صالح عربيات- الشرق-
في أوروبا، من الطبيعي جدا أن يعمل ابن وزير (مطرب) حفلات، ومن الطبيعي جدا أن تجد ابن رئيس وزراء يعمل في محل (أسماك)، ومن الطبيعي جدا أن تجد زوجة رئيس دولة (خياطة)!
في الولايات المتحدة، قد تنشب مشاجرة بين أحد أقارب أوباما وأحد المواطنين، وحين يتم اقتيادهم إلى المركز الأمني ويتم توقيفهم، قد يعجز أوباما عن تكفيل ابن عمه، وقد يخرج بسواد الوجه إذا ما حاول التوسط له، ومن الممكن جدا أن لا يعيره عريف في الشرطة الأمريكية أي اهتمام إذا تدخل الرئيس في سلطة القانون!
في اليابان قد يتقدم الامبراطور لطلب يد ابنة شوفير (تريلا) لابنه، وحين يتم السؤال عن ابن الامبراطور قد يتبين أنه غير مناسب لابنتهم ويتم رفض الطلب، وقد يكون نصيبها عند صاحب محل (ضفادع) وليس عند ابن الامبراطور!
في تلك الدول، من الطبيعي أن يعجز رئيس دولة هناك عن تزفيت شارع لأحد المعارف، ومن الطبيعي أن يقف المسؤول على طابور الخبز، ومن الطبيعي أن يخرج من موقع المسؤولية وعليه قسط مستحق للبنك بدل شراء سيارة!
بينما في بلادنا العربية، من المستحيل أن تجد ابن مسؤول عربي كهربائي سيارات أو موسرجي أو شوفير باص، جميعهم والحافظ الله من عباقرة هذا الزمان، بحيث لا تجدهم إلا مديرين أو مستشارين، مع أن أغلبهم خريج (فنون جميلة)!
في بلادنا العربية، إذا ما ذهبت خالة المسؤول لتشتري لحمة تقول للبائع أن خالها المسؤول الفلاني حتى يعطيها اللحمة مجانا أو بنصف الثمن، وإذا ما فكر أحدهم في الاستثمار في بلد عربي تصبح عائلة المسؤول شريكة مع المستثمر بنفوذها، مع أن تاريخ عائلة المسؤول يشير إلى أنهم من شدة الطفر كانوا جميعا شركاء حتى في ( فرشاة الأسنان)!، وإذا ما فكر زوج عمة المسؤول في استكمال تعليمه الابتدائي يصبح بروفيسورا نوويا، مع أنه لم يحفظ بعد جدول الضرب!
هكذا نحن، ابن المسؤول كنت لا تجد من ترتبط به؛ لأنه يشبه رئيس السنغال، وبعد أن أصبح والده مسؤولا أصبح بنظرهن راغب علامة والكل يتسابق للارتباط به، وعائلة المسؤول التي كانت تشتري (الثلاجة) بالتقسيط المريح أصبحت تمتلك وكالة الثلاجة في البلد، وأقارب المسؤول الذين كانوا حين يشاهدون نافورة مياه يلتقطون معها (سيلفي) اعتقادا منهم أنها من عجائب الدنيا السبع، أصبحوا يصيِّفون في لندن وباريس!
هم في مصاف الدول (المتحضرة) لأن المسؤول لديهم يقسم على خدمة الدولة، فلا يخدم إلا الدولة، ونحن في مصاف الدول(المحتضرة) لأن المسؤول لدينا يقسم على خدمة الدولة، فلا يحلب إلا (الدولة)!