تواصل » صحف ومجلات

فُقْدَانُ التوافق الاجتماعي والفراغ الأخلاقي

في 2015/08/05

د. خالد عايد الجنفاوي- السياسة- سيبدأ أي مجتمع إنساني يعاني من ضعف التوافق الاجتماعي بين أغلبية أعضائه لأي من الأسباب التالية: انتشار المحسوبية والمحاباة- تفشي الفساد-رفض التعددية- ورفض حق الاختلاف- وزيادة العنجهية الاجتماعية أو الطبقية تجاه الأقل حظاً في الحياة, ما سيؤدي بشكل أو بآخر إلى حدوث فراغ أخلاقي سيتمثل في تناقض صارخ في بعض المواقف الأخلاقية الرئيسية بين أناس كان من المفترض أنه سيسهل عليهم توافقهم, وذلك بسبب تشاركهم في نفس التجارب اليومية (MoralVacuum).

فقدان التوافق الاجتماعي يسببه أيضاً ميل بعض أعضاء المجتمع لفرض وصايتهم الأخلاقية والثقافية على الآخرين أو محاولة البعض طرح وجهات نظرهم الخاصة ومبادئهم السلوكية وأساليب حياتهم وتصرفاتهم النمطية وكأنها السياقات الأخلاقية والاجتماعية الأكثر أصالة أو مشروعية: حين تختلف بشدة غالبية أعضاء المجتمع على طبيعة الأسس المؤسسة لثقافتهم الأخلاقية أو تفاعلاتهم الاجتماعية الجائزة ويختلفون بشكل واضح حول وجهات نظرهم الثقافية الرئيسية تجاه ما يحدث في العالم الخارجي, حيث ستحاول أقلية أو أغلبية معينة فرض طابعها الحياتي الخاص على الآخرين وإلغاء مشروعية وجود بدائل أخرى معترف بها, فسيبدأ يتدهور التوافق الاجتماعي ما يؤدي إلى ازدياد فجوة الفراغ الأخلاقي حيث ستتسع الهوة بين ما تؤمن به مجموعة من الناس وما يعتقد به من يشاركونهم عضوية المجتمع نفسه.

أسباب ونتائج فقدان التوافق الاجتماعي والفراغ الأخلاقي تتمثل في التالي:

* انتشار المحسوبية والمحاباة واندثار ثقافة الجدارة والكفاءة في المجتمع.

* محاولة تغييب جزء من الثقافة المحلية واستبداله قسراً بأساليب حياة ونمط اجتماعي خاص يعكس فقط اهتمامات الأغلبية أو الأقلية.

* الجدل التماحكي حول طبيعة وحدود حرية الرأي والتعبير.

* تعطل السياق الطبيعي والمتعارف عليه عالمياً لتحقيق النجاح الشخصي أو المهني.

* ترسخ الشللية وضيق الأفق الاجتماعي وضعف التواصل البناء بين أعضاء المجتمع.

يصعب تصور أن يتطور أي مجتمع, أو على الأقل, أن يبدأ يواكب ما يحدث من تطورات اجتماعية أو ثقافية معاصرة ما لم تترسخ فيه مبادئ التسامح وقبول نسبية المبادئ والتجارب الأخلاقية اليومية. يصعب في عالم اليوم محاولة فرض طابع حياتي أو اجتماعي أو أخلاقي معين من دون الاعتراف بتوافقية المبادئ والنظم الأخلاقية, فليس كل ما سيعجب فلاناً من الناس سيعجب الآخرين, وليس من المفترض إلغاء هوية الآخر عضو المجتمع بزعم تحقيق توافق اجتماعي هو بشكل أو بآخر غِربال فوق هاوية فراغ أخلاقي.