الوطن-
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أن الإعلام المنضبط بالصدقية والشفافية والحقائق الموثقة يحقق انتشار المعرفة الإيجابية المفيدة للإنسانية جمعاء، إلا أن تأثيراته السلبية الخطيرة وعواقبه الوخيمة في توجهه التآمري الخاطئ والمتعمد ضد الإسلام.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه - حفظه الله - مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمس في افتتاح مؤتمر مكة المكرمة السادس عشر الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي بعنوان: "الشباب المسلم والإعلام الجديد"، وذلك بقاعة المؤتمرات في مقر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
وقال الفيصل " شرفني سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بأن أكون معكم اليوم نيابة عنه - يحفظه الله - في مؤتمركم الموقر المنعقد تحت رعايته الكريمة، وأن أنقل إليكم أطيب تحياته، وخالص دعائه لكم بالتوفيق والسداد في مهمتكم الجليلة.
وقد كلفني - رعاه الله - أن أنقل تعازي المملكة العربية السعودية - ملكاً وحكومة وشعباً - من خلال هذا الجمع المبارك، إلى ذوي ضحايا حادث الحرم المكي الشريف، ونحسبهم عند الله في أعالي الجنان شهداء، ودعاء خالصاً أن يجبر - جل وعلا - كسر المصابين، ويردهم إلى أهلهم سالمين غانمين.
ترحيب
ويسعدني أن أرحب بكم في اجتماع الجلال للزمان والمكان، حيث تتوافد حشود المسلمين - على الرحب والسعة - في هذه الأيام المباركة، لأداء نسكهم، تحتضنهم قلوبنا بالحفاوة، ويتفيؤون الراحة واليسر فيما تشهدون من هذه المشاريع العملاقة، التي تواصل بها المملكة العربية السعودية ديدنها في تطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتبذل لها قصارى الجهد والمال طاعة وامتثالاً لله وأداء لأمانتها التي شرفها بها - جل وعلا - في خدمة الحرمين الشريفين وتذليل السبل للحجاج والزوار والمعتمرين.
الثروة الحقيقية
أيها الإخوة: لا مراء في أن الشباب هم الثروة الحقيقية في كل أمة، فهم الأغلبية عدداً، والطاقة الناشطة المتجددة دوماً، التي تمثل عصب التنمية وذخيرتها، في عالم يشتد وطيس التنافس بين الأمم، لبناء حضارتها على اقتصاد المعرفة الذي أصبح لغة العصر بلا منازع، ومن يتخلف فقد حكم على نفسه بالقعود خلف مسيرة القافلة.
وفي خضم هذا السباق المحموم، يتوجب على أمة الإسلام أن تؤهل شبابها: علماً وتقنية وفكراً، بما يمكنها من تحرير موقعها الريادي في عالم اليوم، استئنافا لدورها التاريخي في سالف عهدها.
وبموازاة ذلك، عليها تحصين مسيرتهم عقائدياً، بالتزام منهج صحيح الإسلام، القائم على الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والغلو والمغالاة، وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الأمة، ويشوه صورة ديننا الإسلامي القويم في عيون الآخرين.
كما عليها تحصينهم وتحذيرهم - في الوقت ذاته - من الانصياع لدعاوى الانسلاخ عن الدين، والطعن فيه واتهامه بالتطرف والجمود والتخلف.
الإعلام الجديد
و أضاف: إذا كان الإعلام التقليدي القديم، قد لعب دوراً في توجيه الرأي العام، والتأثير في المكون الفكري للإنسان، فإن الإعلام الجديد بأنماطه وقنواته المتعددة، وسيولة حركته وانتشارها عبر البث الفضائي الواسع المدى، والهواتف وأجهزة الاتصالات الذكية المتطورة التي أصبحت في متناول الجميع، قد تسيد الموقف حتى أصبح اللاعب الأول والأخطر تأثيرا في ترسيخ ما يبثه من قيم وقناعات لدى الشباب خاصة، باعتبارهم الشريحة الأكبر تعاملاً معه، والأكثر تأثيراً وتأثراً به.
