أحمد بن بحار- الأنباء- من وجهة نظري الشخصية أعتقد أن مجلس التعاون الخليجي يوشك أن يحذو حذو جامعة الدول العربية في محدودية أثره على المستوى العربي والمستوى العالمي، وذلك أنه لا ينتهج سياسة ملزمة لأعضائه ضمن استراتيجية واضحة معلنة وخطط تنفذ بدقة تتوج بالاتحاد الكونفيدرالي تتوحد فيه الجيوش والعملة والسياسة الخارجية، وهذا الأمر لن يكون إلا بوعي الشعب الخليجي ذلك الوعي الذي يشكل عاملا يضع المجلس أمام مسؤولية تاريخية يحدد من بعدها مصير الشعب الخليجي كله، فما قد تتعرض له أي دولة خليجية من زعزعة نظامها – لا قدر الله - سينعكس سلبا بالضرورة على جميع دول مجلس التعاون.
إن دعوات الشعب الخليجي لقياداتها إبان كل قمة خليجية أمر جميل وحسن ومهم، ولكن الدعوات وحدها لا تكفي، إذ يجب على النخب السياسية والثقافية وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال أن يسعوا جميعا إلى ترسيخ وعي يدفع إلى أن يكون للشعب الخليجي الأثر الرئيسي في أن تتبنى الأمانة العامة فكرة وضع دستور لأعضاء مجلس التعاون الخليجي يحقق الغاية التي أسس المجلس من أجلها وهو وحدة هذا الاتحاد تلك الوحدة التي تعود على المواطن الخليجي بالأمن والأمان والرخاء والتنمية.
إن المتابع لواقع مجلس التعاون الخليجي وأنشطته لا يجد صعوبة في استنتاج أن الوسائل التي يعمل من خلالها المجلس ليست متطورة بمقاييس الاتحادات التي أصبحت ذات تأثير كبير في كل محفل عالمي، كما أنها لا تكاد تخرج عن ردود الأفعال تجاه الأحداث العالمية التي يصنعها القدر ثم الدول العظمى فلماذا لا يتجه مجلس التعاون الخليجي إلى داخله أولا لينهي كل ما من شأنه أن يعيق أهدافه الرئيسة؟ ثم يسابق الزمن في تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي تتضافر فيه القدرات والطاقات والموارد وسد النقص من الموارد أو من الأيدي العاملة من خلال تنسيق تام يكون فيه المجلس طرفا واحدا والمصادر الخارجية الطرف الآخر، وفي هذا الجانب ينبغي أن تكون دول الجوار ولاسيما اليمن والأردن بعدا استراتيجيا، ويجب ألا تكون الاتفاقية بين الأردن والكيان الصهيوني سدا بيننا وبين الأشقاء في الأردن بل يجب أن تكون جسرا لنسترد من خلاله الأرض المغصوبة والحقوق المهدرة عندما يصبح الأردن جزءا لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي وليس وطنا عربيا أصبح في خضم صراعات وأخطار تحيط به من كل جهة، كما لا ينبغي أن يكون أسلوب نظام الحكم في اليمن سببا في ترك هذا البلد الشقيق دونما استفادة من موارده وطاقاته، وقد كان من الأجدر أن يكون ذلك مقدما على أن يضم إلى بطولة كأس الخليج لكرة القدم فحسب، حتى إذا حدث ما حدث تنبهنا وبذلنا أضعاف ما كان ينبغي أن نبذله من قبل.
إن إيران الجارة المسلمة استطاعت أن تحقق كثيرا من أهدافها، لأنها ذات قيادة واحدة وأهداف واضحة مرسومة كما أن المشاركة الشعبية فيها فاعلة، وأما نحن العرب فإنني أخشى أن يصدق فينا قول الله تعالى: ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى).
إن الأخطار المحدقة بنا تتطلب تحركا سريعا وحلولا جذرية جادة تمس الأسس التي قام عليها المجلس، وهذا لن يكون طالما بقي الشعب الخليجي لا يملك إلا الدعاء بظهر الغيب.