المدينة- كشف الخبير الأمني اللواء م. طلال بن محمد ملائكة، عن 25 صفة اجتماعية وسلوكية للانتحاريين والإرهابيين، يمكن كشفها بكل سهولة، ومن أهمها الميل للعزلة الاجتماعية والشعور بالظلم والاضطهاد وسطحية الفكر والتفكير والانفعال والغضب الزائد والشرود الذهني والنزعة الانتقامية. وأكد اللواء الملائكة أن العمل الانتحاري الإرهابي، يسعى خلاله المنتحر إلى إحداث أكبر قدر من التهلكة والإضرار في الأنفس والممتلكات كما حدث في التفجيرات التي شهدتها المملكة مؤخرا، وغالبا ما يكون الانتحاري تم تجهيزه منذ فترة طويلة كمشروع مستقبلي للانضمام للجماعات الإرهابية للقتال وللقيام بعمليات إرهابية أو انتحارية كل حسب صفاته الشخصية والنفسية للمشروع (الطالب) ومنذ نعومة أظافره والتي يكون المدرب أو المدرس أو المحاضر أو الشيخ الخاص به قد اكتشفها مسبقا وصنفها به وغالبا ما يقوم التنظيم بالاتصال بالمدرب هذا ويطلب منه عناصر معينة لمهام معينة، وحينها يقوم التنظيم بإرسال عُنصر آخر (المجهز) وذلك لتهيئة العناصر المختارة نفسيا وتجهيزها للعمل الإرهابي سواء للداخل أو للخارج.
وأوضح الخبير الأمني أن العناصر المستقبلية للمشروعات الإرهابية والانتحارية تتوفر بها بعض الصفات الاجتماعية المشتركة، من أهمها الانعزال بصفة عامة عن أنشطة المجتمع العامة والحياتية الطبيعية كحضور المناسبات العامة والاحتفالات العامة، وعدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية وصداقات واسعة منذ نعومة أظافره وبالتالي ترى صداقاته محدودة.
والانتحاري لديه مجموعة منحصرة من الأصدقاء المقربين إليه دائما وهي مجموعة صغيرة مقارنة مع أقرانه (من 4 إلى 5)، ويلتقي هو ومجموعته الصغيرة مع بعضهم البعض وفي الغالب تكون لقاءاتهم وزياراتهم ورحلاتهم مع بعضهم البعض.
ولا يحضر الشخص ذو الميول الإرهابية الانتحارية المناسبات العائلية وإن حضر فيكون بإلحاح من الوالدين أو أحدهما، وفي حالة حضوره للمناسبات الاجتماعية فإنه يحضر للمناسبات الحزينة كمناسبات الموت والحوادث، وفي حالة وجود مظاهر مستنكرة في رأيه الديني (كالزهور وقراءة القرآن) فإنه يحضرها على عجل ويكون غالبا حضوره من باب التذكير والعظة لنفسه.
ويحد اللواء ملائكة الصفات النفسية والسلوكية للانتحاريين كمشروعات مستقبلية جاهزة للقيام بعمليات إرهابية، مع ملاحظة أنه في مرحلة الاختيار لتنفيذ عملية انتحارية ستكون الصفات أكثر دقة وتحديدا.
فالانتحاري لديه مشاعر سلبية تجاه الآخر بصفة عامة، وشعوره بالاضطهاد والظلم، ويتميز بسطحية الفكر والتفكير، كما يمتلك مشاعر سلبية تجاه نفسه، ويشعر بالتقصير والذنب وأنه ارتكب معاصي كثيرة في المراحل المختلفة لنشأته.
ولا يفقه في الأمور الفقهية بشكل علمي ولا يحبذ الدخول في مناقشات فقهيه عميقة، ومتردد في اتخاذ القرار في أموره العامة والخاصة وغالبا ما يسأل والديه وبكثرة ومنذ نعومة أظافره بماذا يفعل حيال كذا وكذا، وحينما يشتد ظهوره ويبلغ سن المراهقة ففي الغالب يسأل أصحابه المقربين له.
كما تغلب عليه نزعة الخوف والجبن حيال الخرافات وقصصها (الجن والعفاريت والأشباح)، ويؤمن بالكرامات وتفسير الأحلام وتشكل هذه هاجسا كبيرا في تصرفاته وقراراته، ولديه نزعة انتقامية ضد كل شيء، فنشاهده يحطم الأشياء حينما تعتريه موجات الغضب ولأتفه الأسباب، وتظهر تلك النزعة في كلامه وعباراته (نفسي أكسر، نفسي أقتله، نفسي أدمر، حطمني، دمرني).