التوجه الصحيح
و قال: مع التسليم بأن التوجه الصحيح لهذا الإعلام المنضبط بالصدقية والشفافية والحقائق الموثقة يحقق انتشار المعرفة الإيجابية المفيدة للإنسانية جمعاء، بالتواصل بين الأمم مع مستجدات العصر، وتحرير انتقال المعلومة النافعة بين أرجاء الأرض، إلا أن تأثيراته السلبية الخطيرة وعواقبه الوخيمة في توجهه التآمري الخاطئ والمتعمد ضد الإسلام والمسلمين (خاصة) ليست بالهينة، لأنه تيار (عولمي) يعج بالغث والسمين ممزوجين معاً، بحيث يصعب على العامة وقليلي العلم والخبرة من الشباب (خاصة) التمييز بينهما.
اختطاف الشباب
وتابع: وجد الضالون والمضللون وكذا الحاقدون المغرضون على الإسلام والمسلمين غاياتهم في استقطاب الشباب واختطاف عقولهم والتغرير بهم عبر هذا الإعلام الجديد، إما لانتهاج التطرف في دينهم أو الانسلاخ عنه، حتى رأينا - بعين الأسى - بعض شبابنا - في عمر الزهور - يساقون إلى تفجير أنفسهم في أكثر من موقع لبيوت الله ويقتلون الركع السجود! وفي المقابل رأينا بعض الأقلام المأجورة الموتورة تركب الموجة فتتهم الإسلام بأفعال هؤلاء وتدعو إلى الانسلاخ عنه!
أيها الإخوة: لقد أدركت رابطة العالم الإسلامي هذا الخطر المحدق بالأمة ودينها الحنيف، فعقدت الدورة العاشرة لمؤتمركم الموقر على عنوان "مشكلات الشباب المسلم في عصر العولمة"، ثم تابعت الطريق بعقد دورتها الحادية عشرة على موضوع "التحديات الإعلامية في عصر العولمة"، وها هي اليوم تنفذ إلى عمق معالجة المشكلة بانعقاد مؤتمركم الآني لبحث موضوع "الشباب المسلم والإعلام الجديد" وتجمع له هذه النخبة من العلماء الأجلاء المتخصصين وتنتقي المحاور الكفيلة بتسخير جهودهم في مجابهة هذا التحدي الخطير الذي يواجهنا جراء الغزو الفكري الذي يتربص بنا في منابر هذا الإعلام الجديد، سواء من داخلنا، أو بفعل أعدائنا في الخارج، الذين يخططون لهزيمة مشاريعنا الحضارية.
وها هي أمتكم تتطلع إلى القول الفصل منكم بوضع استراتيجية شاملة ملزمة لنا جميعاً، دولاً وحكومات وأفراداً، في مواجهة هذه الفتنة الكبرى.
وفقكم الله وسدد خطاكم وأثابكم خير الجزاء على ما تقدمون لأمتكم من جهد مخلص فاعل وأمين يخلص مسيرتها مما يحاك لها ولأبنائها في هذا الظرف الدقيق.
وختاماً .. أتوجه بخالص الشكر والتقدير لسماحة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، ولمعالي أمينها العام، على الجهود المميزة التي تبذلها الرابطة في خدمة الإسلام والمسلمين، ولكم جميعاً معاشر علمائنا الأفاضل.. ولكل الحضور الكريم.
الجلسات
وكانت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر شهدت كلمة لرئيس جامعة الأزهر بمصر الدكتور عبدالحي عزب عبدالعال باسم المشاركين قدم فيها خالص العزاء لخادم الحرمين الشريفين ولحكومته ولشعب المملكة العربية السعودية الوفي، ولجميع الأمة الإسلامية في ضحايا الحادث الذي أدى إلى استشهاد البعض من حجاج بيت الله الحرام قائلا، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يلهم الجميع وذويهم الصبر والسلوان، وأن يعجل بشفاء المصابين، ونحتسبهم جميعاً في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين.