تواصل » صحف ومجلات

أطفال يعانون الجوع والحرمان!

في 2015/08/10

سعود كاتب- المدينة- لم أكن أعلم أو أتصور أن في بلدي أطفالاً يتضورون جوعاَ ويعانون من الحرمان وعدم القدرة حتى على تذوق أبسط أنواع الأطعمة التي يعشقها أقرانهم من خبز ومعجنات وحلويات، مكتفين بالنظر بحسرة ودموع لغيرهم وهم يتناولونها في المدرسة والسوق والشارع وفي كل مكان آخر يذهبون إليه.

هل يمكن لمن لديه أطفال أن يتخيل ذلك ولو لثوان ٍ فقط.. ما هو شعور الأم والأب في هذه الحالة؟ أستطيع القول كأب أنه شعور حارق ومؤلم لأقصى درجة.

ما هو السبب ولماذا يعاني هؤلاء الأطفال وغيرهم من الكبار من هذا الجوع والحرمان في بلد العطاء والخير والرخاء؟

إنه قطعاً ليس الفقر، فليس في بلدي ولله الحمد من يتضور جوعاً وحرماناً بسبب الفقر، ولكن السبب هو اصابتهم بمرض لا يعرفه الكثيرون يسمى «السيلياك» الذي يجعلهم غير قادرين على تناول أي كمية ولو بسيطة جداً من بروتين الجلوتين الموجود في أكثر المواد الغذائية وينتج عنه العديد من المشاكل ومنها فقر الدم وآلام العضلات وهشاشة العظام، امتداداً إلى تلف الأمعاء الدقيقة وإمكانية إصابتها بالسرطان.

هذا المرض ليس نادراً في المملكة كما يمكن أن يتبادر للأذهان، حيث أظهرت دراسة قام بها فريق بحثي من جامعة الملك سعود شملت عينة عشوائية من 1200 طالب وطالبة، وجود المرض لدى 2.2% منهم، وهذه نسبة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها.

خطورة المرض ونسبة انتشاره ليست المشكلة الوحيدة، إذ يضاف إليها قلة الوعي وسوء التشخيص، وندرة الأغذية الخالية من الجلوتين، ناهيك عن استغلال وجشع متاجر الغذاء الكبرى التي تبيع أغذية الحمية عموما بأسعار مبالغ بها، وقيام البعض بصناعتها منزلياً وبيعها بأسعار خيالية تصل إلى عشرة ريالات لقرص الخبز الصغير الواحد.

هناك جهود خاصة ومشكورة للتوعية بالمرض، لكنها تظل مجهودات فردية تتطلب اهتماماً أكبر من وزارة الصحة وغيرها من جهات معنية، إضافة للحاجة لتوفير الأغذية الخالية من الجلوتين بأسعار مناسبة، ولدى الكويت تجربة رائدة بهذا الخصوص حيث تم افتتاح مخابز مخصصة لذلك بأسعار مقبولة قدمت خدمة اجتماعية كبيرة للمرضى، ولا أعتقد أن هناك أي عذر لتطبيق مثل هذه التجربة في جميع مناطق المملكة.

وزارة الصحة عليها مسؤولية التوعية وتثقيف الأطباء بهذا المرض والذي غالباً ما يشخص بشكل خاطىء يلحق الضرر الكبير بالمريض وربما يؤدي لوفاته. ووزارة التعليم عليها مسؤولية معرفة الطلاب الذين يعانون منه، وتوفير وجبات مخصصة لهم وتجنيبهم خطر أكل الأطعمة غير المناسبة في المدرسة، وبشكل خاص صغار السن منهم. أما رجال الأعمال أصحاب متاجر الأغذية الكبيرة فعليهم مسؤولية اجتماعية حتمية بتوفير الأغذية الخالية من الجلوتين بأسعار مناسبة في متناول الأسر الفقيرة.