وليد الرجيب – الرأي- كيف لا ينتشر الفكر التكفيري في بلداننا، ونحن نعيش حالات من التخلف الاجتماعي والثقافي، إضافة إلى الفساد المستشري، فالخبر الذي نشرته جريدة «الراي» يوم الثلاثاء 10 أغسطس الجاري، حول الرجل الباكستاني الذي منع رجال الإنقاذ من إنقاذ ابنته الشابة التي كانت تغرق أمام عينيه، وصم آذانه عن صراخها وطلبها النجدة، بحجة شرف ابنته، فهو يفضل وفاة ابنته على أن يمسها رجل غريب، رفض إنقاذ فلذة كبده باسم الدين والإسلام والشرف، رغم أننا إذا تمعنا جيداً سنجد أن ترك إنسان يموت وهناك من يستطيع إنقاذه، هو شكل من أشكال القتل التي يحرمها الإسلام، وهذا الخبر هو أوضح دليل على التخلف الثقافي والاجتماعي.
وهذا النوع من التخلف موجود ومنتشر في مجتمعاتنا، فهناك كثير من الرجال لا يسمحون لطبيب مختص أن يعالج زوجته أو ابنته، وكأن العلاج شكل من أشكال الاغتصاب، بل إن رجلاً عربياً فضل أن تموت زوجته بانفجار الزائدة الدودية، على أن يجري الطبيب عملية جراحية عاجلة لها، بحجة أن ذلك سيكشف جسدها أمامه وأمام الطاقم الطبي.
والتخلف هو فكر وسلوك، فالأخبار التي تأتينا من المدن السياحية الأوروبية عن سلوك المواطنين الخليجيين، مخجلة للغاية وتعكس ثقافة مجتمعية سائدة، فمن رمي الأوساخ على الشواطئ اللازوردية النظيفة، إلى الشواء في أماكن ممنوعة، هذا ناهيك عن استعراض سيارات مذهبة ومرصعة، في شوارع أوروبا وكأن ذلك سيثير إعجاب الفتيات، بينما هو يثير استغراب تلك الشعوب، ودهشتها واشمئزازها من شذوذ هذا التفكير، أضف إلى ذلك فرش الحدائق العامة الخضراء، على شكل «كشتة» وشرب الشاي ورمي المخلفات.
أنا أجزم أن هذه النماذج المتخلفة، لم تزر متحف اللوفر أو صالة عرض للفنون التشكيلية، أو تحضر أوبرا أو مسرحية عالمية، أجزم أنهم لا يعرفون في الشانزليزيه سوى الأسواق والماركات ومقهى ستار باكس.
لكن التخلف لا يولد مع الإنسان ولا يتعلق بعرق ما، بل هو تربية مجتمعية لسنوات، انعكس على الأسرة وتربية الأبناء، وهو موجود في المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام، من خلال الفتاوى الغريبة التي لا علاقة لها بالإسلام ولا حتى بالمنطق والعقل، وعدم الحزم بتطبيق القوانين، فالمتنفذون مشغولون بنهب الأموال العامة، ولا يلتفتون لتردي الخدمات وانتشار الفقر والبطالة.
الحكومات هي من رعت وتبنت هذا التخلف، وسمحت بانتشاره ليصبح هو الثقافة السائدة، واستقوت بقوى الإسلام السياسي، فظهرت قوانين ليس لها علاقة بالدولة المدنية، مثل حرمان غير المسلم من الحصول على الجنسية، وفرض قانون متخلف مثل منع الاختلاط في الجامعة، والضغط لتغيير المادة الثانية من الدستور، ومحاولة أسلمة القوانين، كل ذلك يخفي الوجه الحقيقي والحضاري للكويت والكويتيين.