الجزيرة- كشف داعية إسلامي إن هؤلاء المجرمين الإرهابيين من الأحداث الذين نحارب غدراتهم اليوم كانوا قبل بضع سنين يشجبون صنائع التكفيريين المخربين في ذلك الحين، وينكرون تفجيراتهم، ويحذرون من غدراتهم، ويسعون في البحث عن المطلوبين معنا! واليوم صاروا مثلهم ضدّنا؛ وصرنا نطلبهم! وربما من بيننا من ينكر فعلهم اليوم وسيكون غداً مثلهم... فمن أين يُغذّى الخطر؟ فعلينا البحث عن مداخل الخطر، ومن يوقد الشرر، ومن لا تهمه دماء أبناء المسلمين، ويتاجر بهم تحت أكذوبة الجهاد، ويقول: فليموتوا!
وقال الشيخ بدر بن علي بن طامي العتيبي مدير مركز الدعوة والإرشاد بالطائف: علينا أن لا نغالط أنفسنا؛ فسوف يأتي ألفٌ من جنس هذا الداعشي، ليقتل أباه وأمه وأخاه وكلّ نفسٍ بريئة، ولن يقف نهر الدم ما دام بيننا من لا يزال موقفه ضد الحركات الجهادية التكفيرية رمادياً متقلباً!
أما رأيتموهم؟ أما عرفتموهم؟ لما ثاروا على من نطق بتكفير داعش برأي منه واجتهاد، وهو محل الصواب والخطأ، ثم قام أولئك الذين بيننا ومن بني جلدتنا، ويتكلمون بألستنا! ضدّه وأنكروا، وفصّلوا وحللّوا، ودافعوا عن داعش من طرفٍ خفي!
ولما تكلم بعضُ المعتقلين منهم بكفر حكَّام البلاد وعلمائها، وتمزيق هويتها ووطنيَّتها، وأباح قتال رجال الأمن فيها، ما تكلم أولئك بكلمة واحدة، ولا أنكروا! بل قالوا: فُكوا العاني فكوا العاني! وافتحوا ملف المعقلين؟ ورفعوا أكف الضراعة يدعون لهم بـ: فكّ الله أسرهم، وكأنهم في بلاد من لا يؤمن بالله واليوم الآخر؟ ألم تعلموا أن الهوى ميّال، ومن خَفيت عنَّا نحلته لم تخفَ عنا نحلته؟
كفاهم خداعاً: يَقنتُون على المنابر ورؤوس الملأ بهلاك داعش! وهم في كلّ صباح ومساء «يدعشون» أذهان أبنائنا بمدح سيد قطب الذي اشتهر بالتكفير بالعموم، وملأ «ظلاله» و»معالمه» بتكفير الشعوب والحكومات!
وكفى خداعاً: حين يذم هؤلاء داعش بل وربما هم شركاء لجان نصح وتوجيه فكري! ثم نجد في كلماتهم وتغريداتهم البكاء على تاريخ ابن لادن، وبطولات الظواهري!
كفى كذباً: فأسرار الخلوات تُسرّب عمّن يلعن داعش على المنابر ثم يتخرَّج من تحت عباءته أكثر من داعشيٍّ يفسد في البلاد والعباد، وها هي اعترافاتهم مسجلة موثقة.
وأضاف العتيبي في حديثه قائلاً: كفى عذرا ومجاملة: امتحنوهم بالرجال.. فمن رأيتموه يثني على رموز الخوارج وأئمتهم، ويصفهم بالإمامة والتجديد، فهو والله داعشي ضال، وأن الامتحان في دين الله من الدِّين، والسؤال عن الرجال عند تبدل الأحوال، وفساد العقائد والأقوال من السنة والعقل. روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين أنه قال: ( لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سمّوا لنا رجالكم، فينظر الى أهل السنة فيؤخذ عنهم، وينظر الى أهل البدع فلا يؤخذ عنهم ). وقال : (إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم)، وقال البربهاري في السنة : (والمحنة في الإسلام بدعة، وأمّا اليوم فيمتحن بالسنة)، وقال غير واحد من السلف: (من خفيت عنّا نحلته لم تخف عنا إلفته). وقد أنشدوا: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه إن القرين بالمقارن يقتدي.
