علي بن محمد الرباعي- عكاظ- احتدم النقاش بين أبي حمدان وبين زوجته، فالزوج مع حق تدريس البنت الصغيرة مع الأولاد كونه ليس عيبا ولا حراما. والقرية شبابا وشابات إخوة من النسب أو الرضاع والشيمة موجودة في رؤوس أهلها. بينما تتحفظ الأم على إجراء كهذا يجعل من بنتها لبانة في أفواه سيدات القرية ما قد يحرمها من زوج مستقبلا، إضافة إلى أنها بحاجة إليها في المنزل تمسك إخوتها الصغار أو ترعى البهم أو تحوق الساحة، وقالت لزوجها: يا مخلوق من وين جبت هذي الروايا؟ البنات ما لهن إلا الجوز وإلا القوز، فرد عليها (أبجمي.. كلمة بريال) وإذا قالها أبو حمدان قالها، كانت مدرسة القرية الوحيدة التي تجمع طلابا من عدة قرى يجلسون على الهدم ويرددون كلاما مختلطا كون الفصول كلها في مجلس واحد في بيت بن فروان. وانطلقت الصغيرة معية أبيها صبيحة اليوم التالي بثوب أحمر مزركش ومعصب أصفر على رأسها وحاول بعض التقليديين من المدرسين أن يتفلسف فرد أبو حمدان: نعرف الحلال والحرام قبل ما يعرف أبوك أمك وعليه الطلاق وهو المطلق لتدرس وأنت ما تشوف الطريق مير (أبجم وكلمة بريال) كان المدير الظفيري حكيما فأجابه «حشمة يا بو حمدان تدرس ولكن حصص القرآن والمطالعة والكتابة فقط». اتفقوا وأردف مطلقا أن غداء الجميع مديرا ومدرسين وطلابا عنده في البيت بعد الظهر مباشرة، وقال المدير للبنت النجيبة: سيري قدامنا ورينا بيتكم، فسارت وهم طابور من ورائها. درست البنت وتفوقت وكانت سفيرا لفريق المدرسة في إحضار اللبن والسمن من عند جدتها أم الخير كل صباح إضافة إلى أنها أداة تهديد للطلاب البلداء إذ ما أن يخفق أحدهم حتى يصيح المدير مناديا (صندلة) فتأتي لحل المسألة التي لا تأخذ معها ثواني وفي آخر العام كانت الأولى ولكنهم لم يكتبوا لها شهادة خشية المساءلة، ومثل ما قال المقول «من طلب الحق ما هو أمحق».. وسلامتكم.