تواصل » صحف ومجلات

تفجير عسير.. رسالة للجهات وضرورة الكاميرات!

في 2015/08/18

عبدالغني القش- مكة- نعم اهتزت أرجاء الوطن يوم الخميس الماضي، إثر الانفجار الذي وقع ببيت من بيوت الله في داخل مقر قوات الطوارئ الخاصة في مدينة أبها، ونتج عنه استشهاد 15 وإصابة 33 من رجال أمننا البواسل، حيث قام انتحاري بائس بالدخول بين المصلين خلال أدائهم صلاة الظهر، وفجّر نفسه بحزام ناسف كان يرتديه، وبعدها أعلن تنظيم داعش الإرهابي تبنيه لهذه العملية الآثمة وبكل فجاجة وصفاقة، ليأتي الكشف عن هوية منفذ التفجير، وهو غر يبلغ من العمر 21 عاما، وبكل أسف من أبناء هذه البلاد، لتطفو على السطح الكثير من علامات الاستفهام، ولعل أبرزها كيف تم التغرير بمثل هذا المفجر وإقناعه بالانتحار والسعي للهلاك غير آبه بحرمة بيوت الله ومستهينا بأرواح الأبرياء!

ويتداعى الجميع للوقوف صفا واحدا أمام كل ما يزعزع وحدتنا أو يحاول التفريق بيننا، فيتم إطلاق مليوني تغريدة على تويتر في غضون 3 ساعات منددة بهذا العمل المشين، وداعية للتكاتف ووحدة الصف، ويأتي دور الشعر والشعراء ليثير هذا العمل الجبان القريحة بأبيات تؤكد صدق مشاعرهم ووطنيتهم ووردتني أبيات للشاعر عبدالله بن هذيل الرحيلي وكذلك قصيدة للشاعر رافع بن علي الشهري.

وفي ثنايا المشهد يأتي نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ليؤكد أن الحوادث الإرهابية لن تثني عزم البلاد وجنودها ومواطنيها عن التصدي بحزم لكل من يحاول العبث بأمن الوطن ومكتسباته، فيقول «إن هذه الحوادث لن تثني عزائمنا عن المواجهة والتصدي بكل حزم لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن ومكتسباته».

ولعلي فيما سبق نقلت صورة موجزة للمشهد الأليم الذي أحزن الوطن وأرّق جنباته، وتسبب في جرح عميق في قلوب أبنائه وبناته، لأخلص من ذلك إلى ما يلي:

إن هذا الحادث يمثل رسالة لعلمائنا ودعاتنا للقيام بعمل يوازي هذا الفكر ويرد عليه بشكل علمي وعملي؛ فالشباب – كما نرى – قد اعتنق بعضهم هذا الفكر الهدّام، ووجب التصدي له بكافة السبل وبشتى الوسائل، وكم أعجبني فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف عندما ذكر في خطبته الجمعة الماضية أن الجلوس مع الشباب والرد على شبهاتهم وما أشكل عليهم وحوارهم واجب متحتم على العلماء وطلبة العلم والدعاة وبخاصة في مثل هذا التوقيت.

لقد ولى زمن التنظير الأفقي والتسطيح الفكري، فالأعداء المتربصون لبلادنا استطاعوا التوغل وإقناع بعض شبابنا بفكرهم، وتوجب علينا النزال الفكري وقرع الحجة بالحجة وبكل شفافية، ولا أجدني موافقا على مقترح بإقامة حملة ضد الفكر المتطرف، بل المفترض أن يكون ذلك بشكل دائم مبثوثا في مناهجنا ومدارسنا وجامعاتنا.

أما الأمر الآخر -وهو عمل عملي - بعيدا عن التباكي والبحث والتحري، ألا وهو زرع الكاميرات في كافة شوارعنا وطرقاتنا وأحيائنا بل ومبانينا، فقد باتت ضرورة ملحة وليست ترفا، ولقد سبق لكاتب هذه السطور أن كتب في مستهل هذا العام مقالا نشر في هذه الجريدة الغراء عنوانه: «الكاميرات الأمنية.. ضرورة آنية»، وطالبت حينها بنشر هذه الكاميرات وبينت آنذاك أهمية وجودها وإسهامها في كشف الجريمة، وطالبت بإخضاع جميع الأماكن كالأسواق والإدارات والجامعات والمدارس والشوارع والطرقات لهذه الكاميرات؛ إذ لها فضل كبير بعد الله في الكشف عن أي جريمة تقع، واستشهدت بدولة الصين وكيف أنها باتت تخلو تقريبا من السرقات، ويعود الفضل لوجود الكاميرات ونشرها في كافة الأمكنة، وسردت قصة ذلك الزميل الذي نسي حقيبته في سيارة الأجرة فأتي بها إليه في غضون أقل من ساعة.

إن المفترض التحرك بشكل عملي ومتواصل لمواجهة هذا الفكر الضال، وواجب علمائنا وجهاتنا العلمية كالجامعات والمعاهد والمدارس تحصين شبابنا منه، بأساليب جديدة وبجرعات مكثفة توازي حجم هذا الفكر الذي استطال شرره وعم ضرره.

ولا أعتقد أن مسألة تعميم الكاميرات تحتاج لمزيد نقاش، فالوقت يحتمها والضرورة تفرضها، ووجودها بحد ذاته من تحصين المجتمع ضد هؤلاء المغرر بهم، حين يعلمون أنهم مراقبون وبتحركاتهم مرصودون، وحينها تنشل تحركاتهم وتتقلص – قطعا - مخططاتهم، وهذا يدخل ضمن تكثيف الاستعدادات ورفع مستوى درجة الحيطة في مواجهة المستجدات، التي دعا إليها نائب المليك، فهل نفعل؟