فهد المضحكي- الأيام- لا تزال الحكومات الخليجية والعربية تبحث عن مخارج لمواجهة الارهاب بشقيه السني والشيعي، ولسنا نغالي ان قلنا ان محاربة الارهاب الذي طال عواصم عربية عديدة، صار بالعنف المسلح والتكفير والتحريض على الكراهية والفرقة المذهبية والطائفية مصدر خطر حقيقي على أمن الشعوب واستقرار المجتمعات!.
هناك من يرى ضرورة الحلول الامنية، ومع أهمية هذا القول فان مجابهة هذه الآفة لا تسمح بالتراخي او التراجع وليست هناك مصلحة في ذلك وانما المصلحة بان نتصدى لهذه الظاهرة المدمرة من دون ازدواجية او خلط الاوراق، ولا اعتقد اننا في حاجة ان نذكر امثلة هناك من العواصم العربية سخرت كل امكاناتها المادية واللوجستية ولمصالح اقتصادية وسياسية ومذهبية – شأنها - شأن إيران لدعم وتمويل الارهاب والارهابيين الذين اصبحوا اليوم ورقة ابتزاز امريكية بالدرجة الأولى وهناك ايران التي ومنذ قيام الثورة 1979 لم يتوقف نشاطها عن التمدد الايديولوجي والسياسي والاقتصادي ويمكن رؤية ذلك ليس فقط في احتلالها لاربع دول عربية، بل في جهودها المتواصلة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ولن تستطيع رسالة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف «الجار قبل الدار» ان تغير حقيقة الخطر الايراني، والتهديدات الايرانية، وما التوتر الاقليمي الذي أشعلته الا أوضح بشدة ان الطريق الذي ترسمه لدول المنطقة يبدأ من تصدير الثورة!.
وشيء آخر يجب ان يقال وهو ان الموقف من ايران كنظام ثيوقراطي يعبر عن أطماع الإقطاع الديني وتجار البازار حلفاء «الملالي» لا يعني العداء للشعب الايراني الذي يتعرض لابشع انواع القمع والتعذيب والاعدامات، ولا يعني ايضاً العداء للطائفة الشيعية الكريمة احد مكونات المجتمع الخليجي والعربي وأحد أركانه، ولهذا لا مجال للتشظي السياسي والطائفي، ولهذا ايضاً فالمطلوب تحصين التعايش المجتمعي من الانقسام الطائفي ومن التحديات الداخلية والخارجية وهذا يكمن في احترام الحقوق والواجبات والتسامح والعدالة والتعددية ويخطئ من يعتقد ان الموقف من الارهاب السني والشيعي يقصد به الموقف من الطائفتين الكريمتين بل الموقف من الاسلام السياسي سنياً كان أم شيعياً وهو التحدي الأكبر للدولة المدنية الديمقراطية.. كم هو مؤسف ان نجد من النخب السياسية المحسوبة على الفكر الديمقراطي العقلاني تميل للطائفة على حساب الوطن، وكم من المؤسف ان تجد من يدعي الوعي الوطني والوطنية يقف ضد الوطن وضد الدولة ومؤسساتها ومكتسباتها وضد الحوار الوطني الشامل والمصالحة الوطنية، وكم من المؤسف ايضاً ان تجد من يتاجر بالوطن بانتهازية وتسلق لمنافع خاصة، ناهيك عن التخوين والاقصاء، والولاء لولي الفقيه، والمرشد ومبدأ الخلافة!.
لقد اتخذت الدول الخليجية والعربية خطوات عملية لمحاربة الارهاب والتطرف والطائفية من بينها بالاضافة إلى المعالجة الامنية اعادة النظر في مناهج التعليم ومراقبة دور العبادة وخطب أئمة المساجد المتطرفين.
ولكن السؤال المهم وفي هذه الفترة بالذات يطرحه الكاتب الكويتي شملان العيسى وهو هل هذه السياسة ستقود للقضاء على التطرف والطائفية والارهاب في بلداننا العربية والخليجية الآن بعد ان انتشرت هذه الظاهرة ومزقت اكثر من بلد عربي؟
لا يجب ان يغيب عن الاذهان ان محاربة الارهاب والتطرف والطائفية لا يقف عند الاعتراف باخطائنا، ولا عند اجترار المسببات التي ادت إلى انتشار هذه الظاهرة المرتبطة بالتعصب وتسييس الدين وسياسات القمع وغياب الحريات، بل ولضمان الوصول إلى مكافحة الارهاب لا يمكننا ان نغمض عيوننا عن المخططات الامريكية والصهيونية والإيرانية الرامية إلى تحويل الخليج العربي والمنطقة العربية إلى دول مفتتة ملتهبة ضعيفة وفوق ما جاء في نظرية الفوضى الخلاقة الامريكية!.
ولا يمكن ان نتجاهل اجندة الاسلام السياسي السني والشيعي المعبرة عن الدولة الدينية التي تغيب عنها شمس الحرية والتعددية والانتماء للوطن، ولا يمكن كما قلنا وقال غيرنا مراراً وتكراراً ان التصدي للارهاب والتطرف يحتاج إلى تسخير كل الامكانيات لدحره، واذا كان من المهم يتطلب موقفاً واضحاً لا لبس فيه من التنظيمات الارهابية السنية والشيعية المدعومة من طهران، فان المهم ايضاً يكمن في تصالح الانظمة الخليجية والعربية مع شعوبها على قاعدة الاصلاحات السياسية والاقتصادية الضامنة لحقوق المواطنة المتساوية والانفتاح على الديمقراطية ومساواة المرأة مع الرجل والتعددية والعدالة الاجتماعية.