د. محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح- الجزيرة- شاهتْ وجوهٌ قصدتْ بلداً مسلماً فروَّعتْ أهله، وقُبِّحتْ أنفسٌ شاذة تسْفِكُ الدم بغيرِ حله، واسودَّتْ قلوب فرحتْ بمقتل مسلم يحمي وطنه. أي خبثٍ يحملُه مفجِرٌ في أحب الأماكن إلى الله.
وأي إثم باء به مَن نسف مسجداً يذكر فيه اسم الله. وأي جُرمٍ ارتكبه من قتل مصلياً يعبدُ الله.
لقد خرجت على المسلمين في هذا الزمان شرذمةٌ، شاذةٌ، مجرمةٌ، قبيحٌ فِعالها، ساقطٌ تصرفها، خبيثٌ عملها، لئيم طباعها، سافلٌ فعْلها، محرمٌ اعتقادها، أغرارٌ شبابها، سفهاءُ أصحابها، جمعت الفواحش والمحرمات التي حذر الله منها، فلزمتْ الإثمَ في جرائِمها، والبغيَ في اعتدائها، والقولَ على الله في اعتقادها وأفعالها، قال الله:(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ).
هذه الشرذمةُ المختلةُ في تفكيرها، والمفتونةُ في منهجها، والمنحرفةُ في عقيدتها، والضالةُ في دينها، والعمياءُ في بصيرتها، والمرتزقةُ على حساب أمتها، والعاقةُ لأوطانها، والخارجةُ على حكامها، والقاتلةُ للمسلمين، والمروعِّةُ للآمنين، والتابعةُ لغير سبيل المؤمنين لم ولن تنصرَ إسلاماً، ولن تقيمَ ديناً، ولن تـُحكِّم شرعاً، فإسلامُهم قتْلُ المصلين، ودينُهم إفسادُ بلادِ المسلمين، وشرعُهم الطعنُ في أئمة الدين، و الخروجُ عن جماعة المؤمنين. هم أضر على الأمة من اليهود والنصارى يُلبِّسون على شباب الأمة ما استطاعوا حتى يكونوا جنوداً لهم، وأدواتٍ على مجتمعهم، فغرروا، ولبّسوا، وقاموا بمحاولة بائسة ليجعلوا المجتمعَ المسلمَ يتفكك لكان خيّب الله آمالَـهم، وأبطلَ ظنونهم، فوقف الوطن متماسكاً متراحماً مترابطاً، ورجال الأمن يزدادون قوة وثباتاً، فلتموتوا بغيظكم أيها الفسقةُ المارقون، والمجرمون الزائغون، وعضوا على صُمِّ الحصى كمداً، فخطَطُكم لن تنجحَ بإذن الله، ومكرُكُم السيئ سيحيط بكم، ويعود عليكم كما قال الله:{ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ }، وبغيكم إنما هو على أنفسكم.
إن المتأمل يجد أن ما ارتكبه بعض الشباب إنما هو نتيجة لفكرٍ سيئ قام به دعاة الضلال من الأحزاب والجماعات المنحرفة، فقد خرج علينا دعاة حزبيون يشحنون الناس ضد أوطانهم وعلمائهم وولاة أمرهم، يتكلمون في كل شيء، يضخمون الأخطاء ، وينشرون الزلات، ويكتمون الحسنات التي قامت بها أوطانهم، ويطعنون في الحكام، ويرمون كبار العلماء بالتقصير، من كان من حزبهم غضوا الطرف عنه، تجدُهم مناصرين للثورات، داعمين للمظاهرات، مُنادين لإخراج المنحرفين من السجون، فإياكم وإياهم، فاحذروا عباد الله، وحذِّروا أولادكم، إياكم أن يضيع أولادُكم معهم، أو أن يستمعوا إليهم.
واعلموا أن المجتمعَ أمانةٌ، وأن السكوتَ عمن أراد إفسادَه جريمة، فحافظوا على أماناتكم، وتجنَّبوا الخوض فيما لا يعنيكم، وعلِّموا أولادَكم وأقاربَكم خطر الجماعات والحزبيات المعاصرة من الدواعش التي جمعتْ عدداً من المحرمات والفواحش وأضرابِـهم من الفرق المارقة، والطوائف الضالة، والجماعات الإرهابية، وعليكم بالسنة ومنهج السلف الصالح، واستقيموا على الطريق، وتوبوا من الذنوب، ومن أراد السلامة من الفتن فليلزم جماعةَ المسلمين وإمامَهم أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ :نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ، قَالَ: نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ، قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ). وإن القلب ليتقطع ألماً ، والصدر ليمتلئ حزناً مما وقع في جنوب بلادنا حرسها الله وبلادَ المسلمين من تفجير في رجال قدموا متطهرين قاصدين بيتاً من بيوت الله، وهذا العمل هو من المنكرات العظيمة، والجرائم البشعة، فاعلها متوعَّد بالنار، وبغضبٍ من الجبار، وبعذابٍ عظيم، فهو قد قتل نفسه، وقتل متعمداً عدداً من المصلين،( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، نعوذ بالله من حال أهل الضلال، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولا يقِلُّ خطراً من المفجِّر المجرم من كان سبباً في انحرافه من دعاة الضلالة.
فاللهم عليك بمن غرر بشباب المسلمين، وأفسد عقيدتهم ومنهجهم بقوة يا قوي يا جبار. والحمد لله على كل حال.