حسن علي كرم- الوطن- هناك ما بين ثلاثة إلى أربعة افتراضات أو إحتمالات يمكن تصورها للوضع الأمني القادم في المنطقة الخليجية ، الاحتمال الأول ان تتجدد الخلافات الحدودية ما بين دول المنطقة و يكون السلاح لغة التفاهم و لغة الحل ، الأحتمال الثاني أن تُجتاح الدول الكبيرة في المنطقة على الدول الصغير بقصد الضم بالقوة و الألتهام كالإجتياح العراقي أغسطس 1990 على دولة الكويت على مقولة السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة ،الأحتمال الثالث ما يسمى الخطر الأيراني على البلدان الخليجية العربية ، الاحتمال الرابع تمدد التنظيمات التكفيرية داخل البلدان الخليجية العربية و زعزعة أستقرارها و تهديد أنظمتها ، و ثمة احتمالٍ خامس و هو الأضعف حدوث أنقلابات داخلية و تغيير أنظمة الحكم ..
الولايات المتحدة الأمريكية قأئدة العالم و حامية حمى البلدان الخليجية العربية ، و متعهدة الحروب و السلام ، طمأنت بأعلى سلطاتها السياسية بدءاً من الرئيس باراك أوباما الذي دعا القادة الخليجيين للإجتماع به في الأستراحة الرئاسية في كامب ديفيد ، ووزير خارجيتها جون كبري ، الطائرالمتحلق ، حيث يتواجد في المنطقة أطول وقتٍ من تواجده داخل سرير نومه في منزله في العاصمة واشنطن أو في مكتبه في الخارجية الأمريكية ، طمأنت الحكومات الخليجية أن لا خطر أيرانياً نوويا على دولها ، و أن الأتفاق المبرم بين أيران ودول (5+1) في شأن سلاحها النووي لا يمٓكّنها من تطويره ، و ان اي تجاوزٍ إيراني على بنود الإتفاق من شأنه معاقبتها فوراً ، و لعل طمأنة البلدان الخليجية و تبديد مخاوفها من أيران النووية لم تكن أمريكية و حسب بل سارعت بريطانيا و فرنسا و ألمانيا طمأنة الخليجيين أيضاً هذا بخلاف روسيا و الصين فأذا أعتبرنا أن طمأنة البلدان الضامنة للنووي الإيراني ضامنة لأمن الخليج من الخطر الإيراني المحتمل فهل ثمة حربٍ رابعة قادمة في الخليج ( المنطقة شهدت ثلاث حروبٍ متتالية ، الحرب العراقية الأيرانية 81-1988 و حرب تحرير الكويت 90 - 1991و حرب تحرير العراق و زوال النظام الصدامي أبريل 2003 ) ام المنطقة قادمة لفصل من السلام ، لذا ما مبررات تكديس السلاح في المنطقة اذا لا خطر خارجيا يهدد الدول الخليجية ، ففي أجتماعه الأخير في العاصمة القطرية الدوحة مع وزراء الخارجية الخليجيين كشف وزير الخارجية الامريكي جون كبري " أن بلاده ستسرع بيع بعض الأسلحة الضرورية للدول الخليجية " السؤال هنا هل البلدان الخليجية بحاجة للمزيد من تكديس آلاف الأطنان من الأسلحة بمختلف أنواعها في مخازنها في ظل ضمان الأمن لدولها من أمريكا و من القوى الكبرى ، مع ضمان عدم وجود خطر النووي الأيراني و في ظل تدهور أسعار النفط و عجز الميزانيات و تباطؤ الاقتصادات.؟؟!!
أن تشتري البلدان الخليجية أحدث الأسلحة فليس هنا المسألة و لكن المسألة ان تشتري و تكدس السلاح ، لا بأس من تقوية الجيوش و توفير السلاح ، و لكن السؤال أين هو العدو المحتمل على البلدان الخليجية هل هو عدو داخلي ام عدوان خارجي ( أيراني ) أم عدوان أرهابي تكفيري ام عدوان بيني حدودي حدودي ، أم مطامع الدول الكبيرة على أبتلاع البلدان الصغيرة ، لعلي لا أعتقد ان ثمة عدوان خارجي وارد على البلدان الخليجية ، فضمان أمن الخليج ضمان للاقتصاد العالمي المترنح ، ألا أن الأحتمال الأقوى تغلغل التنظيمات التكفيرية الإرهابية في المجتمعات الخليجية وتهديد أستقرارها و تطويح انظمتها ، و هنا الخطر داخلي لا خارجي الامر الذي يتطلب ألأسراع بأجراء اصلاحاتٍ سياسية و معيشية ما يعزز الجبهات الداخلية ، فالإرهابيون لن يكون لهم مكان في المجتمعات المتماسكة الأمنة المترابطة ...
على ما يبدو أمريكا تلعب لعبة مزدوجة في المنطقة ، تقوم على أساس اصطناع الخوف مع الطمأنة ، دور الذئب و دور الأم معاً ، فأمريكا التي أوجدت داعش أوجدت الحرب على داعش ، وأمريكا التي أرعبت المنطقة بخطر النووي الإيراني هي أمريكا التي تطمئن دول المنطقة ألا خطر من النووي الإيراني ، لكنها تسرع بيع السلاح اليهم تحسباً لخطر غير موجود ، خطر وهمي .. !!!