ويتصف الانتحاري أنه انفعالي ويغضب بسرعة، ويغلب عليه الشرود الذهني، وتنتابه من فترة إلى أخرى حالة من البكاء وبدون سبب أو مبرر، ويميل إلى عزل نفسه من فترة إلى أخرى في غرفته، ولا يريد من أي شخص أن يدخل عليه في غرفته، ويميل للتعبير بأنه يشعر بالكسل. ويملك حساسية زائدة حيال أي تصرفات أو أقوال من الغير، ودائما مشتت الذهن والتفكير، ويشعر بالتفاهة وعدم الاطمئنان، كما أن بؤبؤ العين لديه غير مركزة وغالبا ما يكون هناك سواد حول عينيه لقلة النوم والشعور بالقلق.
ونبه الخبير الأمني إلى أن ملاحظة هذه الصفات والتغيرات السلوكية تشاهد أغلبها على الابن أو الابنة الذين تم تجهيزهم كمشروعات مستقبلية للإرهاب وغالبا ما تكون العائلة من والدين وإخوة وأخوات هم أكثر الأشخاص الذين يلاحظون هذه الصفات والسلوكيات على أبنائهم وبناتهم.
وأكد أن الأبوين وبقية أفراد الأسرة هم أكثر الناس إحساسا ويقينا بأن ابنهم فيه تلك الصفات ويحملها بين طياته وفي جوانبه وأفكاره وأنه من الممكن أن يكون خامدا أو نائما وأنه مشروع إرهابي كبير، وهم يتحملون المسؤولية أمام الله في المقام الأول قبل تحملهم المسؤولية أمام الدولة وأمام المجتمع ويتحملون في رقابهم دماء الأبرياء من الضحايا في كل مكان وكل زمان إلا أذا كانوا هم على نفس النهج والعقيدة.
وطالب الأسرة أو العائلة أو المحبين للشخص الانتحاري أو الذي تبدو عليه علامات جاهزية القيام بعمليات إرهابية المسارعة بالتبليغ على الرقم (990) وفي أضيق الحالات أخذه لطبيب نفسي متخصص وليس لشيخ يقرأ عليه، فهذه الأمور خطرة جدا لا مجال فيها للتجربة، هذا إذا رغبوا في الحفاظ على حياته وحياة الأبرياء من الذين لا ذنب لهم.
مشيرا إلى أن الشخص المقبل على الانتحار حينما يتم اكتشافه ومعالجته يرجع إنسانا سويا ويمارس حياته الطبيعية.
وأشار اللواء الملائكة إلى اختلاف المعلومات الميدانية الدقيقة والمتخصصة في هذا الموضوع والمستندة على الأبحاث العلمية وندرتها في العالم العربي، فلا يوجد إلا عدد محدود من العلماء والمختصين الذين خاضوا في «صفات المنتحرين» ومن تطرق منهم فقد تطرق إليه بشكل عام وجُلهم غير متخصص في مجال الإرهاب وإنما متخصصين في علم النفس.
منوها إلى جهود الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب والدكتور قدري حنفي من مصر وابي يعرب المرزوقي من تونس وهو من الأوائل الذين أشاروا إلى أن تنظيم القاعدة «تضع علم الكلام الجديد موضع التنفيذ للاستقطاب».
وأشار إلى العالم الأمريكي روبيرت بيب وهو من القلائل في العالم الذين قاموا بدراسة علمية ميدانية متخصصة من خلال دراسة ما يقارب من الـ400 ملف وهي دراسة ممتازة بكل المقاييس، بحكم أن العينات المختارة في البحث هي عينات إرهابية أو وجه لها الاتهام بأنها إرهابية.
وفي المملكة العربية السعودية لا توجد دراسة علمية ميدانية متخصصة (الصفات السيكولوجية للانتحاريين) علما أن الفرصة كانت متاحة منذ حركة جهيمان والتي قامت عام 1400 هجري أي منذ 40 سنة تقريبا، وكذلك أحداث تفجيرات الخبر والعليا وما تلاها من عمليات مختلفة على رأسها أحداث 11سبتمبر عام 2001 ميلادي.