حسين التتان- الوطن - من المؤكد أن التطرف الديني يعتبر من أخطر أنواع التطرف في عالمنا المعاصر، بل ربما في كل العصور، والأشد منه هو التطرف الديني المصبوغ بالألوان السياسية الحادة، وهذا تماماً ما تقوم به الجماعات الإسلامية المتطرفة عبر العالم.
هذه الجماعات لا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل هي جماعات مدفوعة الأجر من طرف قوى سياسية واستخباراتية عالمية، تحاول تشويه صورة الإسلام بكل الوسائل والطرق، حتى ولو كلفها ذلك حياة أصحابها. أولئك الذين هم عبارة عن «مشاريع انتحارية»، إضافة لمشروعهم التخريبي الأكبر والذي يعد اليوم من أضخم المشاريع التي تتكفل بتشويه سماحة ديننا الحنيف.
إن الكم الهائل من الصور الدموية البشعة التي تتدفق عبر «الملتيميديا» هي نتاج ذلك المشروع التخريبي الذي يهدف كما ذكرنا لضرب الإسلام وتشويه صورة جميع المسلمين عبر العالم، فصور تقطيع الأطراف والرجم والسحل ورمي الأبرياء من فوق أسطح المنازل وكذلك الحرق والغرق وكل أشكال العنف والدموية القاسية، هي التي يشاهدها العالم كل دقيقة عبر الوسائط المتعددة باسم الإسلام!
يبدو أن الجماعات الإرهابية استطاعت أن تحقق الكثير من مشروعها التدميري، كما استطاعت أن توصله من خلال تلكم الوسائل إلى العالم كله، ومازالت تسير باتجاه التشويه، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فالهدف أُممي والغايات متعددة، لكن النتيجة في سياق هذه الفوضى هو أن يظل الإسلام من أبشع الديانات عبر العصور.
الطامة الكبرى في هذا الموضوع الشائك والمعقد هو موافقة الكثير من علماء المسلمين والمجاميع الإسلامية لمثل هذه الأعمال الهمجية وإعطائها مسحة شرعية وفقهية، بل ومباركة بعضهم لمثل هذه الأفعال الإرهابية، مما أعطى الإرهابيين كل الشرعية في أن يمارسوا أبشع الممارسات الإرهابية باسم الدين.
ليس هذا وحسب؛ بل هنالك من الدول الإسلامية والكثير من المثقفين من تبنى منهم شرعية هذه الجماعات الإرهابية، ليس حباً فيها بل نكاية بخصومهم السياسيين أو الفكريين، مما عقد الحلول في محاربة الإرهاب العالمي، حتى أدى ذلك إلى انقسام المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب الشرعية في سبيل الحفاظ على سمعة الدين الإسلامي النقي، ناهيك عن مسألة البقاء على شرعية الدول في مقابل البقاء على شريعة الإرهاب.
يكمن الحل في أن تقوم الدول العربية والإسلامية ومعها الكثير من الدول المتضررة من قضايا الإرهاب بالوقوف في خندق واحد في معركتهم المصيرية ضد كل من تسول له نفسه بتشويه الدين الإسلامي أو الإضرار بالمكتسبات الإنسانية والحضارية لكل الشعوب والدول، والحفاظ على القيم والمبادئ التي هي محل إجماع دولي، والإبقاء على حياة الإنسان، مهما كان لونه أو جنسه أو دينه، فهذه هي المضامين التي جاء من أجلها الإسلام الذي طالما حاول الملايين من أعدائه تشويهها عبر التاريخ القديم والحديث، أما ما تقوم به الجماعات الدينية السياسية المتطرفة، فهو عين الكفر في نظر كل الديانات السماوية والأرضية.