الإمارات اليوم- أعلنت أمس لجنة متابعة أسعار الوقود عن أسعار بيع مادتي الجازولين والديزل في جميع محطات الدولة، لشهر أغسطس المقبل، ووفقاً لقائمة الأسعار الجديدة بعد قرار تحرير أسعار الوقود الأخير في الإمارات، فإن سعر بيع لتر الجازولين أصبح 2.14 درهم بدلاً من 1.72 درهم، بارتفاع قدره 42 فلساً وبزيادة 24%، في حين انخفض سعر بيع لتر الديزل إلى 2.05 درهم، بعد أن كان 2.90، بواقع 85 فلساً، بما يعادل 29%.
إعلان الأسعار الجديدة جاء تأكيداً لتصريحات وزير الطاقة سهيل المزروعي، التي قال فيها: «إن الارتفاع في أسعار الجازولين في الدولة بعد تحرير الأسعار لن يكون كبيراً، ولن يُحدث صدمة، فيما ستنخفض أسعار الديزل عن مستوياتها الحالية، وهو ما سيدعم اقتصاد الدولة».
والأمر فعلاً كذلك، فالفروق السعرية بين سعر الجازولين السابق والجديد ليست كبيرة، لدرجة أن تتسبب في حدوث خلل قوي في ميزانيات المواطنين والمقيمين، في حين أن انخفاض أسعار الديزل قد يُحدث فرقاً إيجابياً يُعوض بكثير الفرق في ارتفاع سعر الجازولين، لو أن التجار المعتمدين في تجارتهم على الديزل خفضوا الأسعار بما يتناسب مع معدل انخفاض سعر الديزل 29%.
القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالديزل كثيرة ومتعددة، وهي تفوق في أهميتها القطاعات المرتبطة بالجازولين من ناحية اعتماد الناس عليها في حياتهم اليومية، فالسلع بشكل عام والمخبوزات والأسماك والفواكه والخضراوات مرتبطة بالديزل، وهو أحد أهم مدخلات الإنتاج فيها، ويمثل نحو 70% من كُلفة التشغيل لقطاعي إنتاج المخبوزات وصيد الأسماك على سبيل المثال، كما يعد ارتفاع أسعار الديزل سبباً رئيساً وراء الارتفاعات المتتالية في أسعار هذه السلع خلال السنوات الماضية، فهل يُصبح انخفاض سعره اليوم سبباً في انخفاضات سعرية، أم سيتجاهل التجار المعنيون هذه الحقائق التي طالما تغنّوا بها لرفع الأسعار سابقاً؟!
خلال الأعوام الماضية، طالب عاملون في مجال النقل البري بإيجاد دعم جزئي للديزل، بعد أن ارتفع سعره، ولاحظت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي وجود ارتباط طردي بين ارتفاع الأسعار بشكل عام، والزيادات التي تشهدها أسعار الديزل، فهل نشهد اليوم حالة مشابهة لكن في إطار الارتباط الطردي بين انخفاض أسعار الديزل وانخفاض الأسعار بشكل عام؟!
وليست المخبوزات وصيد الأسماك فقط هي التي ترتبط بالديزل، بل إن تراجع أسعار الديزل بعد تحريره يُفترض أن يعود بالنفع وبشكل واضح على قطاع المقاولات والإنشاءات، فهو يعد من أهم القطاعات الحيوية التي تحرك عجلة النمو الاقتصادي في الدولة، ويرتبط به نحو 30 نشاطاً اقتصادياً، أبرزها صناعات الحديد والصلب والرمل والإسمنت والألمنيوم والخشب، وغيرها، وانخفاض سعر الديزل لاشك في أنه عامل إيجابي ومحفز للاقتصاد الوطني، نتيجة ارتباط الديزل بالعمليات التشغيلية في مجموعة كبيرة من القطاعات الحيوية بالدولة، في مقدمتها الإنشاءات والصناعة، والنقل، والشحن، ما يعني مكاسب وربحية لتلك القطاعات، بسبب المحصلة النهائية لانخفاض الفاتورة التشغيلية لمختلف الشركات في تلك القطاعات!
لا توجد مشكلة كبيرة، ولا صدمة مؤثرة في ميزانيات الأُسر المواطنة والمقيمة في الدولة جراء قرار تحرير أسعار الطاقة، في حين أن كل ما نحتاجه هو فقط مُراقبة التجار، وكبح جماح شهوة رفع الأسعار لديهم، وإيجاد آلية لتحرير أسعار السلع المرتبطة بتحرير سعر الديزل، فلا يُعقل أن ينخفض الديزل 29%، وتظل الأسعار على ما هي عليه!.