فاطمة الصديقي- الوطن - قوة الدول الخليجية قوة لا يستهان بها؛ ليس لأنها دول تمتلك قوة الموارد الطبيعية فقط، وإنما قوة دول الخليج تكمن في التفاف الشعب الخليجي حول قيادته وحكامه على مر الأزمنة، وقد حاول المترصدون مراراً تمزيق دول الخليج العربية؛ إلا أن جميع خططهم باءت بالفشل، حتى في محاولاتهم العقيمة لإشراك دولنا في منعطف «الربيع العربي».
مصطلح فرق تسد مصطلح سياسي عسكري، يهدف إلى تفكيك قوة الخصم إلى قوى متفرقة يسهل بعدها التحكم بهم، فقد بدأ استخدام مصطلح «فرق تسد» ونفذ بعد استقلال الدول العربية والخليجية من الاستعمار الإنجليزي، بعدما علق الاستعمار مسألة الحدود الجغرافية بين البلاد العربية، وإيهام كل دولة بأحقية الحدود من جارتها، مما جعل بعض الدول العربية تتنازع فيما بينها من أجل حدود بلادها الجغرافية، هذا النزاع يأتي بالتأكيد في صالح دول الغرب والدول المصنعة للأسلحة، فقد جعلت من دولنا تتلهى بالحدود وتغض الطرف عن أمور أخرى، منها تصنيف الاستعمار للشعوب ليس لانتمائهم الوطني وإنما تصنيف طائفي على حسب مذاهبهم وطوائفهم، بعدما كان الشعب الواحد يعيش بسلام يجمعهم حب الوطن، فقد صدرت دول الاستعمار للدول العربية أيديولوجية ولاية الفقيه التي تخدم الدول العظمى منها إسرائيل وبالطبع إيران، من أجل تقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة تتنازع فيما بينها لنصرة مذهبه.
لا شك بأن هذا النزاع الطويل، والذي يؤدي إلى إشعال نار الطائفية وحروب داخلية تنتهي بإنهاك قوى الدول العربية والخليجية، فقد صدرت الدول العظمى وموالوهم في الآونة الأخيرة النزاعات بين الطائفة الواحدة والتي تمثلت في ظهور الجماعات التكفيرية، ليس بين الطائفة السنية فقط؛ وإنما بين الطائفة الشيعية أيضاً، فعندما تكفر ولاية الفقيه كل من يشارك في الانتخابات الوطنية وتحرق بيوتهم وسياراتهم وتهددهم بالقتل، وتجبرهم بالقسم والحلف على القرآن على قرارات ولاية الفقيه في وطنيتهم، وتكفر كل من يقف مع وطنه وقيادته، فهذا سبيل جيد وحل في الصميم لتمزيق الوطن.
كل ذلك، أدوات استخدمتها الدول العظمى بمنهجية حتى تتحكم في مصائر الدول العربية وتتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية، فالعراق مثال واضح، فهي دولة لم تعرف الطائفية إلا بعد الغزو الأمريكي، حيث سوقت الولايات المتحدة الأمريكية للجميع، بأن الحل لفض النزاع الطائفي في العراق هو تقسيمها، بهدف نهب ثروات العراق أكثر فأكثر، ومن أجل إرضاء إيران التي لا تنفك هي الأخرى في تصدير الإرهاب للوطن العربي وخصوصاً بين طوائف الدول الخليجية.
جميعنا يعرف ما هو مصطلح فرق تسد وكيف استخدمتها دول الغرب لتشتيت قوى العرب واتحادهم وبث النزاع والحروب في الشرق الأوسط، جميعنا يعلم بأن تقسيم الشرق الأوسط يصب في صالح إسرائيل وإيران، ولاشك بأن الشريك الذي لا ينفك في أخذ حصته من أرباح المساومة والمراهنة على الدول العربية هي أمريكا الصديقة لمصالحها والعدوة لمصالحها أيضاً، فنحن نعرف عدونا ونعرف خططهم والخطط البديلة أيضاً، ولكن ماذا بعد هذه المعرفة، ماذا بعد فرق تسد؟ فهدفهم نزاع طويل دموي تكفيري يضرب في عقيدتنا وإسلامنا أولاً.
ألم يحن الوقت للاتحاد بعد؟ فلما هذه الغفوة بين الحين والحين؟ فآباؤنا وأجدادنا لم يرووا لنا قصص الاتحاد وقوته عندما كنا صغاراً للسرد فقط أو التسلية، وإنما قصصهم هي عبرة لكل من يعتبر عبر الأزمنة وقبل فوات الأوان.