المدينة- كشفت بيانات صندوق الموارد البشرية «هدف»عن بلوغ عدد السير الذاتية للمتقدمين للوظائف من حملة الشهادة الجامعية على موقع «طاقات» إلى 314 ألفًا و199 من الجنسين في كافة مناطق المملكة وهي تمثل نسبة 19% من مجمل طالبي الوظائف وهم مليون و670 ألفًا و469 متقدمًا للعمل.
كما أظهرت الإحصاءت الرسمية لمصلحة الإحصاء ارتفاع معدل العاطلين من الجامعيين في عام 2014 ليصل الى 17.5% بزيادة مقدرها 9% مقارنة بعام2013 منهم 34% إناث و5% ذكور.
يقول رئيس اللجان العمالية في المملكة نضال رضوان: إن البطالة الجامعية تزيد بشكل كبير لدى الإناث عن الذكور لعدة اسباب اهمها قلة الفرص الوظيفية المتاحة لهن،المعوقات الاجتماعية والأسرية،عدم توفر وسائل النقل وخاصة النقل العام، تدني الأجور وطول ساعات العمل في القطاع الخاص،اما بالنسبة للذكور فالبطالة تكاد تنحصر في خريجي العلوم النظرية والأدبية لعدم حاجة سوق العمل لهذه التخصصات، حيث نلاحظ ندرة وجود بطالة لخريجي المحاسبة أو الهندسة أو الطب أو العلوم، وهو امر تتحمل مسؤوليته وزارة التعليم ووزارة العمل والغرف التجارية التي يجب ان تعمل سويًا لتحديد متطلبات سوق العمل،اضافة الى تفضيل العديد من الخريجين العمل في القطاع العام عن الخاص لأن الاخير تتدنى فيه الاجور وساعات العمل الطويلة، وعدم الامان الوظيفي، وتأخر الأجور..الخ من معوقات التوطين فيه.
وأضاف رضوان: إن المشكلة لا تتعلق فقط بوزارة العمل حيث إن الغرف التجارية ووزارة التعليم تتحمل المسؤوليةبذات القدر وعلى الجميع العمل سويًا لتحديد التخصصات المطلوبة في سوق العمل والابتعاد عن اسلوب التلقين والحفظ الممارس حاليًا في اغلب المؤسسات التعليمية.
ويشدد رضوان على ضرورة مواءمة التعليم مع فرص العمل المتاحة حتى نستطيع تقليل بطالة الجامعيين بالاضافة الى ان هناك بطالة اختيارية من قبل بعض الخريجين نتيجة عدم ملاءمة الظروف للعمل في القطاع الخاص كما اشرت سابقًا مثل العائد المادي وساعات العمل وغيرها من الاسباب العديدة التي تعمل الدولة جاهدة لتغييرها رغم مقاومة اصحاب العمل لمعظم هذه التغييرات.
اما الخبير الاقتصادي الدكتور عصام خليفة فيؤكد ان هناك اربعة اسباب تساهم فى ارتفاع البطالة لخريجي الجامعات من السعوديين والسعوديات وهي:
عدم مواءمة مخرجات الجامعة مع متطلبات واحتياجات سوق العمل حيث إن كثيرًا من خريجي الجامعات هم من الكليات النظرية مثل كليات اﻵداب. وعدم إلمام كثير من خريجي الجامعات باللغة اﻹنجليزية وبالجانب المهني مثل مهارات التكنولوجيا والحاسب اﻵلي كما تنقص الدورات التدريبية والخبرات العملية لكثير منهم. وعدم تناسب الرواتب واﻷجور التي يقدمها القطاع الخاص مع تطلعاتهم لأنهم يطمحون في رواتب عالية ﻻ يستطيع ان يقدمها القطاع الخاص مقارنة مع الرواتب اﻷجور التي يقدمها للعمالة الوافدة. ويعتبر القطاع الخاص أن إنتاجية العمالة السعودية أقل بكثير من العمالة الوافدة كما أن الأخيرة لديها القابلية للعمل ساعات إضافية بدون مقابل وهذا يرفضه السعوديون.
عضو لجنة الموارد البشرية في غرفة جدة الدكتور خالد الميمني أكد على ضرورة إعادة النظر في التعليم بكافة مراحله خاصة «الجامعي» لأنه لا يخرج إلا طلابًا نظريين لا يصلحون لسوق العمل وبعيدين عن واقع السوق، لايعرفون شيئًا عن أبسط قواعد البحث العلمي ولا عن أي شيء عملي، مشيرًا إلى أن الشاب والفتاة يبدآن في الغالب بعد التخرج في الجامعة بإعادة تأهيل نفسيهما من جديد لسوق العمل حتى يتمكنا من إيجاد عمل مناسب وذي دخل مقبول.
وأضاف الميمني: إنه لابد أن تأخذ الجهات المختصة على عاتقها مسألة تطوير التعليم وكيفية ملاءمة مخرجاته لكى تتناسب مع سوق العمل.وحذر من ان هناك أبحاثا علمية تحذر من زوال بعض المهن مستقبلا في ظل التطور التكنولوجي الرهيب في كافة مجالات الاقتصاد وتمنى أن يضع من يطوّر مناهج التعليم نصب عينه أن لا يقلّ مستوى الشاب والفتاة السعودية عن مستوى أقرانهم في البلاد الأخرى، مشيرًا إلى أن هناك دراسات تؤكد أن 44% من العاطلين في المملكة حاصلون على مؤهلات عليا وهي ان صحت ستكون أكبر دليل على فشل المنظومة التعليمية لدينا.
في حين يعتقد المستشار التعليمي محمد الغامدى أنه ليكون التعليم مسايرًا للحياة في مختلف جوانبها لابد له أن يمرّ عبر مستوياته الطبيعية الثلاثة، المستوى النظري والمستوى التجريبي والمستوى التطبيقي.وبيّن الغامدي أن التعليم عندنا لا يتم غالبًا إلا في المستويين النظري والتجريبي ويغيب المستوى التطبيقي بصورة شبه كاملة لولا بعض أشكال النشاط الطلابي الذي قد لا يكترث به كثيرًا. فالنشاط النظري ينقل حقائق العلم للطالب لكنه من دون إجراء التمارين والتجارب يغدو الطالب مجرد حافظ للمعلومات، ومن دون تطبيق فعلي يغدو منظرًا يحسن الكلام ولا يحسن العمل، ولو اقتصر على المستوى التطبيقي دون النظري والتجريبي لكان مجرد «صنايعي» يتقن العمل لكنه لا يقدر على ترك تراث في فنه ينهل منه الآخرون، وبسبب غياب المستوى التطبيقي أصبحت طرق التعليم تقوم على التلقين وعلى الملاحظة العابرة لأن المستوى النظري لا يناسبه إلا ذلك فقط والتجارب والتمارين لا يناسبها إلا الملاحظة العابرة، وهكذا قمنا بتخريج أجيال تجيد الكلام أكثر مما تجيد العمل.