د. مطلق بن سعود المطيري- الرياض- الأمن في الظروف العادية والاستثنائية هو تربية اخلاقية ترفد المجتمع بمسببات الاستقرار والامان، فإن اختلت موازين تلك التربية فقد المجتمع امنه في البيت والشارع والمسجد، لذا علينا في هذا الوقت الذي يشهد تحديات امنية غير مسبوقة ان نلتفت للتربية الامنية لطلابنا في المدارس والمعاهد والجامعات، وبما اننا على اعتاب بداية عام دراسي جديد سوف ينتظم فيه ملايين الطلاب في دراستهم آمنين بإذن الله.. فلا يكون من الترف او من البحث عن اعباء تعليمية جديدة إن بحثنا عن خلق برامج تربوية امنية لطلابنا، تحمل شعار لا يوجد داعشي واحد في مدارسنا.
اصبح من المؤكد ان الارهاب ليس اجتهادا دينيا بل جريمة امنية يرتكبها مجرمون باسم الدين تعزز موقفهم الحركي عندما ابتعدت او تراخت المؤسسات التربوية عن القيام بدورها المطلوب، واصبح لهؤلاء المجرمين عقيدة تربوية امنية يتدربون عليها نشأ الارهاب بأسلوب منهجي محكم يجعله في اغلب الاحيان محصنا من الاختراقات المصححة لمنهجه او المنافسة، وهذه حال جميع ايدلوجيات العنف في العالم من اشتراكية لصهيونية ونازية الى أن وصلنا الى الداعشية، فالتربية العقدية لجماعات العنف تربية صارمة ومخلصة لاهدافها فالمؤمن بها يبحث عن التضحية مع كل فرصة متاحة، فنحن لا نواجه فردا انحرف عن الطريق الصحيح بل نواجه عقيدة تربوية حددت اهدافها وانطلقت نحوها، لذا لا بد من ايجاد عقيدة تربوية في مدارسنا وجامعاتنا لمواجهة تلك العقيدة التي تسعى بكل قوة لازالتنا عن الوجود.
علماء التربية اليوم نريد ان نشاهد منهم برنامجا تربويا عقديا يعلّم الطلاب طريق سلامتهم الدنيوية والاخروية، فالمواجهة التربوية التي نشهد ملامحها اليوم للاسف تجعل الخصوم متفوقين علينا بحرصهم على الاستمرار والمثابرة وبناء منهج تربوي محكم، ساعدهم على ذلك قناعة الكثير منا ان مستوى تعليمنا ادنى من المطلوب بكثير، وكذلك الاختراقات التربوية في الفصول الدراسية التي يقوم بها معلمون لا ينتمون لداعش بل اصحاب فكر منزعج من كل شيء وجعلوا من حالة انزعاجهم مادة تربوية قدموها لطلابهم، منزعجون من الحكومة، ومن العلماء ومن زوجاتهم، ومن اولادهم، بمعنى انهم لايملكون الحد الادنى من القيمة التربوية التي يحتاجها الطالب، كل ذلك ساعد منهج داعش التربوي على الانتشار، فإن لم نأخذ المنهج التربوي الامني كتحد يبنى عليه اساس وجودنا فلن نستطيع ان نهزم مناهج عرفت جيدا الثغرات التربوية في جدار تعليمنا وتسللت لطلابنا من خلالها، نريد من كل مدرسة ان تصمم برنامجا تربويا امنيا يعلم الطالب العقوبات الامنية والمحاذير الشرعية، وان تتنافس المدارس في صناعة تلك المناهج.
التحديات التربوية كبيرة جدا والصمت امامها لا يعني العقل وحسن الرؤية بل يعنى العجز وعدم القدرة على إنتاج منهج تربوي يحصن طلابنا من عبث المجرمين .