تواصل » صحف ومجلات

جهادٌ من غير جهاد..!

في 2015/08/25

خالد السيف- الشرق- «1»طالما أنّ المعركة ليست في ساحات الأعداء فما ثَمَّ من جهادٍ معتبرٍ إنْ هو إلا إهدار للقوة ومزيد سفكٍ من دماءٍ معصومةٍ تمضي بالاتجاه الخاطئ الذي يجعل من: «الفتنة» سلطاناً غاشماً تحكُمُ بتغوّلها حياةَ الناس وتعيث فيهم فساداً وإهلاكاً للحرث والنّسل.. وهذا مناخٌ تتناسل فيه نابتاتُ: «الخوارج» ممن يدور أمرهم ما بين البدعة الاعتقاديّة والكفر ما يعني أنّ الحكم عليهم قولٌ واحد وهو استئصال شأفتهم، هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون.

«2»لكلمة: «الشهادة» سرٌّ وسحرٌ -حلالٌ- في نفوس المسلمين؛ لا يُمكن أن يُقاوم، كما أنّ السبيل استبسالاً في نيلها لم يعد صعباً في ظلّ فقهٍ يبسطُ المعاني (الشرعية) بعموماتٍ/ وإطلاقاتٍ تبدو لكل غِرٍّ أنّها مُفصّلةٌ على مقاسات نفسيّته المأزومة على نحوٍ يرى نفسه أنّه الأجدر بها!. في حين أنّ لـ: «الشهادة» في سبيل الله معنىً أسمى من أن يكون طريقاً عِوجاً ينتهي بصاحبه إلى حيث التدمير والتخريب بمنهجيّة الظلم والعدوان!! وليس بخافٍ أنّ من يعجز عن عمارة: «الحياة» في سبيل الله سيجد له في: «الاستشهاد» مراغما وسعة سياقٍ من هروبٍ يُداري به فشله وما علِم أنّه بمثل هذا الفعل كان يُفصح – وهو من خلفه – عن طفولة تديّنٍ/ وصبيانيّة فقه/ ومراهقةٍ عقليّة.!

«3»الجماعات الجهادية ذات النزوع: «التكفيريّ» مهما يكن من علو صوتها اليوم وذلك لجملة من أسبابٍ يشغل: «السياسيُّ» أهمَّ مواقعها صِناعةً/ وتأثيراً إلا أنّي -فيما أرى- أحسب أن تلك الجماعات إنما تعيش مقدمات نفوقها؛ إذ هي في مراحلها الأخيرة التي تسبق في العادة اللحظات النهائيّة بين يدي لفظ الأنفاس موتاً/ وهلاكاً ذلك أنها قد استنفدت كلّ طاقاتها (وبدائلها) بفقهٍ معوجٍّ كان شعاره المعالجة الفورية وفق خصائص المجازفة بأداءٍ صِبْغته الانفعال والحماقة فيما شيوخه متعالون تكبّراً واعتداداً بذواتهم حد التّورم انتفاخاً.! ولئن كانت هذه الحركات بفقهها/ وأفعالها وشيوخها/ عرّابيها تعكس أزمة ثُلّة فإنها بالضرورة ليست أزمة أمة إذ هي تنبئ عن أزمة جيلٍ رُهِن تكوينه بأسباب ذاتيّة/ وخارجيّة ما يعني كما قلت قبلاً أنّها: أزمة جيلٍ لا أزمة مصير! ومن أجل هذا يلزمنا أن نأخذ ما نمرّ به من أزمة بموضوعيّةٍ واعتدال حتى يكون لنا أملٌ بتجاوزها، ولديّ بإذن الله تعالى يقينٌ مطلقٌ بإمكانيّةِ التجاوز لهذه الأزمة وبأنّ الأجيال الآتية -وقد وعت الدرس جيداً- ستكون إذ ذاك في منأىً عن حبائل مثل هذه الجماعات التي ستكون حينها في رمقها الأخير وسنشهد قبرها عما قريب.

«4» ما من فرقٍ يكاد أن يُذكر فيما بين: «الحكومات المستبدة» وبين: «الجماعات الجهاديّة/ التكفيرية» من حيث الطغيان والإفلاس في مشاريعها التي تُعلن عنها: «نظريّاً» ليلاً ونهاراً ذلك أنّ الحاكم المستبد -في عالمنا الإسلامي- حين يُفلس سياسياً فإنّه ما من شيءٍ قد بقي له فيحسن فعله وبالتالي ألفى نفسه فارغاً من أيّ مقوّمٍ يُمكن أن يُبقي نظامه حيّاً فيَعمد تالياً إلى: (إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية) على نحوٍ شائهٍ تكون معه: «الشريعة» بعُرفِ هؤلاء ليست سوى: «العقوبات» من جلد أو قطع..و..و.! ولنا في: «النميري» وفي: «صدام حسين» مثلان خاسئان وبئس مصيرهما!

وكذلك هو الشأن في جملةٍ كبيرة من: «الجماعات الإسلامية» فيوم أن وجدت نفسها هي الأخرى وقد عجزت عن الإسهام في تحقيق معاني الاستخلاف في عمارة الحياة الدنيا يمّمت وجهها شطر: «الآخرة» وأعلنت الجهاد (اسماً/ بينما هو العنف حقيقةً) ابتغاء أن تبقى لتلك الجماعات حضورها ويبقى لقياداتها شغل يملأون به فراغهم وجيوبهم.… في المقالة القادمة إجابة عن سؤال هل: الجهاد في الإسلام غاية أم وسيلة؟