إبراهيم سعيد- البلد-
نفجر الأسئلة، نفخخ أحرف الاستفهام بأحزمة ناسفة، نطلق الرصاص من رشاش علامة الاستفهام. وأنت هدف أو قاعدة هجوم، من أنت إلا إرهابي آخر، فأين تختبئ، أين؟.
قد تحاصروا الآن بجيوشهم الجرارة وقاذفات صواريخهم وطائراتهم، باليدوي من أسلحتهم وقنابلهم وأجسادهم، ولم كان ذلك؟ ألأن الذين تهاجموا منهم ماتوا في الهجوم؟! لأن امريكا اعتبرت الفعلة الجنونية صفعة؟، من المجنون؟، هل موت الناس صفعة؟!، أأحرار هؤلاء الذين يركضون نحو بعضهم حقاً، أم أسرى الطراد؟.
من ضد من؟
قاعدة الحرب الوحيدة أن تقتل أو تموت، جسد الانسان هو الأرض الوحيدة لكل المعارك.
ماذا يريدون من بعضهم الآن؟
هل سيكفرون بأديانهم بالقوة؟ هل سيدوسون عقائدهم ليغفروا لبعضهم البعض؟. هل سيتركون ثاراتهم معلقة في الذاكرة؟
لم يكونوا أشخاصاً، كانوا مشاعر متفجرة، من بلاد القوة والضعف، من البلاد التي سرقت واحتلت وقهرت، والتي انتصرت، وتغطرست، فكم سيقتلون من بعضهم؟ وهم كالثأر كلما ازداد القتلى يكبر.
عمرهم من عمر الحرب.
كم مرة اذن سيأتي أحفاد الضحايا ليأخذوا بالثأر من ظالم أجدادهم؟، القتل يجري فوق رأس المظلومين بالغطرسة، المستباحة دمائهم، المقتولين بين أمهاتهم وزوجاتهم، يخرجون من الكوابيس، يلاحقون شبح الظلم حيثما تجسد، كأنهم شبح العدالة.. بدعوى الأفكار، بدعوى الأفكار، بالمعتقدات المسلحة، باليقينيات النهائية، سأقتلك وتقتلني، وسأنتقم وستنتقم، وندخل أتون الثأر الفتاك؛ سأشرد أهلك وتشرد أهلي، سأدمر مدينتك وتدمر مدينتي، والذي يقتل الآخر أكثر يكسب ما تبقى من الحطام، يفوز بالحرب، فهل الحرب غنيمة؟ رصاصة واحدة مني إليك، تبدأ في أستباحتك كلك، رصاصة واحدة، وأضع في مرمى أسئلة نيرانك، أهلي، زوجتي، أطفالي، أخوتي، جيراني، أصدقائي، جماعتي، أمتي، فهل يكفيك لذلك كله سؤال واحد، رصاصة واحدة؟ من أجلي ستضحي بهم جميعاً، على المذبح أمامي، ومن أجلك سأضحي بهم جميعاً، على مائدتك، فهل يكفيك ذلك لتقامر معي؟، سأخرب أرضك، وأسمم زرعك، وأقتل مواشيك، سأصادر ثرواتك، وأنهب ممتلكاتك، سأقضي على ملايين الأروح وآلاف البلدان والقرى والمدن حتى أصل اليك وتعلن أمامي استسلامك، هل ستفعلها أم ستهرب مؤجلاً موعد الحسم لمعركة جديدة في ارض الانسان؟، أعبئ شبابي بالكراهية ليلاحقوك أينما كنت، وانت ستفعل مثلي، برضاك أو غصباً عنك، سأستهدف من تحبهم أكثر، سأضيق عليك الخناق، حتى تكرهني واكرهك شئت أم أبيت، فهل تقدر أن تشبع من الكراهية دون أن تحترق؟، ستخافني وأخافك، وتتهمني وأتهمك، وتعاديني بكل قوتك واعاديك بكل قوتي، وسأثبت للعالم اني أقوى منك، وأفضل منك، والمنتصر هو الحق والخاسر هو الباطل، فهل نتفق؟.
بسببك صرتُ رحماً يتوالد من أعداءك، وأنت مثلي صرت تنجبُ أعدائي، وحين تموت يا عدوي وأموت، أينبت من قبورنا أعداء جدد، أعداء يكفي أسمهم وحده حطباً لإشعال نيراننا؟، سأجعل العالم كله مثلي أنا بالقوة، فهل سيطفئني ذلك؟، تؤججنا معركة ماضية ونحن نشعل حرباً قادمة، كراهيتنا لبعضنا ضخمة وتريد التعبير، حتى الموت، طاقات حقدنا متأججة، وتطلب الوقود، وسأقتلك وتقتلني، يا عدوي، لكن انظر كم نحن متشابهين، واحسب كم مرة سأقتل نفسي وتقتل نفسك ظناً أنهما أنت وأنا؟، عندها عندها، بعد ان تموت انت وأقضي عليك وعلى كل بذورك، لا اعرف ما الذي سأفعله وقد خلا العالم منك؟.
تنفجر الأسئلة بسرعة نارية، ينطلق صوت الرصاص من علامة الاستفهام، تلبس كل علامات الترقيم أزياءً عسكرية، وتصبح كل الكلمات في مرمى النيران. لا وقت إلا للمعركة، لا وقت للفهم، لا وقت لإصلاح الأخطاء، لا وقت للعون، هي الحرب الجديدة هي الحرب الجديدة. باسم المبادئ الكبرى، باسم الله، باسم الحقيقة والعدالة. آدم وحواء، يبحران بالأرض في بحر الجهل، تنزُّ الدماء من أطرافهما، كل مرة يقتل أحد ابنائهما الآخر، فيما يعلنان لبقية الأبناء أن يستعدوا، فيما هم يموتون، لمقاتلة الشيطان الذي لا يموت..