والتخوينِ والإزدراء، فإنَّ هذه اللغةَ يمقتُها الدينُ الحنيف، تذكَّروا انَّ للدنيا ما وراءَها».