عيسى الحليان- عكاظ- سبق أن كتبت الأسبوع الماضي عن غياب التشريعات الملائمة في البلاد وأن ذلك هو السبب في كل المشكلات التنموية العالقة في البلد وتداعياتها على كل صعيد.
فلو كان لدينا بنية تشريعية ملائمة في مجال الإسكان مثلا لما احتجنا لكل هذه التخبطات في قطاع الإسكان ولما تكبدنا كل هذه التكاليف الباهظة ولكانت المشكلة تحل في إطار دورتها الطبيعية من قبل البنوك والقطاع الخاص مثلا وعندها لن تحدث أصلا.
هناك دورة اقتصادية تجري في كل بلد ويعتمد جريان هذه الدورة على سعة الشرايين ومدى كفاءتها وهل تحتاج إلى قسطرة أو إلى تغيير كامل، لكن الأكيد بأن الجسد كله هو الذي يدفع الثمن في نهاية المطاف.
لا توجد حلول تقوم بها الحكومة بهذا الحجم وعلى هذا النحو من السرعة والاستعجال إلا لسبب استثنائي وهو هنا غياب التشريعات أو قصورها الذي راكم المشكلة وحيد القطاع الخاص والدورة المصرفية بالكامل عن أهم قطاع في البلاد وهو ما جعل الوزارة تدخل على الخط بهذه القوة رغم ضعف التجارب وازدحام الأولويات وعدم القدرة على فرزها وترتيبها.
لو قدر وحصل التمويل والتشغيل والإدارة من الحكومة بهذه الصورة فإن ذلك سوف يكون قطعا على حساب الأولويات وهو ما سوف يصرف الدولة عن الاهتمام بما هو أهم كالتعليم والصحة وإقامة البنية التحتية وتنويـع مصادر الدخل ورفع دخل الفرد والاهتمام بتطوير البناء الرأسي للمؤشرات الأساسية للبلد.
أما بناء المساكن بهذه الصورة مع تعدد المدارس وتضاربها واستنفاد المخزون الإداري والإشرافي لأركان الحكومة لهذا القطاع فهو على أهميته قد يولد خللا في قطاعات أخرى في التمويل أو الإدارة ناهيك عن عدم علاج أصل المشكل وهو تحييد القطاع الخاص الذي يعتبر هو الأساس في إيجاد الحلول الحقيقية بدعم من الدولة لاستدامة التنمية الإسكانية إضافة تزايد الاعتماد على الدور الحكومي أكثر من أي وقت مضى.
لدينا أكثر من 2.5 تريليون ريال في البنوك يفترض أن يكون نصيب التمويل الإسكاني منها 60 ــ 70% كما هو متعارف عليه في التجارب الأخرى في الوقت الذي لاتزال حصة التمويل لبناء المساكن لا تتجاوز 1% والسبب كما أسلفت غياب التشريعات التي تتيح للبنك أو المستثمر القيام بدوره .. وقس على ذلك كل القطاعات.
أيهما أفضل وأنجع للحكومة استكمال الدورة التشريعية والتنظيمية لهذا القطاع وبالكفاءة المطلوبة أو دفع الفرق للإسكان من الخزينة العامة ؟.