حسن علي كرم- الوطن- ليس للدولة الكويتية أسرار ، حتى يغضب رئيس مجلس أدارة الشركة الكويتية لنفط الخليج علي الشمري جراء تسرب رسالة وزير النفط علي العمير ألى نظيره السعودي علي النعيمي ألى الصحافة ، فما دامت أسرار الدولة العليا تتسرب من ادراج المسؤولين فهل نستكثر أذا تسربت رسالة العمير للوزير السعودي ، هذا أولاً و ثانياً يفترض الرسائل المتبادلة بين الوزيرين أن تخرج من مكتب الوزير لا من مكتب رئيس مجلس أدارة الشركة النفطية ، فرئيس الشركة رجل تنفيذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالسياسات و المسائل الحدودية ، و تالياً كان عليه أن يلتزم حدود مسؤولياته التنفيذية دون افتضاح دوره في الرسالة و دون الحاجة للخوض في الروابط المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين ، فالخلاف - على أعتبار أن هناك خلافاً- ليس على الروابط المشتركة التي لا و لن يصيبها الوهن حتى في أسوأ الظروف ، بقدر الخلاف على مصالح و حقوق ، فوقف الانتاج النفطي من الحقول الحدودية المشتركة من طرف واحد دون الرجوع للشريك الأخر لا تفسير له ألا الأضرار به ، نحن لسنا خبراء نفطيين و لا خبراء جيولوجيين و لا خبراء في الحدود المشتركة و الثروات الحدودية المشتركة بقدر رصدنا للأحداث و التعبيرعن همومنا الوطنية و مصالح وطننا الكويت ، خصوصا يأتي الخلاف في الوقت الذي يتناقص فيه أنتاج النفط الكويتي اليومي ما يتعذر عليه الوفاء بإلتزامانه تجاه عملائه و في الوقت الذي تتخفض فيه أسعار النفط و التي معرضة للمزيد من الأنخفاض و في وقت معرضة الثروة المالية الاحتياطية الوطنية للتأكل مع حدوث العجز الحقيقي في الموازنة السنوية ، و الاخطر من تداعيات الخلاف الكويتي السعودي النفطي المشترك هو أنعكاسها على الحقول النفطية الحدودية المشتركة للكويت مع كل من العراق و أيران ، خصوصا أنها لازالت عالقة و لم تحسم ، هذا فيما أتجهت السعودية الى زيادة أنتاجها أكثر من المعدل ....!!!
و لعل الاخطر ليس بتسرب رسالة الوزير العمير لنظيره وزير النفط السعودي ، فقضية تسرب الأسرار لم تعد هاجساً مع الانكشافات التقنية الحديثة ، و لكن المؤاخذ هو الأسلوب أو اللغة المستخدمة في محتوى الرسالة التي أفتقرت للكياسة و الدبلوماسية ، و يبدو أن من يكتب رسائل وزير النفط يحتاج الى أخذ دورة تدريبية لتعلم كتابة الرسائل الديوانية ، هذا أذا ما كان الوزير هو كاتب رسائله و بياناته ذلك أنه قبل هذه الرسالة كان البيان الذي أصدره الوزير حول خلافه مع القيادات النفطية و الذي نعت فيه المقاولين بالفاسدين الذين يضغطون لبقاء الفساد في المؤسسات النفطية
لا نشك أطلاقاً باخلاص و وطنية وزير النفط السيد علي العمير ، غير أن الإخلاص و الوطنية وحدهما دون الخبرة الكافية في حقل من أخطر الحقول المعيشية و هو الحقل النفطي لا ريب أن الرجل قد وضع في المكان غير المناسب ، و لعلي أعود ألى تصريحاته النفطية التي كانت خلاف توقعات السوق النفطية ، ففي الوقت الذي كان يصرح الوزير عن توقعاته بتحسن أسعار النفط كانت الأسعار تتجه للمزيد من التدهور هذا ناهيك خلافاته مع القياديين النفطيين الذين يبزونه خبرة و تمرساً في الحقل النفطي ....
و أخيراً ، ثمة مثلٍ قاله الأولون : تعاملوا كالإخوان و تحاسبوا كالغرباء ، و الخلاف مع السعودية حسابات مصالح و حقوق و إتفاقات مبرمة و محسومة و من حق الكويت الدفاع عن حقوقها و مصالحها على النحو الذي يضمن لها تلك الحقوق ، لكن ذلك لا يمنع بقاء أواصر الإخوة و التواصل الاجتماعي ببن الشعبين و الدولتين في إطاره الطبيعي....