وروى ابن بطة في الإبانة عن معاذ بن معاذ أنه قال: (إنَّ الرجل وإن كتم رأيه لم يخفَ ذلك في ابنه ولا صديقه ولا في جليسه)، وروي أيضاً عن محمد بن عبيدالله الغلابي قال: (يتاكتم أهل الأهواء كل شيءٍ إلاّ التآلف والصحبة).
واستطرد الشيخ بدر العتيبي حديثه بالقول: لقد فُجعت الأسماع، وذهلت العقول السليمة، بخبر قتل أحد المطلوبين أمنياً لوالده لما حضر مع رجال الأمن للقبض عليه! وقبله زوجةٌ تقتل زوجها من نتاج هذا الفكر الخارجي، وآخر يسوق صغاره إلى الموت بعقله المنكوس، وقبل سنوات يتسبب أحدهم في قتل والده بعشرات الطلقات ويخرج للناس باعترافاته فيخبر عن هول الحادثة بقلبٍ بارد وابتسامة عريضة!
ما بال هؤلاء الخوارج الموارق؟ وماذا جنوا على المسلمين وديارهم؟ فلقد صدَّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه فأضلهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون!
فما الذي ساقهم إلى تلك المهالك، وسلك بهم أوعر المسالك، واستباحوا الدماء والأموال، وروَّعوا الآمنين؟!
قد يظن الظان أنَّ هذه الواقعة من نسجِ الخيال؟ وقد يزعم التابعون والمتعاطفون لهم ومعهم أنَّ هذا من تلفيقِ التهم بهم! وهيهات هيهات.. فها هم في وثائق مرئيةٍ ينادون بذلك، كما شاهد الكثير أحدهم ينادي بقتل كلِّ من يخالفهم ولو كان الأب والابن!
وحذّر العتيبي من الالتفات إلى من يزيّن عثراتهم، ويرقِّع غدراتهم، فهم والله خوارجٌ موارقٌ ضُلَّالٌ وقع بهم مصداق خبر الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم - بأنهم يقتلون أهل الإسلام، كيف ومنهم اليوم من يقتل والده؟! ألا لعنة الله على الخارجين. هم ليسوا منّا، فليس منّا من غشنا في «ريـال» فكيف بمن جرّد على المسلمين السلاح والقتال؟
قد يرُوعُنَا هولُ المصيبة، وعِظَم الكارثة، ولكن هم «كلاب النار» لا نبكي عليهم بعين الشرع حين يهلكون، وإن كنّا نحزن عليهم عندما ننظر إليهم بعين القدر؛ إلى أين هم سائرون؟
فمن ضلّ منهم فمرد أمره إلى الله، ومن مات فالله يتولاه بعدله ولن يَغْفلَ الله عما يعمل الظالمون؛ يوم لا تنفع الظالمين معذرتُهم وقد خاب من حمل ظلماً. ولكن الخوف.. الخوف: على الآتي من أبناء المسلمين إلى مهالك الخوارج ومسالكها. فابن من سيكون؟ ومن سيقتل؟
وأضاف القول: لقدّ مرّ في تاريخ الإسلام نظائر هذه الفتنة العمياء الصماء التي أكلت الأخضر واليابس، وفرقت ديار المسلمين، ومزقت صفوفهم، وسلطت عليهم من لا يرحمهم، وزالت وارتفع منار الإسلام، وستزول داعش، ثقةً بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كلما خَرَج منهم قرنٌ قطعه الله. فاثبتوا وأنقذوا أنفسكم وصونوا أولادكم وأهليكم من مسموم أفكارهم.
وناشد الداعية بدر العتيبي الآباء والأمهات بصيانة الأبناء من شبهاتهم المُضلّة؛ فكم كان من أبنائنا من كان يكتب على صدره «لا للإرهاب» وبعد أيام ينقلب قلبُه، ويُفتن بهم عن طريق وسائل التواصل وزخرف أقوالهم، فيضلّ عن السبيل ويعود إلى بلاده ووالديه والمسلمين بالدمار والقتل!
سائلاً الله من مضلات الفتن ومن معضلات المحن، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل الشرور ويصلح الأئمة وولاة الأمور.